الفصل الثاني عشر

859 63 12
                                    

وقعت على هذه الاريكة التي تشهد اصعب لحظات خيانة تشعر بها، فكل ما مضى شيء، وما يحرقها الآن أمر أخر؛ أيعقل ان من أحببته وارتضت بظروفه الصعبه، وقررت الوقوف بجانبه حتى يتم شفاءه وتحيا معه حياة طبيعية وترزق منه بأطفال، يطعنها بكل جبروت في صميم فؤادها بدون رحمه أو شفقة لنزيف اهاته، مرت أمام عيناها أجمل لحظاتهما سويًا، ورنين حديثه المعسول يتردد على مسمعها، وضعت يداها لتخرس هذا الصوت، فهو كاذب في كل ماقاله، نعم هي فقط من أحبت وتوهمت حبه، وهو الآن يذيقها من مرار خداعة كؤوس لا تنتهي، اغمضت عيناها بألم، ووضعت الهاتف مكانه كما كان، ونهضت مجففه عبراتها، وتوجهت تغسل وجهها تفكر في هدوء ماذا هي فاعله.

بينما أسفل في الصالة يباشر "جاسم" عمله ويتابع المتدربين، لم يلاحظ عدم وجود هاتفه الثاني معه، تذكر مكالمته ليلة أمس مع والدته حين ابلغته بضرورة خطبته مع ابنة خالتة التي تم فسخ خطبتها قبل موعد زفافها بأيام قليلة، واجبرته على الزواج منها من أجل انجابه، حاول كثيرًا الرفض، فهو يحب زوجتة ولا يريد الزواج بغيرها، لكن تهديدها له بعدم رضاها عنه اجبره على الخضوع لمطلبها، وعندما فكر في هذا الأمر وجده فرصة لاثبات رجولته أمام نفسه، فاق من شروده وبحث عن هاتفة ليقوم بالإتصال بها لمعرفة موعد عقد القران، فلم يجده بجيبه، توجه لمكتبه يبحث عنه فلم يجده، صعد مهرول لعله فوق في شقته، دخل بلهفة عيناه تجوب المكان في كل ركن حتى التقطه مختبأ على الاريكة، اختطفه ووضعه دون النظر عليه، نادى بأسم زوجته، ردت عليه قائلة:
- أنا هنا ياجاسم، اية اللي طلعك؟
- مفيش نسيت الفون قولت اطلع ادور عليه واشوفك اتاخرتي ليه.

هزت راسها بتفهم ثم قالت في محاولة جيدة تدعي الثبات والبرود، وهي بداخلها حمم وبراكين متأججه، لكن الوقت ليس مناسب لتصفية حسابات:
- معلش حبيبي اصل جالي مكالمه من بابا، بيقولي ماما تعبانة شوية، فهروح بعد اذنك اطمن عليها.
- اه طبعا، الف سلامة عليها، هتتاخري هناك؟
- الله يسلمك، معرفش.. هحاول اجي بدري.
ابتسم بخباثة وقال بمكر:
- براحتك خالص حبيبتي، اطمني عليها وبعدين تعالي في الوقت اللي يعجبك، ولو حابه تنامي معاها مفيش مشكلة ياروحي.

اطلق حديثة وتوغل بداخلها يحرقها دون ان ينجدها ويبرد من لهيبها، الهذه الدرجة يستغنى عنها ويريدها تبتعد حتى ينفذ حكم الاعدام لوتينها بكل حرفيه ومهارة... ؟!
اومأت له بعيناها وتوجهت نحو المائدة تعطية ما اعدت له من طعام، اخذها وقبلها في وجنتيها، ثم اولاها ظهره ونزل لاسفل، وحين ولج للداخل، فتح هاتفه ليتفاجأ بوصول الرسالة قرأها وحمد ربه ان "ياسمينا" لم تنتبه لوجود الهاتف، والا كانت ثارت عليه.
توجهت "ياسمينا" نحو منزل والدها بعد ان ذهبت لمكان ما، وحين فتحت والدتها الباب، وحينما رأتها لم تستطع كبت حزنها أكثر من ذلك وارتمت داخل احضانها وانهمرت في البكاء بغزارة، صرخت بها وسألتها عن سبب هذا حالتها، ظلت تبكي في صمت، ووالدها يضرب كف على كف، لاول مره يراها هكذا، كاد عقله يجن، اجلستها والدتها وربتت على كتفها حتى هدأت، وقصت ما قرأته في الرسالة المرسلة، ولم تقص عليهما السبب، وطلبت من والدها ان يوافقها فيما تطلبه منه.
مر الوقت ونهضت بعد وقت طويل، ثم توجهت لمنزلها وجدت زوجها ينتهي من ارتداء ملابسه، ويضع اخر لمساته أمام المرآه، اقتربت منه وسألتة:
- على فين كده بالشياكة دي ياجاسم؟
- حبيبتي حمدلله على السلامه، حماتي ازيها؟
- كويسة، متغيرش الموضوع رايح فين؟
- لا بغير ولا حاجة، معزوم على فرح واحد صاحبي متعرفهوش.
- اه قولتلي فرح صاحبك ومعرفهوش فأكيد مينفعش اروح.... بس اللي يشوفك يقول انك أنت العريس !!

تزوجت أخي ولكنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن