2 رمضان 1443

1 1 0
                                    

لكي نتحضر إلى رمضان المبارك وندرك أسـراره ودوره في تزكية نفوسنا وتهيئتها لدور إعمار الأرض .. لابد من التمعن في هــــــذه المقالة الرائعة للدكتور ابراهيم الفقي رحمه الله .. يقول:
كنت مســــافراً بسيارتي الى العين السخنة ومعي أسرتي .. كانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل .. وقبل انطــــلاقي وضعت في بالي أن انتبه على (ضوء مؤشر البنزين) كون المؤشر كان يؤشر على قرب انتهاء الخزان .. توجهت لشراء بعض اللوازم وبعدها انطلقتُ ونسيت أمر البنزين .. تذكرت أن الخـزان سيفرغ من البنزين وأنا في الطريق .. وما هي إلا فتــــــــرة قصيرة حتى أضاء مؤشر البزين معلناً أن وقـــودي سينفذ نهائيا بعد فترة .. لم أقلق في البداية ظناً مني أنني سأجد الكثير من محــطات الوقود في الطريق، ولكن مع مرور الوقت والظلام الحــــــــالك والطريق الموحش بدأ القلق يتسرب .. اتصلتُ بصـــــديق مستعلماً منه عن أول محطة بنزين فأنبأني بأنها بعد مســـافة طويلة جدا .. تحول القلق إلى رعب .. وتراجعت كل الاهتـمامات والمشاغل والمشاكل وانحصرت الآمال والأحلام والهموم كلها في أمر واحد فقط وهو
                           ا....... محطة الوقود .......ا
ولم أعد أتمنى من الدنيا إلا محطة وقود إذ تضاءلت وتصــاغرت كل المشاكل التي كانت تشغلني منــــذ دقائق .. لاح لي ضوء من بعيد فدب في قلبي أملٌ واهنٌ وفرحٌ مُعلق .. اقتربتُ من الضـوء لم تكن محطة وقود بل استراحة فقيرة جدا شعرت بالإحـــــباط وسألت الرجل عن أقرب محطة وقـــــود .. كياني كله تعلّق بـ فم ذلك الرجل في انتظار إجـــــــــــــــــــــــابة
قال الرجل: المحطة بعد مسافة 3 كيلومتر
كدتُ احتضنه .. لكني خشيت أن تكون إجابتة غيــر دقيقة أو أن محطة الوقود ليس بها وقـــــــــــود الليلة
انطلقتُ بعدها مكملاً طريقي وعيناي لا تفـــــــــارق (ضوء مؤشر البنزين) .. ومرت الثواني كالدهر .. وأخيرا لمحـــــــــت من بعيد محطة الوقود وحين وصلت لم يكن هناك أحد .. وجــعلت أبحث عمن أكلمه .. ظهر رجلٌ أخيراً فسألته متلهّفاً : عندك بنزين
قال لي : نعم  .. كانت أجمل (نعم ) سمعتــــها في حياتي
سجدت لله فورا .. بعدها انطلقتُ لاستكمال الرحلة وأنا أشـــــعر إني قد كُتب لي عمرٌ جديد
يكمل د. ابراهيم الفقي (رحمه الله) فيقــــول جاء في بالي معنى يأتيني كل رمضان .. فرمضان أصلاً هو محـطة وقود يتزود منها أحدنا لباقي العام كيف نضيعه ؟
كيف تجازف بالمــــوت عطشا ؟
كيف نمر بمحطة الوقود الوحيدة فلا نتزود ؟
وقد يكون رمضان هذا هو الأخير في حياة أحـــدنا !! أي أنه آخر محطة للتزود بالوقود قبل القدوم على الله
آخر محطة للتوبة والاستقامة ورد المظالم وبــــر الوالدين وصلة الرحم والعودة للقرآن
يقول الله تعالى في سورة الذاريات :
{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ }
اللهم اجعلنا من المتزوّدين في محطة رمضان هذا
ولا تجعلنا من الســــــاهين
ولا تجعلنا من المقــــصرين
ولا تجعلنا من الغـــــــافلين
ولا تجعلنا من المــحرومين

 في رحاب رمضانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن