الجزء الرابع عشر

53 2 1
                                    

الجزء الرابع عشر…

وبينما أنا في هذه الدوامة ⚕️ من
الحيرة والتفكير🤔 وإذا بالملك يسألني : 🔹 هل تعلم من أين أتَتك الهدية 🎁؟ 🔸 كلا لا أعلم! أخبرني بالله عليك من أين هي ؟ إنّ ابنك مُرتضى 👨🏻‍ لم يزل في عالَم الدنيا، وهو الآن شابٌ مؤمنٌ متديّنٌ جمَع مبلغاً من المال💰 خلال سنة من الجهد والتعب والعناء لغرض شراء وسيلة نقلٍ🚗 له ولعائلته👨‍👩‍👦‍👦  ولكن عندما عَلِم بوجود سبعة عوائل فقيرة في منطقته لا تملك قوت يومها، عزم على تقسيم المبلغ بينها وأهدى ثواب عمله هذا إليك.. فأمرَ الجليل الأعلى بعدم إدخالك في جبل النار وكذلك نجاتك من عذاب عشر سنين أخرى. غمرتني فرحةٌ😀 شديدةٌ فلم أتمالك نفسي، وكأنّ روحي تريد التحليق في عالَم الفرحة😅 والسرور، حتى خشيتُ الوقوع من على ظهر هذا المخلوق الذي لم يزَل يقطع المسافات الطويلة حتى أوصلنا المقصَد.. لم أكد أضع قدمَيْ👣 أرضاً حتى تذكرت أنّ مدّة العذاب كانت إحدى وخمسين سنة وثمانية أيام! قضيتُ منها ثلاثين عاماً وعُفِيَ عنّي عشرون، إذاً بقِيَ عامٌ واحدٌ وثمانية أيام! آه الويل لي وصرخت صرخة المجنون : أنا الآن لا أريد العودة إلى النار!  لا اريد! لا اطيق لحظةً واحدةً فيها.. أراد أحد الملائكة أن يجرني ويأخذني إلى الغرفة المقصودة ولكني أبَيْتُ ذلك وأجبته قائلاً: إنني اريد أن أناجي الجليل الأعلى! أريد أن أتوسل🙏🏼 وأتضرّع إلى ربي.. أليس الله هو الرحمن الرحيم ؟! أليس هو أرحم الراحمين ؟! أليس هو حبيبي في الدنيا فكيف يتخلى عنّي في الآخرة ؟! ألقيتُ بنفسي ساجداً ودموعي😭 جارية وقلبي🤍 منكسراً وأملي منقطعاً من كل شيء سوى الله.. وقرأت كلماتٍ كثيراً ما ترددت على لساني👅 في الدنيا : ((اِلـهي وَسَيِّدي وَرَبّي، اَتُراكَ مُعَذِّبي بِنارِكَ بَعْدَ تَوْحيدِكَ وَبَعْدَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبي مِنْ مَعْرِفَتِكَ وَلَهِجَ بِهِ لِساني مِنْ ذِكْرِكَ، وَاعْتَقَدَهُ ضَميري مِنْ حُبِّكَ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافي وَدُعائي خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ.. )) اجتمع الملائكة حولي وأخذتهم الحيرة من أمري، أراد أحدهم الدُنُو منّي، لعله يتمكن من إقناعي بالذهاب، لكني لم أبالِ بهم! وكنت غارقاً في عالَمٍ آخر، في عالَم عشق الله وشوق لقائه .... أحسستُ بقدرةٍ وجرأةٍ أكبر على مناجاة ربّي فدعوته قائلاً : (( إلهي وسيّدي وعزّتك وجلالِك لئِّن طالبتني بذنوبي لأُطالِبَنَّك بعفوك ولئِّن طالبتني بلُؤمِي لأُطالِبَنَّك بكرمك، ولئِّن أدخلتني النّار لأخبرَنَّ أهل النار بحبّي لك )) كان بعض الملائكة يقول : إنّه إنسانٌ مؤمنٌ وفي حال مناجاةٍ لله تعالى، ولو لم يكن مؤمِناً لما أجاز الله له ذلك.. علينا الإنتظار حتى يأتي أمرٌ من الجليل الأعلى. ازددتُ شوقاً إلى لقاء ربّي ومَرضاته، وأحسستُ بإنقلابٍ عظيمٍ في نفسي، حتى بدأتُ أشعر أنّ حاجتي إلى الله تغيرَت وتجاوزَت حدود الخلاص من عذاب سنة أخرى.. وأصبحتُ أطلبُ النجاة من عذاب فراق ربّي فدعوته مُردِداً : وهَبْني (يا اِلـهي) صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ فَكَيْفَ اَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ اِلى كَرامَتِكَ اَمْ كَيْفَ اَسْكُنُ فِي النّارِ وَرَجائي عَفْوُكَ فَبِعِزَّتِكَ يا سَيِّدى وَمَوْلايَ اُقْسِمُ صادِقاً لَئِنْ تَرَكْتَني ناطِقاً لاَِضِجَّنَّ اِلَيْكَ بَيْنَ اَهْلِها ضَجيجَ الاْمِلينَ (الاْلِمينَ) وَلاََصْرُخَنَّ اِلَيْكَ صُراخَ الْمَسْتَصْرِخينَ، وَلاََبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكاءَ الْفاقِدينَ، وَلاَُنادِيَنَّكَ اَيْنَ كُنْتَ يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ...
