الفصل الرابع

424 39 40
                                    



بعد عدة أسابيع تم الاتفاق على الانتقال من المزرعة خوفا من انكشاف موقعهم، فتجهز الجميع ونقلوا جميع حاجياتهم منذ الأمس، وفي الصباح الباكر تجمهر الجميع بجوار السيارات والشاحنات المستعدة للانتقال. توقفت ريوانا حين توقف عدي والجميع وهم ينظرون إلى مكان واحد. كان كمال قدري يقف أعلى الدرج مرتدياً الزي التقليدي الشمالي على غير عادته، فعادة يرتدي بدلات رسمية، أما هذه المرة فكان الأمر مختلفا. صدح صوته في المكان دون مكبرات الصوت فقد كان الهدوء يعم المكان. أثناء إلقائه لخطابه الذي أراد من ورائه حشد الجميع لصفه وضمان ولائهم له ولعائلته بذكر ماضيه وماضي إخوته وتضحياتهم، ثم بدأ يعدد لهم ما سيحصلون عليه في المستقبل، وكيف سيكون ذلك المستقبل مشرقا يمحي ظلام الماضي بوقوفهم ضد الجنوب وضد اللواء مصطفى وحكومته، ثم بدأ يذكر يعدد مساوئ الحكومة الجنوبية وما اقترفوه في حقهم. وقفت ريوانا هناك تراقب سلوكيات كمال قدري وأبعاد تفكيره بتمعن، فوجدته رجلا ليس ممن يمكن للمرء أن يستهين بهم. لقد ارتدى الزي التقليدي لكسر الحواجز بينه وبين جنوده بمنحهم شعورا بالقرب والتشابه في الانتماء للمكان نفسه، وبالتالي تعزيز القواسم المشتركة وتسهيل استقبال واستيعاب رجاله للرسالة المراد إيصالها وزيادة احتمال اقتناعهم بها. لقد تعلمت الكثير من الفنون السياسية من جلوسها مع والدها ونقاشها معه ومرافقته إلى الكثير من المناسبات السياسية التي كان يُنادى إليها. عرفت أن هؤلاء السياسيين مثل الممثلين الذين يمثلون على خشبة المسرح، فكلّ تصرف يقومون به مدروس بعناية. فحتى انتقاء الكلمات والصيغ اللغوية يتم بشكل مخطط له، وكل كلمة تحمل دلالة يُقصد بها إحداث أثر معين على السامعين. لاحظت أيضا أنه لا يكثر من استخدام صيغة المفرد حتى لا يُظهر لأحدهم أنه يعظم نفسه ويرى في الحكم أمرا فردياً يخصه وهو بمثابة وصي على المحكومين، بل كان يتحدث بصيغة الجمع ليزيل الحدود بينه وبين الآخرين. لكن الذي أضفى على كلامه كل تلك الهيبة لم يكن إلا صدقه فيما يقول. لقد كانت مصلحة الجميع هي مسؤولية الجميع، والسلطة موزعة فيما بينهم، وما هو إلا مُنظم للحدث. وما أن انتهى من خطابه حتى صفق له الجميع وأخذوا يرددون كلماته: "السماء لنا، والأرض ملكنا، ونحن أصحاب حق لن يوقفنا شيء حتى نسترد ما هو لنا". بدأت بعدها التكبيرات والتهليلات والسعادة تعم المكان وكأنهم انتصروا، لتنظر ريوانا نحو عدي قائلة: "يا لكم من مجموعة حمقى! والدي سيسحق هذه الوجوه القذرة عما قريب". "ليبذل قصارى جهده". قال عدي بتحد. "سأتأكد أيها الحقير أن تأخذ جزاءك وإن كان هذا آخر ما سأفعله". أمسك بيديها