١٩

1K 61 3
                                    




استيقظ تايهيونغ مع الفجر ، وعلى خدِّه الأيسر بُقعة حمراء طبعتها الأسطوانة التي نام عليها ، أما السِّكين فقد وضعها في حزام سرواله ظنًا منه أنه سیستعملها لنحت الأغصان إذا ما أراد مثلًا أن يصنع منها لُعباً .

خرج ليلقى الأطفال في نشوة هذا اليوم الجديد ، وقد امتدَت طلائع أشعة الشمس عبر أخشاب المُستودع المُتباعدة في طرفه ، ورسمت خطوطاً ذهبية تلألأت لها قطرات النَّدى .


لم يستيقظ جونغكوك وريكاردو ، ولم يحضر الأطفال هنا بعدُ ، فلم يقوَ تايهيونغ على الصَّبر ! كان هواء الصَباح المُنعش يخز جلده لكنَّ ذلك لم يكن أمراً مُزعجاً ، فلن يحدث أيُّ أمر مزعج في يوم كهذا ! أخذ يمرح وحده حول المنزل دون أن يحدث هرجاً .


لمح في آخر الطريق لَما بلغ ظهر المنزل ، سيارةً قادمة حَسِبها على ملك والدي الأطفال فهرع إليهم تغمره السعادة للُقياهم .

أوقف السائق المُحرِك وفُتح بابٌ ، لكن بدلاً من الأطفال المُنتَظَرين خرج من السيارة رجلان بزيٍ نظاميٍ ، ودون أن ينطقا بكلمة انقضا على تايهيونغ وكمَما فمه بأيديهما ليمنعاه من الصِّياح ، ودفعا به إلى السيارة وكأنهما يدفعان كيس حَبٍّ ، وهمس له أحد رجال الشُّرطة في أذنه :
" أنت بخير الآن ، نحن هنا ، أنت في مأمن . "

ورأى آخر بقايا البُقعة الحمراء على خدِّه فخفض رأسه في حزن :
" لقد عاش هذا الطفل محنة.. وحان الوقت لنتدَخل . "

أخرج رجلان كانا في مُقدِمة السَيارة مُسدَّسيهما ، وتسلَلا نحو المنزل ، رآهما تايهيونغ يُطوِقان المبنى ، فأطلق من تحت اليد التي تسدُّ فمه صرخة مكتومة .



بعد قليل سمع طلقتي رصاص ، وخُيِّلَ إليه أن رأسه هو الذي انفجر .




مرت بعض الدقائق ، جوفاء ضبابية وكأن الزَّمن نفسه قد غشيته الدُموع ، ثم عاد أحد رجال الشُرطة راكضاً مُضطرباً نحو السيارة وهو لا يزال يمسك مُسدَّسه في يده وقد تلطَّخ زيُه بالدِماء وصاح قائلًا :
" لم يكن هو ! "

سحب الرجل الذي كان يُكمِم فم تايهيونغ يده عنه وفتح الباب ، قفز تايهيونغ خارج العربة وقد انعقد حلقه .

فواصل الشُّرطي قوله وهو يلهث :
" عثرنا على مُجرِد عظم ! تبخَر جيون وجُرِحَ لوباز ! "

ترك الرجال تايهيونغ مكانه واتَجهوا نحو المنزل ركضاً ، أحسَّ الصبي وهو وحيد تحت الشمس بنبض الكون بأسره في قلبه . كانت الأرض تزمجر تحت قدميه ، والسماء تهتزُّ أمام عينيه اهتزازاً ترنَحَ له الفضاءُ والكواكب والنُجوم وكلُّ شيء من باطن الأرض إلى أطراف الكون الشاسع .

دموع ألقاتل |TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن