الجزء الثالث عشر

68 1 0
                                    

الجزء الثالث عشر...

مضت فترة أخرى في جهنم
كنتُ خلالها متعجباً ومتألماً من العقرب🦂 العالق في قدمي كيف لا يمل ولا يهدأ، وكيف لا يحترق بتلك النيران🔥 وحرارتها العالية.. وذات يوم سمعته👂 صرخ صرخة عظيمة، وأخرج شوكته ثم لاذ بالفرار بعيداً، وحينها ما وجدت سبباً لتصرفه هذا ولا علمت حدثاً يستوجب فراره هكذا !! في يوم من الأيام، اخبرني أحد خزنة جهنم أن غداً سيكون العذاب من نوع جديد وهو صعود جبل من نار، وسيكون عذابه لي ذا درجة قليلة نسبة مع من يتسلقه من اصحاب الذنوب والمعاصي و قال أيضاً: سيكون العذاب على كل فرد يختلف عن الآخر تبعاً لدرجة معاصيه وملكاته الفاسدة . جاء الغد وإذا بالملائكة يأتون بأشكالهم المخيفة ويجرونني ذليلاً على أرض جهنم الملتهبة نيرانها، فلا أدري من أي الآلام أصرخ و أستغيث؟! مِن حرارة النار🔥 تحت قدمي🦶، أم مِن جروح بدني الحارقة، أم من أثر سياط الملائكة الموجعة، أم مِن أثر الأشواك الحادة فهي كالسكاكين🔪 المبعثرة هنا وهناك، أم من لدغات العقارب🦂 والأفاعي🐍 والتي أخذ كل منها سهمه مني أم من الوحوش المرعبة التي ما تركتني حتى غرزت أنيابها في بدني.. ❗️
فقلت عجباً لأعمالي التي تجسمت بهذه الصورة فأصبحت قطّاع طرق لي! ❗️وعجباً لنفسي إذ كنتُ غافلاً عنها ولم أطهرها يوم كانت لدي الفرصة لفعل ذلك . وعجباً أن كل ما لاقيته الآن هو في طريقنا إلى جبل النار، فكيف إذا وصلنا اليه؟! أم كيف سيكون العذاب فيه وأنا بهذه الحالة من الضعف والعطش والجوع ... وصلنا المقصد فألقوا بي أرضاً مكبّل الأيدي👐 والأرجل🦶🦶 على أرض يجري فوقها ماء أسود كالقير يغلي كغلي القدور والنار🔥 ملتهبة مشتعلة فيه وقد احاطت بي من كل جانب . ذهبوا عني وتركوني أتلوع وأتضرع، فنظرت👀 أمامي وإذا بجبل عملاق لا تُرى قمته ولا تهدأ نيرانه، قد أُحيط بسور عظيم و أمام السور ملائكة غلاظ شداد ذوي هياكل ضخمة ووجوه مرعبة قد وقفوا بهيأة محكمة وصفوف منتظمة . بقيتُ و أنا بهذه الحالة أنظر مبهوراً🥺 خائفاً و إذا بأحد خزنة جهنم يضربني بسوطه ثم يقول: إن صعود هذا الجبل الذي تراه أمامك يستغرق عشر سنين حتى تصل قمته، وسوف تلاقي مصائب وبلايا وأنواعا من العذاب جديدة ومنهكة ومؤلمة حتى تصل آخره ثم يُلقى بك من تلك القمة في وادٍ مظلم معتم لا ترى فيه حتى قدميك👣 قد ملء بأنواع الوحوش المفترسة الجائعة تأكل فيك ولا تشبع وهي على هذه الحال مدة ثلاث سنين، ثم توضع ممدوداً مقيداً في صندوق من حديد ساخن مدة خمس سنين وسترافقك فيه أعداد من العقارب🦂 القارصة والأفاعي🐍 السامة الملتهمة، بعدها يفعل الله ما يشاء . سكت قليلا ثم أضاف وكأنه يهوّن علي ما سألاقيه فقال : 🔺 إن البعض منهم يستغرق صعوده الجبل آلاف السنين، ويلاقي فيه أنواع أشد وأشد مما سوف تراه وتلاقيه أنت في صعودك، ويبدو لي أنك انسان مؤمن تقي، لكن لم تزل فيك ملكات فاسدة بدرجة ضئيلة إذ أنك ما استأصلتها من جذورها، تبعتها اعمال سيئة، فتجسمت جميعها بهذه الصور من العذاب التي سوف تلاقيه في صعودك جبل النار هذا... أصابني غم شديد وحزن😔 عميق وخوف لا يوصف مما أنا فيه ومما ينتظرني من أهوال وبلايا لكنني أحسست حينها بقدرة التوجه إلى ربي ومناجاته... فبكيت 😭بكاءاً شديداً وتضرعت إلى ربي متوسلاً وانطلق لساني👅 مردداً: يا غافر الذنب يا قابل التوب يا عظيم المن يا قديم