بعد مرور سنة كاملة مرّ فيها الوقت سريعا على ريم حيث وضعت كل تركيزها على دراستها ولا شيئ آخر.. حماسها يزيد يوما بعد يوم لتعلم المزيد، فتفوقت على اقرانها وهاهي الان بالمستشفى تتدرب في عطلتها الصيفية..كالملاك بتلك السترة البيضاء تشع نورا بابتسامتها الواسعة وتنشر البهجة بكلماتها اللطيفة..
"لماذا لم تأتي البارحة يابنتي تركتيني بين يدي طبيبة اخرى وقد المتني"قالت عجوز غط الشيب شعرها واتّحد المرض والكبر لاخد جمالها وقوتها وهي تخاطب ريم فغمزت لها الاخيرة وابتسمت "اعترفي انك اشتقتي الي ولا دخل للطبيبة المسكينة"
"انت على حق" وامسكت يديها مكملة " اشتقت لكي فعلا.. فلا احد يأتي ليتحدث معنا هنا مثلك وايضا اشتقت لتلك الازهار التي تحضرينها لنا كل صباح فتشعرنا بسعادة لاتوصف، شكرا لكي يابنتي فانتي تذكريني بابنتي رحمها الله..وايضا حقا تلك الطبيبة ٱلمتني أظن أنه لايوجد احد يعرف غرز الابر مثلك عليك تعليمهم" ضحكت ريم بخجل على مديح تلك العجوز الطيبة وشدّت على يديها "حسنا حسنا سأعوضك وساخرجك للحديقة واعطيك زهرة اخرى هل رضيتي عني الان" ضحكت العجوز "نعم الان تصافينا"
دخلت فجأة "مريم " متدربة وصديقة ريم من الجامعة "ريم الطبيب آدم يناديك "ردّت عليها بابتسامة " حسنا قادمة" ثم التفتت للعجوز "جميلتي اسفة جدا لن أستطيع الان لكني اعدك فورا سأعود لاخذك اتفقنا "
خرجت ريم متوجهة لمكتب الطبيب المسؤول على تدريبها "دكتور آدم هل بإمكاني الدخول؟" قالت بعد ان دقّت الباب.."تفضلي ريم ادخلي" دخلت وظلت واقفة تنتظر ما سيقوله "حسنا تعلمين ان اكرم اخاك صديقي وقد اوصاني عنك، وبمرور هذا الشهر رأيت كم انتي طموحة ومتحمسة للتعلم لذا سانقلك لقسم الجراحة للتدرب هناك هل يساعدك هذا"لم تصدق ريم حتى كادت ستقفز من فرحتها لو انها لم تمسك نفسها وقالت مسرعة " بالطبع يساعدني فهذا ماكنت اتمناه شكرا لك دكتور أدم .. متى ابدأ؟!"
"يمكنك البدأ منذ الغد تفضلي هذه الورقة لتأخذيها للطبيب رائد قد اخبرته بقدومك مسبقا..يمكنك الذهاب الان"
"اشكرك دكتور الى اللقاء"..لحظة اغلاقها باب المكتب اطلقت صرخة صغيرة تعبر عن فرحتها واتصلت فورا ببسمة "بسمة واخييرا سألتحق بقسم الجراحة هل تصدقين أنه حلمي، بين يدي الان ورقة نقلي هل ابعثها لكي لتصدقي" من الجهة الاخرى كانت بسمة تضحك على صديقتها المجنونة وردت" اني اصدقك ايتها الحمقاء فلتصدقي انتي نفسك أولا ومبارك لكي سامر عليك بعد ساعة لنحتفل موافقة ؟!"
" حسنا سأنتظرك في الحديقة " اغلقت الخط من بسمة وتذكرت وعدها للخالة جميلة بأخذها للحديقة فركضت مسرعة لها..
"من مستعد للخروج للحديقة" قالتها ريم فور دخولها لغرفة الخالة جميلة فوجدتها تنتظرها على الكرسي المتحرك..
