كان جيون جونغكوك مطاردًا من شرطة " تالكاهوانو " و " تیموکو " و " بويرتو ناتاليس " ؛ ففي هذه المدن الثلاث كان قد سلب عجائز ، وتحيل على شباب ، وقتل كل من لم ينصعْ له ، ولم يكن لضحاياه وجوه في ذاكرته ، بل إنه هو نفسه لم تسنح له الفرصة حتى ينظر إلى وجهه في المرآة .
كان عالمه يزدحم بأطياف وظلال مخيفة يزيحها جانباً كما يطرد الواحد منا أسراب الذباب .
كان جونغكوك قد شهد وهو صغير موت أبيه ، أما أمه فلم يكد يعرفها ، عَوَّل على نفسه مبكراً ليحيا متبعاً قانون الشارع والأرصفة والبؤس .
لم يكن له من شيء قط سوی سکینه وقوته البدنية ، ومالٍ مسروقٍ ينسرب من بين أصابعه كماء السَّيل .
اعتقد مرةً أو مرتين أنه أحب امرأة دون أن يلطف ذلك من مزاجه ؛ فقد انتهت هذه القصص كغيرها إلى مأساة ، وفرار عبر السلالم الخلفية ؛ فلم يكن جونغكوك شخصية يمكن التعويل عليها ، فما بالك إذا تعلق الأمر بتربية طفل .
وعلى الرغم من ذلك ها هو يعيش مع تايهيونغ في هذا المنزل بأقصى الأرض مُطوقاً بالرِّيح والأنواء والثلوج والسماوات ، ولم تكن لتايهيونغ الصغير القاصر الخِيَرَة من أمره ؛ فقد استقر القاتل ببيته ، وكان عليه أن يتكيف مع الوضع .
كان كلاهما يجتهد في فلح مزرعة الخضر ، وإطعام الدَّجاج والماعز ، وكان تايهيونغ يعد الحساء ، وظل أيضاً يتصيد الثَعابين ، ولكن بوتيرة أقل من السابق ، لأن جونغكوك كان يكره أن يراه ينبش بين الأحجار ، وكان يقول له :
" ستُلدغ يوماً ما وستندم على هذا الهوس القذر ! "إن ما كان يشغل بال جونغكوك حقاً هو معرفة سن تايهيونغ على وجه التحديد ؛ فجسده الهزيل ليس دليلاً يمكن الوثوق فيه ، كان تايهيونغ يبدو ابن خمسة عشر سنة ، لكنه قد يكون أيضا ابن ستة أو سبعة عشر .
وكان يقول له :
" حاول أن تتذكر يوم ميلادك . "
وكان تايهيونغ يرد قائلًا :
" إنه اليوم الذي جئتنا فيه . "
" ليس الأمر كذلك أبداً ! "
" لا أتذكر شيئاً قبل ذلك اليوم . "
فماذا عسى جونغكوك أن يستنتج من هذا الكلام ؟ أيستنتج أنه بات أباً لهذا الفتى بمحض صدف جرائمه ؟ ولم لا ؟ هو نفسه وهو على أعتاب الثلاثين من عمره لم يكن قد عمل صالحاً طول حياته إلى الآن ، فأن يكون أباً ، هو لعمره أمر ذو بال .
أنت تقرأ
دموع ألقاتل |TK
Poesiaكان هناكَ فتى وُلِد لأبوين لم يُحبا بعضهما قّطُّ نما الفتى كما كانت الحشائش تنمو حول مزرعة والديه يُلطخه الطين وتضربه الرياح حتى صارت اذناه مثل الجناحَين. كان اسمه "تايهيونغ" "كيم تايهيونغ". وفي يوم عادي من أيام عائلة كيم ، كان تايهيونغ يركض وراء ا...