في غرفة الانتظار ينتظرون طائرته التي ستنزل بعد 10 دقائق ، فقالت شاردة " هل تعلمين ، لم اركب الطائرة أبدا في حياتي " فردت الاخرى " اما انا فقد ركبتها مرة " ضحكت ثم اكملت " لكنها لا تحتسب فقد كنت بعمر الخامسة لا أتذكر منها شيئ" فانفجرا ضحكا معا، واكملتا حديثهما في شتى المواضيع يتنمّران على هذا ويعلّقان على ذاك حتى قاطعهم صوت من بعيد "يا صاحبة عيون الغزال " فالتفت الجميع لصاحب الصوت بفضول لصاحبة اللقب..ابتسمت له ريم وجرت تعانقه ثم ضربته على كتفه قائلة" ايّها الاحمق لما تنادي بهذا اللقب الا ترى الجميع يحدق بنا " ضحك اكرم على اخته المجنونة " قد فعلتها عمدا حتى يحسدنني بعض الاصدقاء الذين اتيت معهم " ثم التفت يمينا وشمالا واكمل " لكن أين بسمة ؟!"
"قد طرأ لديها عمل في آخر لحظة لهذا اعتذرت على القدوم وقالت انها ستنتظرك بالبيت " "ممم٫ حسنا " في الحقيقة هو لم يسمع أي شيئ مما قالته الان فقد كان شاردا بمريم التي لاحظها للتو فمال عليها وقال " ريمو، هل انتي من جلبتي البحر الى هنا ؟؟" خجلت مريم كثيرا لمديحه المباشر فقد كان يقصد عينيها ذات اللون الازرق زرقة البحر ..ضحكت ريم عليه " نسيت ان اعرفك ، مريم صديقتي من الجامعة " ثم التفتت لي مريم حتى تعرفها على اكرم لكنه قاطعها فورا " لا داعي لذلك اظنني لدي لسان لأتكلّم عن نفسي " ثم مدّ يده لها " اكرم شقيق بسمة واخو صاحبة عيون الغزال بالرّضاعة عمري 26 سنة و.." فقاطعته ريم " على الأقل اترك يد الفتاة يا غبي فقد اصبحت كحبّة الطماطم ، اترك صديقتي المسكينة " تمتم بصوت ضعيف " مفسدة اللحظات الجميلة " ثم قال " ريم من الان وصاعدا انا من سيقلك من المشفى " تردد قليلا ثم اكمل" ممم ، وان كانت صديقتك ليس لديها من يقلها فمرحبا بها " ضحكت ريم عليه ، لاول مرة تراه هكذا ، لقد اكتشفت جانبا جديدا لاخيها اليوم بفضل مريم " هيا هيا اترك الفتاة ولنذهب فقد تأخرت على المنزل"..
اتخذوا سيارة اجرة فأوصلوا مريم أولا ثم ريم..
دخلت المنزل بوقت متأخر قليلا عن الامس.غيرت ثيابها واتجهت لتناول العشاء مع والديها تخبرهم عن يومها وعن مجيئ اكرم واحواله، فجأة سمعت صوت هاتفها يرن من الغرفة..نظرت لساعتها فوجدته نفس التوقيت بالظبط الذي أتصل به السيد الغامض البارحة فقالت بسرعة " لقد شبعت الحمد لله..تصبحون على خير سأنام باكرا لقد تعبت جدا اليوم " قبّلتهم ودخلت مسرعة لم تعطي لهم حتى فرصة الرّد..لم تلحق على المكالمة فبمجرد ان امسكت الهاتف توقّف الرّنين " لا لالا لقد اتيت لا تغلق ٫ اووف غبي ، هل أتصل أم لا ؟!" وهنا رنّ مرة اخرى فأجابت فورا.." الو ؟ من معي " هي تعلم بالطبع أنّه هو لكنّها ارادت قول ذلك مكرا فيه..فجاءها صوته العميق
"ممم فتاتنا تريد اللّعب معي ها ؟!" اجابت بسرعة " من !! انا!! لا أبدا فقط كنت اتأكد من الرقم " ثم اكملت بصوت خبيث " لان احدهم يتّصل بي كل مرة برقم جديد فلم اسجل اسما عليه " ضحك بصوت عال هذه المرة
" تجيدين الرّد كذلك..جيّد سأستمتع بهذا " تنهّد قليلا ثم اكمل بجدية " واتصالي كلّ مرة برقم فهذا لحمايتك يا صغيرة " عبست على كلمة صغيرة وقالت " هاي انت ، لست صغيرة فقد اتممت العشرين من عمري " ثم تذكرت فورا فسألته " كم عمرك انت ؟!"
"هممم ، هل هذا هو سؤالك الذي سأجيب عنه اليوم صغيرتي " وركّز على الكلمة الاخيرة ، بينما هي كان وقع تلك الكلمة عليها كبير فتلعثمت وارتبكت " هاا !! " اطلق ضحكة مدركا خجلها في هذه اللحظة
" لن اعيد ما قلت ، سأجيبك اذن " فقاطعته فور ادراكها عما يتحدّث " لا لا توقّف ليس هذا سؤالي ..كنت امزح "
" حسنا ماهو سؤالك اذن "
" مم أحيانا عند رؤيتي للكوابيس او عندما اكون خائفة اجد الكرة تلمع بشكل مثير كما ايضا قد سمعت مرة أو مرتين صوتا يتحدث الي لكني لا اعلم من كان " ترددت لحظة ثم اكملت " هل..هل كان انت ؟" لم يجيب بقي صامتا لأكثر من دقيقة حتى ظنّت أنه سؤال غبي ولم يكن هو ، قد ضيعت عليها سؤال اليوم..
" نعم " دق قلبها بمجرد سماعها لهذه الكلمة ، صمت تام حاوط المكان لا يُسمع الا صوت انفاسهما ، حدّقت بالكرة مطوّلا بينما مازال الهاتف على اذنها وقالت في شرود " هل يعني هذا اني أستطيع سماعك عندما تريد ذلك ! " فٱتاها الرّد من الجهة الاخرى بصوت هامس " نعم " تنهّد ثم اكمل بجدّية " يكفي اليوم ، علي الذّهاب " اغلق الخط بمجرد سماعها تقول " حسنا الى اللقاء " .. دخلت فراشها وامسكت لؤلؤتها تناظرها
" لمرّة واحدة فقط ..لمرّة واحدة ارجوك اريد سماعك " خرج صوتها متوسّلا متأمّلا ..انتظرت دقيقة دقيقتان ، خمس دقائق لا شيئ ، استسلمت فوضعتها جانبا ثم اغمضت عينيها..فتحتهما على مصرعيهما عند احساسها بالغرفة تضيئ..نور كبير أقوى حتى من المصباح كان مصدره لؤلؤتها " تصبحين على خير " وانطفئت فورا..
قالت في نفسها بصدمة « ذاك الصّوت !! انّه هو حقا من كان يقول لي في منامي لا تخافي اني هنا » ..
لا تعلم لما تشعر بالسّعادة..ترتاح له بشكل غريب رغم انها لم تره أبدا ..حسنا ذلك اليوم ليست متأكدة بعد ان كان هو أم لا حتى أنها لم تركز جيّدا على ملامحه فقط عيناه ماتتذكّرانه.. كان آخر شيئ تفكر به قبل خلودها للنوم هو قرارها بان اتصاله التالي سيكون سؤالها عما ان كان هو الذي عالجته ..
" اليوم عطلة " هذا ماقالته لأمها بعد ان اتت لايقاظها بسبب المنبه الذي مرّ عليه نصف ساعة وهو يرن ولم تسمعه صاحبة النوم الثقيل..
" ياالهي من هذه الفتاة..ان لم تكوني ستسيقظين باكرا لما فعّلتي المنبه؟! " لم تسمعها ريم فقد كانت أصلا في سبات عميق.. تحسّرت "حسنة " على حال ابنتها وخرجت غالقة الباب خلفها..وبينما هي ذاهبة لتكمل عملها في المطبخ رنّ جرس الباب..
" أهلا بالجميلة التي لا تكبر أبدا ، كيف حالك " قالها اكرم بمجرّد فتحها للباب ، احتضنته قائلة " أهلا بالشّقي الذي اتى البارحة ولم يمر علي " ضحك اكرم
" الم تقل لكي ريم يا خالتي ، اتيت أصلا بوقت متأخر ، وكنت مرهق جدا ، وتعلمين اني افضل الجلوس معكي وتذوق اكلك الشهي عندما اتي " وهنا قاطعتهم بسمة دافعة اياه " ابتعد عن الباب على الأقل واترك لي المجال حتى اسلم على هذه الحسناء " احتضنتها واكملت " خالتي ارجووكي لا تخبريني بأن ريم في سبات شتوي " كانت بسمة شبه متأكدة من ذلك لكنها لم ترد فقدان الامل في صديقتها ، تدخل اكرم وقال " بلى ، انّها كذلك بالتأكيد ، يا الهي من هذه الفتاة قد اخبرتها بان تكون جاهزة على التاسعة ، وانظروا انها العاشرة " ضحكت والدة ريم وردّت قائلة " لهذا كان المنبّه يرن منذ نصف ساعة لكنها لم تسمعه ، ذهبت لايقاضها لكنها قالت بأن اليوم عطلة..اظنًها نستكم كلّيا"..ذهبت بسمة مباشرة اتجاه غرفتها تقول بصوت عال " امهلوني خمس دقائق فقط..وسترون "
" سأُفعّل لكي التوقيت يافتاة انني اعتمد عليك" قالها اكرم بينما يضع قطعة الخبز بالمربى في فمه..
