قلت لهم إنني كسائر البشر أطالب بحقي في الحياة
وضعوا الأصفاد في يدي وقالوا ليس لك أي حق
أخبرتهم حينها أنها إما الحياة الحرة وإما الكفن ولا ثالث لهما
كلما تكلمتْ ضاقت تلك الأصفاد على معصمي
كلما تكلمت ضاقت بي حلقة الحياة أكثر
إلى أن أغمضت عيني مستسلماً لنومٍ عميق
بعد تنهيدة طويلة أدارت لي فيها الحياة ظهرها
أدارت ظهرها وسارت بعيدا
حتى أضحت سرابا يصعب الإمساك به
فوجدت نفسي قد أحاط بي صمت مهيب
ميديا فصيح عثمان
الفصل الأول
أوقفت ريوانا السيارة أمام بوابة عملاقة ظهرت فجأة من العدم، قطبت حاجبيها مستغربة. ثم تبادلت مع عدي النظرات لم يكن من الممكن أن تُخفي هلعها. "ما هذا المكان؟". التفت إليها ليجيبها لكنه فضل أن يلتزم الصمت لما رأى البوابة قد فُتحت. لم يمهلها الوقت لتسأله ثانية فقد أمرها: "هيا، تحركي". الغريب أنها انصاعت وبدأت في قيادة السيارة. أثناء ذلك كان عدي يراقبها فرأى الفزع يلوح في عينيها لكنه تجاهل ذلك. أخذت تتفحص المكان بنظرة سريعة. أحست بالتوتر فقد كان المكان يعج بالرجال المسلحين. جنود يراقبون في كل مكان. عيون مفتوحة على مصراعيها تنظر إلى القادمين. ألقت نظرة على عدي فرأته فتح الباب ويسير في هدوء، كأنه هو من يملك المكان. رأت الجميع يصافحونه وكأنه المقرب لديهم، ولم يكن يخفي فرحه بذلك. وقف هناك شامخا وقد التفوا حوله يحدثهم بلهجته الشمالية وهم ينصتون له. ظل على تلك الحال لبعض الوقت ثم أطرق برأسه قليلا. رفع رأسه ونظر إليها وكأنه للتو تذكرها ثم أشار إليها بأن تتبعه. فتحت باب سيارتها وهي كالمسحورة تتبعه دون وعي. انقادت لأمره وهي تسترق النظر إلى المحيطين بها. همست له فجأة " أين نحن؟". لم تفت عليه تلك الرعشة في صوتها، لكنه قرر ألا يفصح عن شيء في تلك اللحظة فقال: "سأخبرك فيما بعد يا عزيزتي". بدا أنها لم تقتنع فقالت له: "منذ الصباح وأنت تقول ذلك". "إذا فلتتحلي بالصبر". شعر أن القوانين يجب أن تتغير. هذا المكان مكانه وهؤلاء رجاله والكلمة التي تسود هنا هي كلمته، لذا يجب أن يتغير الوضع. أمسك يدها وجعل يسير بها مبتعدا. شعر بطمأنينة أنها لم تقاوم، فليس هذا وقت إثارتها للمشاكل. تراءت لها من بعيد بعض المباني التي اتضح لها أنه يقصدها. "هذه ثكنات عسكرية، أليس كذلك؟". سألته وقد اشتد بها الخوف. بدا جليا أنه لن يجيبها حتى ظنت أنه لم يسمعها أصلا. اتجه مباشرة نحو المبنى الأكبر الذي يقع قبالتهم مباشرة. قطبت جبينها وهي تتساءل في صمت: "لماذا كل هذا الصمت؟ ولماذا لا يجيب عن أسئلتي؟". كان الأمر كله غامضا. أتاحت لها لحظات الصمت تلك أن تعيد في ذهنها كل ما حدث منذ الصباح الباكر.
أنت تقرأ
أبناء النار و الجبال ( مكتملة )
Actionتأليف / الأخوات كهرمان رجل يتخلى عن أغلى ما يملكه وهم ابنائه من اجل وطنه . . ورجل يدفع حياته ثمن لأجل وطنه واستقراره . . ورجل يدفع بعائلته ثمن لاستعادة وطنه . . وبين هذا وذاك تدور حرباً شرسة بين الشمال والجنوب . .