NN₅

429 55 15
                                    





فِي صالُون التّجمِيل ..

سونو قَد قَام بتَقلِيم أظَافِره ثُم تزْيِينها مِن قِبَل تلْك العَامِلة التِي لَم يُسلّم مِن نظَراتِها البَاعِثة لِلقشْعرِيرَة

إرتدَى عدساته ثُم حدّق بِإنعكاسِه وبِمظهرِه الجدِيد الخارِج عَن المَألُوف

لاحَظ نظرَات تلْك الآنِسة المُشمئِزَّة منْه والتِي كانَت قَابِعة علَى كَراسِي الإنتظَار

كَيف وكأنّها كانَت تَستهجِن نعُومتِه الزّائِدة وجِيناته الأنثوِية وكَيف كَان هُو الصّبِي الوحِيد فِي صالُون التّجمِيل هذِه

نظَراتِها تَستنطِق بِـ 'كَيف تتجرّأ بِأن تكُون أنعم منِّي؟'

نفَض شعرَه المصبُوغ حديثًا بِلَون الزَهرِي العليقِي ثُم نهَض مِن مَجلسِه دُون إكترَاث لنظرَات تلْك الآنسِة الحَارِقة

بخُطواتٍ رقِيقَة .. لعَق شفتَيه وقَام بِتلوِيح هَاتفه فِي الهوَاء بكُل رقَّة وكأنّه يَستقصِد إستفزَاز تلْك الآنِسة

فلتمُوت بَائِسة بغَيظِها

قرَأ لاَفِتة المدخَل لِيتضاحَك بعذُوبة واضِعًا كفِّه علَى فَاهِه بنُعومةٍ فَائِقة

(إطْلاَق الغازَات مُحرَّم، التّثاؤب ممنُوع، والتجشُّؤ محظُور، يُمنع منعًا باتًا العطْس فِي الدّاخِل)

مدّد هيكَل جسدِه مُتثائبًا، مُخترقًا القوَانِين ومُتغاضِيًا عَن العَامِلة التِي تُحدّق بِه بوجهٍ دموِي وأعيُنٍ مُتقِدة بِالشّرارَة

كَيف كانَت تؤدِّي عملهَا مُكرّهة وبقلبٍ مَغلِي بِلهَب الحِقد لكَون رئِيسة الصّالُون تَستلطِف سونو وكَيف تُعامِله مثْل إبنهَا

تصاعدَت ضِحكاتِه العذِبة فِي الأنحَاء أكثَر فأكثَر .. فلتمُوت تلْك الأخرَى بضغِينتهَا المُشتعِلة

العَامِلة تُؤدِّي عملهَا بوضْع فتِيل الشّمع علَى سَاق الآنِسة

الرِّئيسة قامَت بِإنتشَال اللافتِة ثُم قذَفتها تجَاه أقرَب تخزِين للقُمامة وشاركَت سونو بضِحكاته علَى نفْس الوتِيرَة

"أتعرِف؟ إبنِي يقُول أن إطْلاق الرّيح لَيس بعَيبٍ، الأهَم أن تَملِك القلِيل مِن الحيَاء وتَحترِم خصُوصِية المكَان، لكُل شَيء حدُودِه الخَاصة ومكَان إطْلاق الرِّيح متَاح دَائِمًا"

"مَا إسْم إبنُكِ؟"

"نيكِي"

خرَج بعْد أن ودَّع رئِيسة الصّالُون التِي قَامت بِإحتضَانِه بحنِّية كبِيرَة ومودَّة لطِيفَة

كانَت كبِيرة فِي السِّن، بكلِماتهَا اللينَة ورِفق طِيبتهَا

ما زالَت يافِعة وجمِيلة بخُصلاتِها البيضَاء المُزرَقة وتَجاعِيدهَا العتِيقَة ونظَراتِها المُشبّعة بِالدفْء

نقَر علَى رسَالَة غَير مقرُوءة فِي البرِيد يُحاوِل إختِتَام فحْواهَا

"أترِيد أن تكُون معَهم أم ضدِّهم؟ أم مُرادِف لهم؟ وكأنّك الإصدَار الأخير منهُم؟ أو التشكِيلة الجدِيدَة المُزخرفة بِالإصطِنَاع والزّيف مِنهُم؟ لاَ بَأس بِأن تُبرمِج نفسَك قلِيلاً ولَيس شكْلك بشكْلٍ جذرِي ولاَ بَأس بتَفعِيل وضْع النُّسخة المُعدّلة مِنك، أن تُعطِي لنَفسِك المسَاحة المُستحقّة كَي تتحسّن لِلأفضَل يَا صَديقِي ولَيس التّغيِير لِلأعلَى مقامًا منْك

لَن تَكتسِب شُحنَاتهِم السّلبِية ولَن تحتَل القِمّة، لستَ فِي إنحِطَاط ولاَ علَى خطَأ
غَير مُفترَض بِك أن تلمَع بعُلوك بجَانبهِم أو علَى الآخرِين .. لرُبما تَستطِيع أن تَبرِق مُشعًا فِي سَطحِك السّفلِي حيثُ مكَانتك الحَقيقِية

كُن لبِيبًا، رصِينًا، وطِيدًا، عطُوفًا مَع نفِسك، تمسَّك بصَلابتِك، رَاسِخ الكِيَان والظِّلال المَشؤومة بِالسّلبِية المُعتِمة، لَست مُلائِمًا لهُم لِذَا توحَّد مَع رُوحك، إلتحِم مَع الطّبيعِة مُتأقلِم الذّات

أمْنِياتِي السّالِمة، ن-ر () "

سونو كَان بمزَاجٍ جيِّد حتّى يضَع الرِّسالَة فِي محرِّك التَّفضِيل

Human Natureحيث تعيش القصص. اكتشف الآن