دخلت بسمة كالاعصار لغرفة ريم اغلقت الباب بقوة لكنها لم تتحرك ولا شعرة منها..تأمّلتها قليلا ثم خطرت ببالها فكرة شيطانية فابتسمت بخبث، رفعت عنها غطائها العزيز الذي لا تنام الا به..رأتها تتململ وتحاول بيدها اعادته لكنها لم تجده فاستسلمت واكملت نومها..ضربت بسمة رأسها وقالت " لقد حاولت بالحُسنى، اعذريني صديقتي الجميلة " ثم بدون مقدمات افرغت كأس الماء عليها..انتفظت ريم مرعوبة خائفة ظنّا منها أنّ كابوسها قد عاد مجددا فامسكت لؤلتها فورا واحتظنتها، تريد فقط الامان، وامانها اصبحت تلك الكرة البلّورية لم تلاحظ حتى بسمة التي كانت مصدومة من حالة صديقتها العزيزة وتلك الكرة التي تراها لأول مرة ..هدأت ريم قليلا ولاحظت بسمة التي تنظر لها صامتة فأغمضت عينيها عالمة بأن محاكمة طويلة تنتظرها بشأن الكرة وهي لا تستطيع القول..اعادتها مكانها برفق جانب وسادتها ،نهضت دون قول اي شيئ واحتضنت بسمة على الفور ، كانت بحاجة ماسّة لذلك ففكرة عودة كابوسها المرعب وعودة لياليها البيضاء دون نوم تخيفها بشدّة ، بادلتها الاخرى بصمت وصدق ، ظنّت بأنها تذكرت يوم الحادثة مجددا ، هي تعلم بأن ذلك الحادث قد ترك في صديقتها جرحا لن يشفى أبدا ، تعلم بمعانتها في السنوات الاخيرة ،فقد عانت ريم حتى تعود نفسيتها كما كانت من قبل ، لكنّها لا تعلم بأن ذاك الحادث اصبح كابوسها كل ليلة قبل عام من الان ، لا تعلم بأنها كانت تخشى قدوم الليل فتظل وحيدة بين جدران الغرفة المظلمة ، لا تنام الا على ضوء الفجر..لهذا كانو يطلقون عليها صاحبة النوم الثقيل لنومها حتى منتصف النهار..لكن تغيّر كل ذلك فقط بسبب تلك الكرة البلّورية..حقا هي ممتنّة لذلك الغريب من كل اعماق قلبها..سقطت دمعة من عيني ريم لتذكّرها ذلك ..فمسحتها فورا قبل أن تلاحظها صديقتها ثم ابتعدت عنها قائلة بمزاح لتلطيف الجو " لابد وان اكرم سيرمي علي برميل ماء وليس كأسا فقط ان لم اخرج له الان ، لهذا يا عزيزتي الجميلة الرائعة اذهبي لتهدئة اخاك قليلا ، سأرتدي واخرج فورا" دفعتها مسرعة نحو الباب لكنها اوقفتها مكملة " هاا وايضا لا تقولي بأني نسيت كأس الماء ذاك ..لا تقلقي سأحاسبك على هذا لاحقا" ابتسمت بسمة في وجهها بطريقة مخيفة لا اعلم كيف اصفها وقالت " حبيبتي انتي " ثم مالت على اذنها هامسة لها " لكني من سأحاسبك أولا عزيزتي على تلك الكرة واحتضانك لها ..لا اريدك فقط ان يظن عقلك الصغير بأني نسيت هذا " ثم قبّلتها على خدّها وخرجت ضاحكة تحت انظار تلك المصدومة..
أنت تقرأ
صاحبة عيون الغزال
Romansaاقتباس: صراخ وضجيج كبير علا فجأة ايقظها من عالم احلامها.. استدارت لترى ماذا هناك!!في تلك اللحظة لم تعي نفسها الا وهي ممدة على الارض تنظر مباشرة لزوج من الاعين فوقها..تلك العينين!! "عينا صقر" هذا ماكان يدور في خلدها قبل أن تفوق من غفلتها وتبدأ بالتحر...