وبينَما أنا بهذه الحال وإذا بي أسمع👂 صوت ملك أقبل علينا وهو ينادي : اتركوه قد انتهى عذابه وعُفِيَ عنه! قد جعل الله نفسه شفيعاً إليه! لقد كان وجه ذلك الملك يشع بالنور الساطع والجمال الباهر ويبشّر بالخير لمن يراه، ضمّني بجناحيه وقال : إنّ الجليل الأعلى يبلّغك السلام وكأنه يقول : عبدي إنني ما تخليتُ عنك، ولا طردتك من رحمتي، لكنك كنت متقرِباً منّي مرّة وتبتعد عنّي أخرى، وأنا دائماً أناديك وأدعوك بالتقرب والزُلفى لديّ، أما عذابك في جهنم فهو لروحك تزكية ونقاء كي تعيش حياة الأبد طاهراً لا يحجبك عنّي شيء. بكيتُ😭 بكاءاً شديداً عندما سمعت كلام الملك وخطاب الجليل وصُعقتُ صعقةً غُشي عليّ على أثرها، فلم أعد أرى👀 ولا أسمع👂 ولا أشعر بشيءٍ وغرقتُ في إغماءٍ عميقٍ عميقٍ ... وكانت العودة للأحباء.. كان لقائي مع أول حبيبٍ لي وأنا في أحضانه، إنه عملي الصالح الذي عندما أفَقتُ وفتحتُ عينَي أطلَت عليّ إشراقته المنيرة وابتسامته 🙂اللطيفة. قال بصوته العذب :
كيف حالك يا سعيد👨🏻‍، أحمد الله على سلامتك.. مدّة طويلة مضَت وأنا أسعى لخلاصِك من المأزق الذي وقعت فيه، ولنجاتك من بلايا أعمالك السيئة . لم أصدق ما أرى، هل هو حقيقة أم أنني أعيش في عالَم الوهم والخيال ؟ فبادرني بكلامه ثانيةً : 🔹 سعيد أنا عملك الصالح، أنا رفيقك وهاديك، هل نسيت لقائي معك منذ ثلاثين عاماً ؟ بدأ يمسح دموعي😭 الجارية فرحاً للقائه! إنها دموع لقاء الحبيب لحبيبه، لقاء المشتاق إلى من إشتقتُ إليه سنين وسنين قلتُ له معاتباً : 🔸 أين كنتَ طوال هذه المدّة أنسيت وعدك لي في مرافقتي والدفاع عنّي عند الشدائد والبلايا ؟ لقد قضيتُ أقسى وأمرّ العذاب، وما كان لكَ حضورٌ معي لتواسيني على مصائبي، أو تخفف عني آلامي . 🔹إنني لم أتخلَ عنك أبداً، وسعيتُ جاهداً طوال هذه المدّة لنجاتك إذ كان لي علمٌ بما تعانيه وأولُ عملٍ أنجزته لك هو إيصال خبر إلى ابنك مُرتضى في المنام بأن والده يتعذب بسبب أنَّ عليه دَيْنٌ سابق إلى صديق له اسمه أحمد لم يؤدِه إليه.. وفي اليوم التالي ذهب مرتضى إلى العنوان الذي أُعطِيَ له، فوجد الرجل قد توفي حديثاً، لذلك اعطى المبلغ إلى إبنه الأكبر، وأخبره بما جرى وبالرؤيا في منامه بشأن والده، وطلب منه براءة الذمّة لتأخير ذلك المبلغ، وقد رأيتَ أثر هذا العمل بفرار العقرب🦂 العالق من قدمك أليس كذلك ؟ آه الآن فهمت سبب فرار العقرب! جزاكَ الله عنّي خيرَ الجزاء، لقد كان يؤذيني كثيراً بشوكته، لا أعاده الله لي . 🔹كما أنني فرحتُ😅 كثيراً عندما علمتُ بهدية🎁 مرتضى إليّك ومنذ ذلك الوقت سعيتُ بكل وجودي لخلاصك الأخير من جهنّم حتى تمكنتُ من الحصول على إجازة الجليل الأعلى بمناجاته والتضرع إليه، ومن ثم إذنه تعالى بنجاتك وإخراجك من نار🔥  البرزخ، ولم أترك هذا الأمر حتى أوصلتُك إلى المكان الذي أنت فيه الآن.. كما أنني هيأت لك دار استقرارك ومحل سكناك في الجنان التي سوف نرحل إليها بعد ثلاثة أيام . 🔸 لا أعلم كيف أشكرك، جزاكَ الله عنّي خير الجزاء.. 🔹لا تنسى أني خُلاصة أعمالك الصالحة، وكل ما استكثرتَ منها في الدنيا كانت قدرتي على الدفاع عنك أكبر و جاهي عند الملأ الأعلى أعظم. بينما كنّا نتحدث و إذا بثلاث وجوه منيرة أقبلَت علينا...

سفر الى عالم البرزخ مكتملهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن