|٦| زُمرّد وعسلٌ

951 88 24
                                    



شعرتُ بالمَللِ أثناء إنتظارِي لأولِيفر،ظلَلت أجولُ بمُقلتايَ حولِي بضجرٍ،حتى صفعتْ رأسي فِكرةٌ مابعدها من نعيمٍ!،إبتسمتُ بحماسٍ وغادرتُ موقعِي وصولًا إلى الطّابقِ الأوّل،ثم تسابقت خُطواتي لآخر غُرفةٍ في المَمرّ ذاتِ البابِ الفضيّ المعدنيّ مُزخرفِ الحوافّ،مُنشطر إلى شقّينِ كشقيّ بوابةِ القصرِ ويُفتحُ عن طريقِ دفعِه من المُنتصفِ دون مقبضٍ له،أسرعت في الدّلوفِ معقودةَ الأصابعِ خلفَ ظهرِي.

حينَها إستقبلنِي عبيرُ الجنةِ،شذى تِلك المخبوزاتِ القطنيّةِ والمُعجّناتِ المُتعدّدةِ ورونقُ رائحةِ كعكِ الفراولةِ الفريدة!،تراقصت معدتِي فرحًا وطالبَ فمي بتذوقِ أحدِ هذهِ الأصنافِ المُصطفّة،تسلّلتُ بحذرٍ بغيةَ إفتراسِ ماتقعُ يدايَ عليهِ،فشعرتُ بهيئةٍ صلبةٍ تحطّ على رأسي خلّفت إثرها وجعًا دامَ لبضعِ ثوانٍ،فأنّيتُ واضِعةً كفّي مكان الضربةِ وفورًا علِمتُ هويّة الجاني،التفتّ بخجلٍ للخلف وأبصرتُ جيري بمِئزرهِ الأبيضِ والمِغرفةُ في يديهِ مؤنّبًا 

_تؤ تؤ تؤ،لا للإختلاسِ!

تنهّدتُ بغمغمةٍ قائِلةً

_لكنكَ أعطيتَني التصريحَ مُسبقًا!.

_ ........

_لابُد أنك تذكّرت الآن.

عقدتُ ساعِدايَ بينما أرفعُ حاجِبًا نحوهُ لأجدهُ يخدِش مُؤخرة عُنقهِ بإحراجٍ فابتسمتُ ضاحِكةً،جيري يُعاني من مرضِ الزّهايمر لِذا فأنا أعذرهُ بالفعلِ،حالما أشاحَ بصرهُ إلتقطتُ قطعتينِ من كعكِ الفراولةِ وفررتُ مُهرولةً قبلَ أن يتذكر ذاكَ الجزء من إتفاقِنا،ثم ضحكت بصخبٍ لأسمعَ صياحهُ من خلفي

_أيتها الماكِرة!،أعلمُ أنكِ تدينينَ لي بمُقابلٍ بالفعلِ!

تباطأت خُطواتي تدريجيّا حتى وصلتُ إلى الطّابقِ الثاني حيثُ يقِف أوليفر قُبالةَ بابِ غرفتهِ يقومُ بتعديلِ ثيابهِ،ويرتدِي سُترة بيضاءَ يعلوها وشاحٌ أسود وبِنطالٌ أسود كذلك وكانَ يبدو في غايةِ الوسامةِ،إلتفتَ إليّ بينما أقفُ مُحدّقةً به لأستعيدَ إنتباهِي،وأتقدَّم نحوه لأتحدَّث قائلةً 

_هيا بِنا.

لم يستفسِر عن الوجهةِ وسارَ أمامِي صامِتًا،فتبِعتهُ بهدوءٍ حتى صِرت أسيرُ بمُحاذاتهِ يفصلُ بيننا مِترٌ تقريبًا،تلى ذلك أن تحدّث همسًا وصل إلى مسامِعي

_إلى أينَ بالضّبطِ؟

يُسعِدني أنه سأَل،أسهبتُ نظري إلى الأمامِ ونبستُ قائلةً

_إلى مكانٍ لطالما ودَدت الذهابَ إليهِ.

فورَ خِتام جُملتي توقّف عن السّيرِ ولم أُدرك ذلك إلا حينَما رميتُ بصري لجانبي ووجدتهُ خاليًا من أوليفَر،فتوقّفت أنا الأخرى والتفتتّ للوراءِ لِأجدَه يضع كِلا كفيّه في جيبيهِ وبصرهُ مُعلّق بي وسَط ملامحٍ يكسوها الهدوءُ والتّركيز،إبتسمتُ حين أدركتُ أنّه يشعرُ بالتشوّش ورفعتُ أصابِعي أُشير له بالتّقدمِ مُبتسمةً،وحالما تقدّم استكمَلنا السيرَ بينما عادَ الصّمتُ يُديرُ دفّة الحوار بيننا،فورَ أن وصَلنا إلى السّيارةِ همَمنا بِإستقلالِها لأجِد السّائق قد أتى إلينا مُهروِلًا

أيُّها الهارِبون من براثِن رُوما حيث تعيش القصص. اكتشف الآن