الفصل السادس " مكالمة "

82 8 2
                                    

لم تعي على نفسها الا والهاتف فوق اذنها تنتظر كلمة منه لكن لا يوجد، لا يُسمَع سوى صوت انفاسهم ، لم يبادر احدا بالكلام ولا تعلم هي لما لم تغلق الخط، فقط لا تعلم.. بعد مرور خمس دقائق على تلك الحال تشجّعت لتقول بصوت اقرب للهمس.."الو..اا هل انت هناك؟!" فجاءها الردّ بعد تنهيدة طويلة " نعم انا هنا " «اللعنة على صوته هذا لما عليه ان يكون هكذا إنه يربكني » قالت ذلك في نفسها قبل أن تقول له
" من انت ! ما اسمك؟"
" لماذا!.. هل لقب السيد الغامض الذي تطلقينه علي لا يعجبك" «حسنا كنت اعلم اني تحت المراقبة هيا يا فتاة لا تُظهري خوفك» اخذت نفسا عميقا وردّت
"السيد الغامض او صاحب اللؤلؤة تلك القابا خاصة بي لا دخل لك بها.. وبما انّي احتفظ بأمانتك التي استنتجت سابقا مدى اهميتها لك اذن من حقي ان اعلم مالذي كُنت اخبئه طيلة عام كامل، كما من حقي ان اعلم من انت، وكيف تعلم عنّي كل تلك المعلومات حتّى كلماتي التي اقولها بيني وبين نفسي..فمثلا كيف علمت بلقب السيد الغامض فحتى بسمة كاتمة اسراري لم اخبرها شيئ مثلما اوصيتني" وركزت على الكلمة الاخيرة كي تبين له انها وصية وليست تهديد بالنسبة لها..
"همم..هل انتهيتِ؟ تتحدّثين كثيرا يا فتاة..يوما ما ستموتين بالاختناق ان لم تنتبهي على نفسك"
" هل تسخر مني !!"
" أبدا..ولماذا اسخر انها نصيحة فقط..المهم، من الواضح ان لديك العديد من الاسئلة لكن سأكون رحيما واجيبك على سؤال واحد فلا وقت لدي..إختاري سؤالك بعناية " «ااي كم هو مستفز يا الهي..حسنا حسنا ماهو اهم سؤال لكي ياريم فلتجاريه لا وقت للغضب الان» هدّأت نفسها ،اغمضت عينيها واخذت نفسا ثم قالت..
"حسنا ايّها السّيد كما تريد، سؤالي هو كيف تراقبني؟!اعني كيف تسمعني وتعلم كل تحركاتي ؟! وعليك اجابتي لقد اعطيت كلمتك "
"مامدى غبائك يا فتاة لقد اخترت اسهل سؤال..كنت أظن انك وجدت الجواب بنفسك ، همم..حسنا سأساعدك على ايجاده..قد قلتي أنّك لم تتحدّثي لأحد عني فكيف علمتُ اذن!!" قاطعته مسرعة
" نعم انا لم احكي لاحد عنك سوى لؤلؤتي" وهنا فتحت عينيها على مصرعها وقالت بصوت أعلى " الكرة !! ياالهي كيف فاتني ذلك ..لكن ماهو ذلك الشيئ ارجوك اخبرني "
سمعت صوت ضحكته الرجولية الخفيفة من الطرف الاخر ثم صوته يقول
" هل رأيتي! قد اجبتي نفسك يا ذكية..والان الى اللقاء حتى موعد آخر، او دعنا نقول حتى اتصال آخر"
" لا لا انتظر قلي.." لم تكمل جملتها فقد فصل الخط بوجهها تاركا إيّاها باضعافٍ مضاعفة من الاسئلة التي كانت قبل اتصاله..
اخرجت الكرة وبقت تتمعن فيها وقالت دون وعي " اذن انت الان تسمعني ، تسمع كل كلمة أقولها " وعند هذه النقطة توقف عقلها عن العمل ودقّ ناقوس الخطر لديها شريط حياتها للعام الماض مر امام عينيها وتتذكر كيف كل ليلة تأتي لتخبر لؤلؤتها ما يحدث لها..ادركت الان أنه سمع كل شي..فانتفضت واقفة بارتباك وحرج كبير " ياالهي ياالهي هل يعني هذا أنه قد سمع كل اسراري " اخذت الوسادة وغطت راسها بها من خجلها ثم رفعته قائلة مرة اخرى " انتظروا قليلا هذا حقا ظلم، كيف هو يسمعني وانا لا " اخذت الكرة بين يديها وهزتها "هااي انت هناك..انا ايضا اريد سماعك ! اللعنة كيف تعمل هذه الكرة " استسلمت أخيرا وتركتها كعادتها جانب وسادتها..