الإحسان.. أين سترك الجميل أين عفوك الجليل أين فرجك القريب أين غياثك السريع أين رحمتك الواسعة.. أقبل نحونا ملك حسن الوجه جميل المنظر فاستبشرت من قدومه وكلما كان يقترب أكثر ينفتح صدري أكثر حتى وصل إلينا، فسلّم ثم تحدث مع الخازن المرافق لي بحديث قصير وذهب وتبعه الآخر بعده ! بقيت وحيداً مبهورا ًمما حدث متحيراً في أمري وما سيؤول إليه مصيري، أحسست بخفوت النار حولي وبرودة الماء الأسود تحتي حتى اختفى فقلت في نفسي : أترى حان وقت الاستراحة ! كلا ليس هذا وقتها.. إذن لعل زائراً محترماً يريد القدوم ! لا أظن ذلك إذ لا زال العذاب قائماً على غيري.. أترى هو ضوء أمل بالنجاة ؟ نعم لعله مقدمة لذلك، ولكن بأي سبب فملائكة ربي لا يخطئون في حساباتهم ولا يزيدون في العذاب ولا ينقصون إلا بأمر من الجليل الأعلى، كما أنني لا زلت مكبّل الأيدي👐 والأرجل🦶، وما زال جبل النار يرعبني بضخامته ونيرانه.... آه .. حقيقة عشت بين الخوف والرجاء، واليأس والأمل.. فتراني تارة أضحك😅 وأخرى أبكي😭 وتارة تخنقني حسرة أعمالي التي أوصلتني إلى هذا المقام من الذلة والعذاب! لم تمض مدة طويلة حتى أتاني خازن آخر ومعه مخلوق غريب لم أرَ مثله من قبل.. كان بدنه كالفرس ووجهه كملائكة الغضب وله جناحين كبيرين. تقدم الخازن نحوي وفتح عني قيودي وقال : لقد وصلتك هدية🎁 كبيرة من أهل الدنيا لذا أمرت بنقلك إلى غرفة بعيدة عن جبل النار، وسوف تستقر فيها حتى يأتي أمر الله . لا استطيع ان أصف حالتي ساعة سمعت ذلك فأصبحت كالمجنون الذي يتخبط هنا وهناك لا يعلم ماذا يفعل! حتى هدأت والملك ينظر👀 لي ثم أخذ بيدي وأشار لي بالصعود فوق ظهر ذلك المخلوق الذي معه.. انطلق بنا بسرعة فائقة واعتلى محلقاً فوق أرض جهنم، فرأيت في طريقنا مشاهد يشيب الرأس لرؤيتها فكيف بمن يعيشها !؟ رأيت أعداداً لا تحصى من البحار🌊، ويبدو أنها بحار من المُهل والغسلين التي قرأت عنها في عالم الدنيا.. ورأيت دوراً لا تحصى من الرصاص، وأخرى من النحاس وأخرى من الحديد، وبينما كنت أنظر لها مبهوراً قال الملك : في كل دار منها سبعون ألف تابوت من نار🔥 وفي كل تابوت ألف حية🐍، ومن كل حية يصدر ألف نوع من العذاب ! ورأيت نساء معلقات بشعورهن ويصرخن صراخاً شديداً اختلط مع صوت غليان أدمغتهن، وعليهن سلاسل من حديد ساخن محمَر.. ورأيت نساءً على صورة كلاب🐶 والنار تخرج من أفواههن👄.. ورأيت نساءً معلقات بألسنتهن👅 وصراخهن مثل صراخ الحمير🐴 والنار تأكلهن، والحيات🐍 والعقارب 🦂 تلسعهن وتنهشهن.. التفتُ الى الملك لعله يوضح لي شيئاً مما ارى فتدارك نظراتي اليه وقال: الصنف الأول هن اللواتي يكشفن شعورهن وزينتهن لغير أزواجهن.. والصنفان الآخران اللواتي يؤذين أزواجهن بغير ضرورة.. اشمأزّت نفسي من بشاعة هذه المناظر، وأغلقت عيني وأطرقتُ قليلاً وأردتُ أن أشغل فكري بأمر آخر، فحضر لدي أمر الهدية🎁 التي وصلت من الدنيا وتساءلت في نفسي : تُرى من الذي ذكرني بعد ثلاثين عاماً؟ جزاه الله عني خيراً، تُرى هل هي أمي👵🏻 أم أبي🧔🏽 ؟ كلا لا أظن أنهما في عالم الدنيا بعد هذه المدة، تُرى هل هي من زوجتي🧕🏻 ؟ كلا إنها فارقت الدنيا قبلي! إذن لعلها من أحد أصدقائي ؟ آه تذكرت صديقي مؤمن👨🏼‍، ليتني أعلم أين هو الآن، هل ما يزال في عالم الدنيا ؟ وهل هو الذي أهدى لي ذلك ؟ لا أعلم ....

سفر الى عالم البرزخ مكتملهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن