٢

4K 196 35
                                    




كان جيون جونغكوك مطاردًا من شرطة " تالكاهوانو " و " تیموکو " و " بويرتو ناتاليس " ؛ ففي هذه المدن الثلاث كان قد سلب عجائز ، وتحيل على شباب ، وقتل كل من لم ينصعْ له ، ولم يكن لضحاياه وجوه في ذاكرته ، بل إنه هو نفسه لم تسنح له الفرصة حتى ينظر إلى وجهه في المرآة .

كان عالمه يزدحم بأطياف وظلال مخيفة يزيحها جانباً كما يطرد الواحد منا أسراب الذباب .


كان جونغكوك قد شهد وهو صغير موت أبيه ، أما أمه فلم يكد يعرفها ، عَوَّل على نفسه مبكراً ليحيا متبعاً قانون الشارع والأرصفة والبؤس .

لم يكن له من شيء قط سوی سکینه وقوته البدنية ، ومالٍ مسروقٍ ينسرب من بين أصابعه كماء السَّيل .

اعتقد مرةً أو مرتين أنه أحب امرأة دون أن يلطف ذلك من مزاجه ؛ فقد انتهت هذه القصص كغيرها إلى مأساة ، وفرار عبر السلالم الخلفية ؛ فلم يكن جونغكوك شخصية يمكن التعويل عليها ، فما بالك إذا تعلق الأمر بتربية طفل .


وعلى الرغم من ذلك ها هو يعيش مع تايهيونغ في هذا المنزل بأقصى الأرض مُطوقاً بالرِّيح والأنواء والثلوج والسماوات ، ولم تكن لتايهيونغ الصغير القاصر الخِيَرَة من أمره ؛ فقد استقر القاتل ببيته ، وكان عليه أن يتكيف مع الوضع .


كان كلاهما يجتهد في فلح مزرعة الخضر ، وإطعام الدَّجاج والماعز ، وكان تايهيونغ يعد الحساء ، وظل أيضاً يتصيد الثَعابين ، ولكن بوتيرة أقل من السابق ، لأن جونغكوك كان يكره أن يراه ينبش بين الأحجار ، وكان يقول له :
" ستُلدغ يوماً ما وستندم على هذا الهوس القذر ! "

إن ما كان يشغل بال جونغكوك حقاً هو معرفة سن تايهيونغ على وجه التحديد ؛ فجسده الهزيل ليس دليلاً يمكن الوثوق فيه ، كان تايهيونغ يبدو ابن خمسة عشر سنة ، لكنه قد يكون أيضا ابن ستة أو سبعة عشر .

وكان يقول له :
" حاول أن تتذكر يوم ميلادك . "


وكان تايهيونغ يرد قائلًا :
" إنه اليوم الذي جئتنا فيه . "


" ليس الأمر كذلك أبداً ! "


" لا أتذكر شيئاً قبل ذلك اليوم . "



فماذا عسى جونغكوك أن يستنتج من هذا الكلام ؟ أيستنتج أنه بات أباً لهذا الفتى بمحض صدف جرائمه ؟ ولم لا ؟ هو نفسه وهو على أعتاب الثلاثين من عمره لم يكن قد عمل صالحاً طول حياته إلى الآن ، فأن يكون أباً ، هو لعمره أمر ذو بال .

دموع ألقاتل |TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن