خرجوا وأخيرا من البيت بعد نصف ساعة اخرى اثر مشاجرتهم على تأخرها ،ولم يتركها اكرم الا بعد ان وعدته بتمضية اليوم كلّه برفقتهم وأن لا ترفض طلبا او تتذمّر على شيئ كعادتها..
لا تعلم ريم أين الوجهة بالتحديد لكنّها جلست صامتة تطل من النافذة..
" ممم ريم لما لا تتصلين على صديقتك تلك لتأتي معنا ان كانت متفرغة " ضحكت ريم علي قول اخيها وقالت
"هل ابدأ بالشكّ الان "..
" اياك ان تفعلي فشكك غبي مثلك ، اتصلي بها ولا تقولي اني من طلبت ذلك "
"حسنا حسنا لما الصّراخ" واتصلت على مريم التي كانت ايضا تشعر بالملل فوافقت بكل سرور..
"هل ارتحت الان ، تفضل العنوان " قالتها ريم بعدما مدّت يدها كي تريه عنوان منزلها..بينما بسمة لم تكن تسمعهم أصلا فقد كانت داخل عالمها الخاص تضع سمّاعاتها مغمضة العين..انتبهت عند وقوف السيارة وركوب مريم فالتفتت لها بكل حماس " مريم ؟؟ اهلااا لم اكن اعلم انّك ستأتين معنا ! لكن هذا رائع سنستمتع كثيرا " ضحكت وردّت
" اشكري ريم فهي من اتصلت واستدعتني " كتمت ريم ضحكتها هي الأخرى ونضرت في المرآة على اكرم
" نعم نعم انا من اتصلت عليها " ارتبك اكرم وحمحم ثم قال
" والان يا فتيات اسمعوني جيدا..سنقضي اليوم كله في الاستمتاع ، سنعتزل العالم الخارجي وندخل عالم خاص بنا ، لهذا فلتغلقوا هواتفكم رجاءا ولتضعوها هنا " واشار الى صندوق صغير داخل السيارة ثم اكمل " وطبعا لا يوجد رفض " فعلوا ماقاله واغلق الجميع هواتفهم
" احسنتم ، اذن حان وقت الاستمتاع " قالها بحماس كبير وشغل أغنية حماسية ليبداوا في الغناء معا تاركين اكرم يقودهم الى وجهتهم..
توقفت السيارة عند سفح جبل متوسط الطول..نزلوا وفوق رؤوسهم علامات الاستفهام "اكرم !؟ ماهذا المكان ؟ الى أين ستأخذنا !!" قالت ريم في فضول " اتبعوني وسترون، لكن أولا.." واخرج من السيارة بعض الاحذية الملائمة لتلك الطريق الوعرة التي لا تناسب احذيتهم الصيفية الخفيفة " ارتدوا هذه والا ستضطرون لترك احذيتكم والمشي حفاة بعد بضعة امتار فقط " لم يعلّقوا وفعلوا مايقول ، اخرج اكرم حقيبة ظهر كبيرة ثم انطلق يتبعه فتياتنا الثلاث يمسكون بايدي بعضهم يرتكزون عليها فقد كانوا متوجهين نحو الاعلى ، كأنهم يتسلقون ذلك الجبل لكن مشيا على الاقدام..طالت الطريق لأكثر من نصف ساعة، فبدأت الفتيات بالتّذمر والتعب واكرم يصبّرهم ويشغلهم باحاديث شتّى ، توقفوا فجأة بمجرد ان مروا على اشجار كثيفة غطّت الرؤية امامهم..
" ياالهي أين نحن ؟! " قالت بسمة بدهشة كبيرة من المنظر امامهم
" هل نحن في الجنة؟؟" نطقت مريم ..
" لا يمكن أن يكون هذا المكان بمدينتنا ونحن لا نعلم عنه" اكملت ريم..واكرم ينظر لهم بابتسامة وفخر كأنه حقق انجاز كبير..
دعوني أصف لكم المكان قليلا..
على قمة جبل مرج كبير من أزهار ذات الوان مختلفة كأنها باقة ربّانية مصممة بإتقان، تقع عليه اشعة الشمس اللامعة فزادته جمالا وتوهجا..يطلّ على منظر اكثر منه سحرا..تلك المدينة التي كانت تبدو كبيرة يضيع فيها من لا يعرف طرقاتها..هاهي تبدو الان ككف اليد امام اعينهم يحظنها من الجهة اليمنى ذاك البحر الكبير لا حدود له ، يُخيّل لك عقلك انها نهاية العالم في تلك النقطة حيث لا ترى ابعد من ذلك..
قطع استمتاعهم بتلك اللحظة نداء اكرم وللتو حتى لاحظوا المكان الذي حضّره، فقد افرش غطاء على الارض وضع فوقه بعض المأكولات الخفيفة..
"هل خرج كل هذا الاكل من تلك الحقيبة " قالت ريم بكل حماس وهي تركض نحوه رفقة بسمة ومريم..
استمتعوا حقا ذلك اليوم ، لعبوا وركضوا واستكشفوا المكان.. وبينما كان اكرم وبسمة وريم متجمعين يضحكون على موقف ما تحكي فيه ريم ،لاحظ اكرم وقوف مريم بعيد عنهم بعض الشيئ ، اتجه لها وجلس بجانبها وظلّ صامتا يراقبها ، لم تشعر به حتى فقد كانت شاردة بعالم آخر، سقطت منها دمعة كانت كالنار بالنسبة لقلبه لا يعلم مالذي حصل له منذ ان رآها في المطار ، كان تأثيرها كبيرا عليه وهو الذي لم يتأثر بفتاة لتلك الدرجة من قبل حتى في سفره..ايقن الان برؤية دمعتها الصافية أنه احبّها ،غرق بعيون البحر التي سحرته بهما من اول نظرة ، أراد أن يمد يده ويمسح دمعتها لكنه تراجع عن ذلك ، لم يرد اخافتها بل خاف الله فيها كاخوتيه تماما..ايقظها من عالمها منديله الذي قدّمه لها فارتبكت وقالت خجلة
"اكرم !! منذ متى وانت هنا لم اشعر بك "
" ليس بوقت طويل لقد اتيت الان ، امسكي هذا " وقدّم لها المنديل ..
"شكرا لك " قالتها في خجل شديد ، لم ينطق احدهما بعد ذلك ، توقعت ان يسألها لما تبكين او مابك لكنه لم يفعل، هو أراد فقط ان يشاركها لحظتها، أراد تركها على حرّيتها فإن شاءت تحدّثت بنفسها وسيكون بجانبها ليسمع..
انتبهت عليهم بسمة فقررت الذهاب لهما لكنّ ريم امسكت يدها قائلة " اتركيهما قليلا " تعجبت بسمة " لماذا !!؟ رييم هل يوجد شيئ لا أعرفه ؟" فقصّت عليها ما حدث في المطار وكيف طلب منها ان تتصل بها اليوم..
" يا الهي وأخييرا، ذاك الاحمق وقع على رأسه " قالت بسمة بسعادة كبيرة لاخيها، فلم تشئ ازعاجه واكملت استمتاعها مع ريم ..
" قبل سنتين اخذني اخي لمكان يشبه هذا ، كان يوما رائع لن انساه أبدا " قالت مريم بعد صمت دام عشر دقائق فالتفت لها وابتسم
" حقا!! هل هذا يعني انّي اعدت لكي الذكريات الجميلة " فسقطت دمعة اخرى منها مسحتها فورا ونضرت داخل عينيه بامتنان "نعم ، شكرا لك " كان يريد توقف الزمن في هذه اللحظة لم يرد قطع تواصلهم البصري لكنّها فعلت بعد وقت قصير وعادا للصمت مرة اخرى كسره هو هذه المرة..
" واين اخاك الان " لم يأتيه الجواب فالتفت لها وياليته ما فعل فقد احرقت روحه بدموعها التي تنزل بصمت ، احتار مالذي عليه فعله فامسك بيدها يواسيها..
" قد مات " ازداد نحيبها بمجرد نطقها لتلك الكلمة..لم ينطق فقط تقدم بجانبها اكثر ومالت هي على كتفه واكملت بكاؤها..
رأوهم بسمة وريم تركوهم قليلا حتى تهدأ مريم ثم انضمّوا اليهم ،وبمزاحهم اعادوا البسمة لوجهها..
امسية لطيفة مرّت عليهم اختتموها بمشاهدة غروب الشمس الذي كان اجمل منظر رأوه في حياتهم..
" ياالهي قد حل الظلام الان كيف سنعود كل ذلك الطريق بمفردنا ، انا اخاف " قالت بسمة ذلك فانتبهت ريم ومريم فقالت الاخيرة
" حقا! قد بدأت اسمع اصوات العواء اتية من أسفل " وعند هذه النقطة اطلق الفتيات صرخة دلالة على خوفهم قاطعهم صوت ضحك اكرم من الخلف فقالت ريم " هاي انت، هل تسخر منا ؟! كيف سنعود الان حتى هواتفنا تركناها بالسيارة " ثم انتبهت لساعة يدها وقالت في نفسها « ياالهي إنه موعد السيد الغامض في الاتصال» قاطع تفكيرها قول اكرم
" كم انتم جبناء.. ابهذه السرعة نسيتم استمتاعك وشكركم لي قبل قليل !" فردّت مريم في ارتباك..
" لا.. إنه مكان جميل حقا..فقط نحن خائفون من اصوات الذئاب " ابتسم اكرم لهم مطمئنا و قال " حسنا..الان تأتي مفاجئتي الاخيرة، فلتغمضوا اعينكم رجاءا " ذهب لحافة الجبل من الخلف وابعد بعض الأوراق والشجيرات "يمكنكم الفتح الان " ذهلوا من مارأوه امامهم فقد كانت عربة معلقة فوق حبل يصل من الاعلى للاسفل..فصرخت مريم فرحة " اكرم انت حقا مدهش " خجل اكرم من مديحها وتمتم شاكرا لها..اما فتاتانا فقد كانا يضحكان على عصافير الحب..نزلا لاسفل وقد كانت رحلة ممتعة حقا..
اوصلوا مريم وعادوا لمنزلهم بعد الحاح بسمة واكرم لمبيت ريم معهم لاكمال السهرة هناك فوافقت على مضض..
أنت تقرأ
صاحبة عيون الغزال
Romanceاقتباس: صراخ وضجيج كبير علا فجأة ايقظها من عالم احلامها.. استدارت لترى ماذا هناك!!في تلك اللحظة لم تعي نفسها الا وهي ممدة على الارض تنظر مباشرة لزوج من الاعين فوقها..تلك العينين!! "عينا صقر" هذا ماكان يدور في خلدها قبل أن تفوق من غفلتها وتبدأ بالتحر...