نزلوا للحديقة بين الازهار الكثيفة يتنقلون هنا وهناك وببسمة ريم جعلت كل من تقابلهم يشاركونها فرحتها حتى اتت بسمة وشاركتهم نزهتهم الصغيرة..
خرجتا من المستشفى وتوجهوا للمطعم لاكمال الاحتفال فقد وعدت ريم صديقتها..مرّت امسية لطيفة انتهت بتوصيل بسمة لريم بسيارة اخيهما اكرم ، فريم لم تكن تمتلك واحدة ولم يكن لديها رخصة أصلا فهي تعاني من فوبيا السّياقة..
فوق سريرها تتأمل السقف متحمّسة للغد امسكت كرتها الصغيرة وظلت تحدق فيها حتى وجدت نفسها تقص عليها احداث اليوم كعادتها كل ليلة..اصبحت تلك الكرة كالدمية التي لاينام الاطفال دونها، حتى أنها نست حقيقتها وكيف اتتها أو دعنا نقول انها تناست ذلك..الشيئ الوحيد الذي تعرفه انها ترتاح لها، لا تستطيع النوم دون ان تكون بجانب رأسها ،عام كامل مر عليها دون كوابيس او بالاحرى كابوسها الوحيد الذي ظل يتكرر لمدة ثلاث سنوات ،لم يعد يزورها او يأرق نومها منذ تلك الليلة..وشردت تتذكر احداثها..
فلاش باك قبل عام :
دخلت غرفتها عازمة على تخبئة الكرة بمكان امن حتى لا يراها والداها فتحذير السيد الغامض كما اسمته لازال في عقلها..اتّصلت عليها بسمة وطال حديثهم لأكثر من ساعتين ينتقلان من موضوع لآخر حتى نست الكرة تماما فوق السرير جانب وسادتها..داهمها النوم واعلنت جفونها الاستسلام فودّعت صديقتها مسرعة ودخلت فورا في سبات عميق..ككل ليلة عاد لها كابوسها المرعب فصارت تبكي في نومها وتردد كلمات ضعيفة " ابي..ابي احذر انظر امامك " لم تستطع الاستيقاظ وعلقت داخل ذلك المشهد خائفة تائهة..فجأة نور كبير كسر ظلام منامها وصوت عميق تردد صداه "اني هنا..انا معك فلا تخافي" إختفى ذلك الصوت، النور وحتى الكابوس المخيف..فتحت عينيها كل شيئ في محله لا يوجد شيئ..قابلتها مباشرة تلك الكرة البلورية لامعة بشكل مثير للدهشة ظنت انها كذلك بفضل شعاع ضوء القمر المسلط عليها ..ظلت تنظر لها وقد احست براحة غريبة، راحة لم تشعر بها من قبل عند استيقاظها من كابوسها..شبهتها بلؤلؤة بحر كبيرة ،أعجبها الاسم فسمتها لؤلؤتي..عادت للنوم وياله من نوم مريح حظت به دون كوابيس ..راحة دامت لمدة عام كامل..صارت لا تستغني فيه عن لؤلؤتها الجميلة كل ليلة لا تنام الا وهي بجانبها تأخذها أحيانا معها اذا كانت خائفة او لديها امتحان ما وان لم تأخذها تُخبئها تحت سريرها لحين عودتها..
عودة بالزمن
لنذهب للنوم لؤلؤتي فغدا ينتظرنا يوم حافل..
من جهة اخرى رد عليها في سرِّه"نعم وهو كذلك..قد حان الوقت "
أنت تقرأ
صاحبة عيون الغزال
Romanceاقتباس: صراخ وضجيج كبير علا فجأة ايقظها من عالم احلامها.. استدارت لترى ماذا هناك!!في تلك اللحظة لم تعي نفسها الا وهي ممدة على الارض تنظر مباشرة لزوج من الاعين فوقها..تلك العينين!! "عينا صقر" هذا ماكان يدور في خلدها قبل أن تفوق من غفلتها وتبدأ بالتحر...