دخلت فراشها وهي تُتمتم "اُشكر اللّه على اني لا أنام دونها والا لكنت خبئتها بمكان لن تسمع فيه حتى دبيب النمل " ثم اغمضت عينيها لك ابى عقلها أن ينام " لكن هل كان هو ذاك الذي جاء اليوم..اووف متى سيتّصل مرة اخرى لدي اسئلة كثيرة" سكتت قليلا ثم قالت فجأة بصوت عالٍ قليلا " ماهذا الغباء ياريم أقسم ان السيد الغامض معه حق..انسيتي انّ لديك رقمه فلتتصلي به انتي" رن هاتفها معلنا وصول رسالة فالتقطته مسرعة وقرأت "لقد صدعتني ايتها المزعجة نامي بالله عليك وارحميني..وايضا لا اتصالات اني اقولها ايّاك..واخيرا لا تلعني مرة اخرى"..
صدمة اخرى بعد رسالته هذه "ايّها الوقح المغرو...ممم لم أقل شيئ ها " واغلقت فمها كأنه يراها..ثم اغمضت عينيها حتى دخلت في سبات عميق..
استيقظت صباح اليوم التالي بكل نشاط دون سبب ..لم تأخذ الكرة معها اليوم فقد قررت تركها بالبيت عمدا..
لا تعلم حقا لما شعورها مختلف اليوم تجاه تلك الكرة فقد اختلفت نظرتها إليها، اصبحت تنظر لها ممم كشخص يسمعها ربما..
وصلت للمشفى، وقبل الذهاب لقسمها والشروع في تدريبها مرّت على الخالة جميلة وبعض المرضى لتعطيهم ورودهم الصباحية ،ومن هناك تمرّ على بعض الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لتعطيهم كتب تعليمية و قصص قصيرة حتى يتسلون بها وترى تلك الفرحة على وجوههم..فأطلّت بإبتسامتها المعهودة عليهم قائلة
"من انهى كتبه القديمة حتى اعطيه المزيد " فرفع الجميع ايديهم في حماس مرحبين بها حتى قال احدهم "ريمي أين كنتي البارحة لم تأتي..اشتقنا لكي كثيرا" فأيّدوه الآخرين مجيبين جميعهم " نعم أين كنتي "
وهنا كان الدكتور آدم يقوم بدورته الصباحية على المرضى رفقة ممرضتين فمرّ على الغرفة التي بها ريم..دخل لكنه لم يصدر اي صوت ، استند على الباب وسمعها تقول
" اسفة يا اصدقائي الرائعين..لن أستطيع من الان ان أتي يوميا لكم..لكن وعد مني اني كلما امر ساتيكم بمجموعة كبيرة من الكتب فتتقاسمونها في مابينكم وتتبادلونها حتى تكملونها جميعا لحين عودتي مرة اخرى موافقون " فهلل الجميع بسعادة والتفو حولها يعانقونها ومن لم يستطع المشي ذهبت اليه بنفسها لتعانقه..كان أدم يراقبها بكل اعجاب فهو معجب باخلاقها وجمالها وكل شيئ فيها منذ يومها الاول ، لم يكن يريد ارسالها لقسم الجراحة كان يريدها تحت مسؤوليته حتى يراها يوميا لولا ان اكرم اتّصل عليه وطلب منه ذلك دون اخبار ريم أنه من فعل ..خرج من شروده بها على صوتها تقول " اوو دكتور آدم لم أشعر بك عند دخولك " ثم اكملت خجلة " اسفة ان عطّلتك عن عملك ، سأذهب الان " ضحك وقال " لا بأس يا ريم بالعكس فالاطفال هنا يحبّونك كثيرا وينتظرونك يوميا " نظرت لهم بسعادة صادقة " وانا ايضا احبّهم كثيرا جدا " ثم وجهت انظارها له واكملت " لكن عن اذنك الان قد تأخرت ، لا بد وان الدكتور رائد ينتظرني " وذهبت مسرعة ما إن سمعت موافقته عن ذلك ..
اكملت يومها رفقة دكتور رائد تتابع جميع تحركاته وتحفظها جيدا، لكنها مع الاسف لم تحظى اليوم بفرصة للقيام بجراحة بنفسها فكلّ من اتوا كانوا حالات مستعجلة وحرجة..
حان موعد خروجها فخرجت مع مريم صديقتها من الجامعة والتي تتدرب معها بنفس المشفى ، كانا هي وبسمة سيتوجهون للمطار لاستقبال اكرم فاليوم سيعود من سفره، لكن في آخر دقيقة اتصلت عليها تخبرها بان تذهب بمفردها فقد طرأ لها عمل مهم .. طلبت من مريم الذهاب معها لم تشأ الذهاب بمفردها فوافقت الاخرى..

صاحبة عيون الغزال حيث تعيش القصص. اكتشف الآن