|١٣|مُختلُّون عقليًا!

520 54 13
                                    




جرَرتُ ساقايَ خلفي بصعوبة وإرهاق،عبرتُ الرُّواق حثيثًا وأشعرُ بجسدي يتهاوى،لم أذُق دقيقة راحةٍ منذُ عُدت من الرِّحلة،كما أنَّني كنتُ أجولُ طوال اليومِ بمعدةٍ خاوية!،أشعرُ بالغثيانِ الشديد،دلفتُ غرفتي وارتميتُ على الفِراش أستذِكرُ ملامِح السيدة ميلر حين أخبرتُها بإستقالتي،تنهَّدتُ طويلًا واستقمتُ أُحضِر حقيبتي التي أتيتُ بها لأول مرة،وشرعتُ أُلملِم حاجِيَّاتي،صِدقًا لا أعلمُ كيف لِساقاي أن تُطيقا حملي حتى الآن!،ربَّتتُ على فخذي وأخذتُ أمسُده بينما أتنقَّل من زاوِية لأُخرى،وارتديتُ قميصًا أبيض يعلوهُ مِعطفٌ ثقيل استعدادًا للخروج.

وأخيرًا حين انتهيتُ بلغني طرقٌ على بابِ غُرفتي،جهرتُ أسمحُ بالدخول لِتترائى لي إيميلي،سأفتقِدُها حقًا...

«آنِستي،تريد السيدة ميلر مناقشتكِ في شيءٍ مُهم.»

امم،أعلم بالتأكيدِ ماهِية هذا الشيء المُهم،أومأتُ سريعًا واصطحبتُ حقيبتي كي أرحل مُباشرةً،كانت الساعة قُبالة الثانية عشر بالفعلِ وقد صعَد أوليفر إلى غُرفتهِ مُسبقًا ولم يخطو خارِجها،توجّهتُ إلى إيميلي التي كانت ترمُق الحقيبة لِأرى علاماتِ الإستفهام تجول حول رأسها،هي لاتعلمُ عن أي شيءٍ،فقد أخبرت السيدة ميلر فحسب.

«آ..آنِستي،ماهذا؟!»

تساءلت بحيرةٍ فربّتتُ على ظهرها أحثُّها على السيرِ بدون أن أتفوَّه حرفًا،سِرنا بوتيرة مُنتظِمة طول المسافة وكان الهدوءُ يًخيّم على القصرِ، فور وصولنا إلى غُرفة الإستقبالِ دلفتُ رِفقة إيميلي لَأجد السيدة ميلر التي كانت في إنتظاري،اتخذتُ مِقعدًا أمامها وجلستُ وهَمَّت إيميلي بالوقوفِ إلى جانب كُرسي السيدة ميلر،ذكرني هذا بنفس الوضعِ الذي كُنا فيه حين أتيتُ أول مرة لِأجل الوظيفة وحيث كان الجو لطيفًا بيننا...عكس الآن،كان الوضعُ غير مريحٍ وشعرت بالتَّوتر.

«آنسة هِينا.»

رفعتُ بصري إليها مُستفسِرةً لأجدها تمُدُّ إلي ورقةً بيضاء لم تكن ذات هيئةٍ غريبةٍ عليَّ،وحين تذكرتُها اصفرَّ وجهي..لقد كانت ورقة العقدِ الخاص بالوظيفة.

«عِند قدومكِ طلبًا للوظيفة سردتُ عليكي الشروط،ووافقتي على جميع الشروطِ حينها بلا إعتراضٍ،وكان من ضِمنها عدم إستقالتكِ بتاتًا توفيرًا لمدة العمل المتفقِ عليها المذكورة في العقد.»

إنها نهايتي،ياللمُصيبة!
كيف غفِلتُ عن هذا! رائع! كم أنا نبيهة!،والآن أنا في موقفٍ لا أُحسد عليهِ.

«حسنًا،وإذا قمتُ بالإستقالة وخرقتُ العقد؟»

اشتدت ملامِحُها صرامةً وتفوَّهت بجمودٍ لم أعتَد عليهِ منها.

«سيتوجَّب عليكِ دفعُ هذه الغرامة.»

أشارت إلى احد السطور في الورقة فاتجهت عيناي إليها تلقائيًا،وإذا بهِ خمسة ملايين!!
اعتنقتُ الصمت بمرارة،ورفعتُ رأسي أُناظِر كلاهُما،تصاعد صوت طرقٍ على باب الغُرفة فتوجهت إيميلي إلى الباب وفتحته لِترى أحد الخدم.

أيُّها الهارِبون من براثِن رُوما حيث تعيش القصص. اكتشف الآن