المكبلتين وشدها لتلحق به، فصعدت إلى سيارته التي قدما فيها. تذكرت تلك الليلة الأخيرة التي قضتها في الجنوب مصدقة أكاذيبه وألاعيبه، فشعرت بنفور منه لا ينقضي. تحركت السيارات بعد ذلك ولم تتوقف سوى عند الظهيرة وقد قطعوا مسافة كبيرة. تناولوا طعام الغداء بعجالة فأمامهم طريق طويل للوصول إلى المخبأ الجديد. هبط الجميع ليستدير عدي إلى ريوانا التي لاذت بالصمت وقد رفضت التحدث معه، مسندة رأسها على زجاج النافذة بوجه حزين وعينين تائهتين. لقد كان يعلم أنه كسرها وأن كسب ثقتها ليس بالأمر الهين ومن الصعب استردادها مرة ثالثة. لمس وجنتها دون شعور منه فنظرت إليه مستسلمة تنتظر منه سخرية، لكنه بادرها القول: "هل أنتِ بخير؟!". قالت وهي تنظر إليه من مكانها دون أن تتحرك: "من الواضح أنك مذ دخلت حياتي وأنا لستُ بخير. أنت مثل المرض الخبيث الذي ينتشر في الجسد دون أن يُشعر به، حينها يكون العلاج متأخرا وغير مفيد. فقط تقدم المسكنات ليموت المرء بعدها بهدوء". حاول أن يتظاهر بعدم مبالاته بما قالته، لكن كل كلمة خرجت من بين شفتيها آلمته بحق. حتى إنها قد لاحظت وقع كلماتها على عينيه والحزن الذي خيم بهما في جزء من الثانية. نزل من السيارة ثم ساعدها على النزول. لكنها تفاجأت به وقد بدأ يفك قيودها الواحد تلو الآخر، ثم شبك أصابعهما فسارت بكل استسلام بمحاذاته. دُهشت من كم الجسارة التي يملكها، تلك التي تجعله يفعل ذلك أمام الجميع غير مبال بنظراتهم. وهناك في الجانب الآخر وقعت عيناها على غيداء وهي تسير خلف برزان مع ابنتيها وحالها ليس أفضل من حالها. آه كم ترثي لحال تلك المسكينة. فرغم كل ما أصابها إلا أنها لا تزال تواجه قاتل أبيها في كل يوم دون أن تملك القدرة على فعل شيء. "لا يمكن أن تكونوا من البشر أمثالنا!". قالت له بصوت واهن. "وفي أي فئة تصنفيننا؟". سألها دون أن يلتفت. "على ما يبدو أنكم رضعتم حليبكم بين الذئاب حتى فقدتم إنسانيتكم؟". "بل ربينا على يديّ والدكِ الفاضل ورجاله الأفاضل الذي علمونا أن ننتزع قلوبنا ومشاعرنا ونرمي بها في أقرب قمامة تواجهنا". "هذا يفسر ما حدث". نظر إليها مستفسراً. لتجيبه: "رائحة القذارة التي تفوح في المكان كنتم أنتم السبب فيها، فأينما سرتم امتلأ المكان بالقذارة". استدار عدي نحوها وقال بصبر: "اسمعي يا ريوانا، من باب الإنصاف أن لا تتركي حبك لوالدك يعمي عينيكِ عن الحقيقة". "عن أي حقيقة تتحدث؟ عن قذارتكم؟ عن حقارتكم؟ أم عن كونكم بعض الصعاليك الذين سيتم الدوس عليهم قريبا كما حدث قبل عشرين عاما؟ أعدك أن يكرر التاريخ نفسه وستدفنون جميعا هذه المرة". "وإن دُفِنا فسيأتي أبناؤنا وأبناء هذا الوطن وسيقاومون هذا الاحتلال حتى تعود الشمال لنا، فنحن لسنا قلة ولن نسمح لكم بطمس هويتنا أو جعلنا مواطني درجة ثانية، نحن أمراء هذه الأرض وملاكها وأنتم المغتصبون، فمن معه الحق الآن لأن يدفن الآخر؛ نحن أم أنتم؟". "ثرثر كما شئت، فلن أصدق حرفاً واحدا مما تقوله بعد اليوم. لكن نصيحتي لك أن لا تتأمل كثيراً لأنك ستُقتل قريبا، وهذه المرة لن أكون هنا لتخدعني وأنقذك مرة أخرى". "وأين ستكونين؟". قال وهو يجلس على العُشب ويُجلسها معه. نظرت إليه وقبل أن تجيبه وقفت بجوارهم فتاة ترتدي زيهم العسكري وقدمت لهم الطعام وهي تقلب النظر بينهما. شكرها عدي فإذا بها تنصرف دون أن تضيف شيئا. شعرت ريوانا أنها نست عينيها هنا فقد لاحظت أنها ليست الوحيدة التي تراقبها بل هناك أمثالها كُثرا، ومن بينهن ياسمين التي لا تراها إلا وتتمنى أن تخنقها من شدة غيظها. كم ودت ريوانا أن تذهب إلى ياسمين وتصرخ في وجهها قائلة: (ليتكِ أخذته مني منذ البداية، ما كنت وقعت في حبه لهذه الدرجة، ليتكِ قاتلتني بشراسة أكبر أيتها القذرة وأبعدته عني). أدارت وجهها عن الطعام الذي أمامها تنظر حولها وهي تشعر بالخذلان. ما أصعب ذلك الشعور وأقساه! لك أن تتخيل أن تسند رأسك على كتف أحدهم فتفاجأ أن ذلك الكتف مجرد سراب وأنك سقطت بعنف على الأرض لترتطم عظامك شر ارتطام، عندها تكون قد عرفت ما هو الخذلان. قال عدي وهو يراها تنظر إلى سفح الجبل المرتفع بذهن شارد: "لا مهرب مني إلا نحو تلك الهاوية". "سأقفز منها إذا ". قالت ولم تلتفت عنها وكأنها بدأت تتشرب الفكرة. أنهى عدي طعامه ثم نهض ليتفقد خطة سيرهم ومراجعة الخرائط فهذه المناطق ليس من السهل الوصول إليها فهي وعرة وخطرة، وعدي كان يلعب على هذا الوتر الحساس، فكان يسحب الجنوب بجنودهم ويضعهم في أرض يصعب الخروج منها، بينما يكون جنودهم موزعين بين الجبال، فيتم إسقاط البعض ويستسلم البعض. لقد كان قائدا ماكرا، فقد تشرب عقلية قائده وتعلم الكثير من الماضي ومن التجارب التي قرأها بخط اللواء مصطفى ووضع خططه منذ سنوات، فقد أراد أن يضعه في الأماكن نفسها التي سحق فيها شعبه وأفراد عائلته ويفعل به المثل. بدأ الأمر يكبر عن أن يكون مجرد ثورة بسيطة كسابقتها، فقد ازداد حجم خسائر الجنوب وعدد الأسرى بدأ في تزايد والقتلى كذلك ناهيك عن المصابين. بدأ اسم كمال قدري يصدح في الأجواء فلم تبق قناة إخبارية لم تبث أخباره وخطاباته الكافية لزعزعة استقرار الجنوب وهدوئه. لم يقتنع مصطفى بأن كمال قدري هو من خطط ودبر لكل هذا بمفرده. لأول مرة لم يستطع أن يصل لبعض الخونة كي يعرف الجندي المجهول الذي يقود هذه الفرق العسكرية المتفرفة في الأطراف. لم يبق أمام اللواء مصطفى إلا الهجوم جوا وكان هذا أسوء ما يمر به رجال كمال قدري، فالطيران كان يوقع بهم خسائر فادحة، فبدأت تتغير خطط عدي وأصبح بدل أن ينسحب لداخل الشمال يقود جيشه إلى الجنوب ليوقع عدة مناطق شمالية والسيطرة عليها، ثم وضع يده على أسلحة مضادة للطيران فجن جنون مصطفى وحكومته فقد بدأت الخسائر تزداد وطأتها ويزداد الأمر سوءاً وهو من صعَّد في بداية الأزمة قائلا: (إن الأمر مجرد وقت وستصبح الأمور تحت السيطرة). جعل عدي كلمته موضع سخرية فقد أخذت الصحافة تكتب عن كلمته تلك، وأنه كبر وهرم ليقول كلمات ليست مدروسة ولا علاقة لها بالواقع. وقف عدي بجوار إخوته الثلاثة برزان وكرم وأصغرهم سيف، وعن يمينه وقف أدهم ووالده، بالإضافة لوقوف بعض رجاله الثقات ليتناقش معهم بسرية خطة السير إلى المعسكر الآخر، وأثناء انهماكه في شرح ما سيمرون به حتى الوصول، سمع أدهم يقول بفزع: "يا إلهى، ريوانا". استدار عدي من فوره إلى المكان الذي ينظر إليه أدهم. شعر بأن نبض قلبه بدأ يتباطأ وهو يراها تسير نحو الهاوية فتذكر قوله لها. صرخ عدي وهو يركض خلفها بسرعة كبيرة. لكن ريوانا لم تستدر بل أخذت تسرع الخطى حتى أن عدي لا يعرف كيف طالت بينهما المسافة هكذا. وقفت على الحافة وبدأت تنظر نحو الأسفل. توقف عدي عن الركض بعد أن اقترب منها وأخذ يسير نحوها بتعقل. لقد أصابه الأسى لمعرفته أنها أصبحت لا تلقي بالا للحياة التي تعيشها وكل ذلك بسببه. تذكر قولها: (لكن نصيحتي لك أن لا تتأمل كثيراً لأنك ستقتل قريبا، وهذه المرة لن أكون هنا لتخدعني كي أنقذك مرة أخرى). جعل يقترب خطوة خطوة بتؤدة عله يمسك بها قبل أن ترمي بنفسها . استدارت آنذاك تنظر نحوه فرأته يقترب وقد رفع يديه نحوها وهو يقول راجيا بهدوء: "أرجوكِ، أرجوكِ، عودي إلى هنا". كم كرهته في تلك اللحظة كونه ما زال قادراً على أن يؤثر فيها رغم كل شيء. لقد رأت الصدق يلوح في بريق عينه وهو يطلب منها أن تعود. هزت رأسها بالرفض فقد فكرت أن تنهي الأمر بيدها، فأمر عودتها إلى مكان كهذا أشبه بالمستحيل. إنجابها لطفل يسير على خطى والده أمر مؤلم بالنسبة لها، وإن عادت إلى الجنوب فستحاكم لخيانتها. كانت جميع الحلول مغلقة في وجهها، إضافة إلى شعورها بالخزي والعار أمام إخوتها ووالدتها. سمعته يقول وقد تملكه الهلع: "أرجوكِ عودي، سيكون ما تريدين، لكن عودي إلي". "فلتبقى أنت ولتكمل حلمك وأنا سأذهب لأنني لم أعد أرغب في الحياة بسببك". "لا حياة لي وأنتِ لستِ فيها". "كاذب، كل حديثك محض كذب". قالت تصرخ في وجهه. وقف عدي في مكانه وقد لاحظت أنها المرة الأولى التي ترى عينيه قد اغرورقتا بالدموع. لم يبك لكنه كان على وشك ذلك. تذكرت أنه قال لها ذات مرة: (أنا منذ عشرين عاما لم أبك أبدا). استغربت حينها وهي تنظر إليه فقد كانا يجلسان في مكان مرتفع يطل على العاصمة وكان مكانه المفضل، لكن الحقيقة أنه كان يرسم نقاط ضعف مداخل ومخارج العاصمة ويرسم النقاط ليستطيع أن يضع خططه بكل تركيز. سألته حينها: (هل يعقل ذلك؟). ابتسم لها وقال بثقة: (نعم، لأني لا أسمح لشخص أن يبكيني، فبدلا من ذلك أقوم بتحطيمه ودفنه بيدي). وقتها ظنت أنه يبالغ بالأمر لكنها الآن تعرف أنه كان صادقاً معها جدا، فهل ما تراه الآن حقيقة أم تمثيل؟ "هل تريدين أن تفطري قلب والدكِ؟". سألها عدي محاولا التأثير في قرارها حتى يقترب. بكت ريوانا عند ذكره لوالدها فهو يعرف نقاط ضعفها وتعلم أنه سيلعب عليها، فاستدارت تنظر نحو الهاوية ولم تشعر بالخوف بقدر ما شعر بها الآخرون. قررت أن تقفز قبل أن يؤثر فيها، فطالما هذا سيكون كافياً لأن تكون بعيدة عنه وعن عائلته فلن تتوانى عن فعله. أغمضت عينيها وتأهبت للقفز، عندها صرخ من ورائها وهو يتقدم نحو سفح الجبل: "انتظري، لن تذهبي بمفردك". نظرت نحوه بارتياب وهو يخلع سترته العسكرية ويضع مسدسه، ثم وقف غير بعيد منها على الحافة. قال بصوت واثق: "هيا إذا لنقفز كلينا، فإما أن نذهب معا وإما نبقى معا، لن أدعكِ تحطمينني بذهابكِ، فلن أعيش بدونك ولا لحظة واحدة. لن أسمح لكِ بذلك". نظرت نحوه وأخذت تبكي ثم استدارت لتقفز وقد حثت نفسها على أن لا تصدق كلامه بعد الآن. همست وقد أحكمت غمض عينيها وأخذت نفسا طويلا وتمتمت: "سامحني يا أبي". ثم قفزت لتمسكها نفس اليدين مرة أخرى. شعرت بنفسها تسقط إلى الخلف وليس للأمام ففتحت عينيها لترى السماء فوقها صافية جميلة كما لم ترها من قبل. شعرت للحظات أنها انفصلت عن الواقع، لكنها عادت عندما شعرت بأنفاسه المتسارعة على قريبة منها ويديه تعتصرانها. لم تصدر منها أي حركة فجلس يطمئن عليها. وجدها تنظر إليه بجمود فهي حتى الآن لا تصدق كل ما حدث. حينها وبدون وعي قام بصفعها بقوة مشاعره التي عصفت به، وبحجم خوفه وحبه لها بينما كان ينظر إليها ودمعات متفرقة سقطت رغما عنه. وجدها هي الأخرى تنظر إليه وتبكي أثناء صراخه في وجهها كالمجنون: "سأقتلك إن فعلتِ ذلك مرة أخرى، أقسم لكِ سأفعل ذلك، هل تفهمين؟". كانت تلك المرة الأولى التي رأته فيها يرتجف من الخوف. ثم وثب واقفا بعد لحظات وأوقفها فسارت بجواره. نظر إليها مرة أخرى فهاله ما رآه عليها، وكيف بدا وجهها ذابلاً حزيناً. نظر لعينيها فوجدهما غائمتين، فقال: "لقد خدعتك في كل شيء سوى ما يتعلق بقلبي، لم أخدعك في شيء يخصه. أنا أحبك، أقسم لكِ أنني وقعت بحبك رغما عني، صدقيني إن أصابك مكروه ما فتأكدي أنه سيصيبني ضعفه، أنا بالفعل مريض بكِ". وقف الآخرون هناك يراقبونهما بصمت وكأن على رؤوسهم الطير. لم يكن بمقدرة أحدهم التدخل فقد حدث كل شيء في لمح البصر.

أبناء النار و الجبال ( مكتملة ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن