استيقظ تايهيونغ مع الفجر ، وعلى خدِّه الأيسر بُقعة حمراء طبعتها الأسطوانة التي نام عليها ، أما السِّكين فقد وضعها في حزام سرواله ظنًا منه أنه سیستعملها لنحت الأغصان إذا ما أراد مثلًا أن يصنع منها لُعباً .
خرج ليلقى الأطفال في نشوة هذا اليوم الجديد ، وقد امتدَت طلائع أشعة الشمس عبر أخشاب المُستودع المُتباعدة في طرفه ، ورسمت خطوطاً ذهبية تلألأت لها قطرات النَّدى .
لم يستيقظ جونغكوك وريكاردو ، ولم يحضر الأطفال هنا بعدُ ، فلم يقوَ تايهيونغ على الصَّبر ! كان هواء الصَباح المُنعش يخز جلده لكنَّ ذلك لم يكن أمراً مُزعجاً ، فلن يحدث أيُّ أمر مزعج في يوم كهذا ! أخذ يمرح وحده حول المنزل دون أن يحدث هرجاً .
لمح في آخر الطريق لَما بلغ ظهر المنزل ، سيارةً قادمة حَسِبها على ملك والدي الأطفال فهرع إليهم تغمره السعادة للُقياهم .أوقف السائق المُحرِك وفُتح بابٌ ، لكن بدلاً من الأطفال المُنتَظَرين خرج من السيارة رجلان بزيٍ نظاميٍ ، ودون أن ينطقا بكلمة انقضا على تايهيونغ وكمَما فمه بأيديهما ليمنعاه من الصِّياح ، ودفعا به إلى السيارة وكأنهما يدفعان كيس حَبٍّ ، وهمس له أحد رجال الشُّرطة في أذنه :
" أنت بخير الآن ، نحن هنا ، أنت في مأمن . "ورأى آخر بقايا البُقعة الحمراء على خدِّه فخفض رأسه في حزن :
" لقد عاش هذا الطفل محنة.. وحان الوقت لنتدَخل . "أخرج رجلان كانا في مُقدِمة السَيارة مُسدَّسيهما ، وتسلَلا نحو المنزل ، رآهما تايهيونغ يُطوِقان المبنى ، فأطلق من تحت اليد التي تسدُّ فمه صرخة مكتومة .
بعد قليل سمع طلقتي رصاص ، وخُيِّلَ إليه أن رأسه هو الذي انفجر .
مرت بعض الدقائق ، جوفاء ضبابية وكأن الزَّمن نفسه قد غشيته الدُموع ، ثم عاد أحد رجال الشُرطة راكضاً مُضطرباً نحو السيارة وهو لا يزال يمسك مُسدَّسه في يده وقد تلطَّخ زيُه بالدِماء وصاح قائلًا :
" لم يكن هو ! "سحب الرجل الذي كان يُكمِم فم تايهيونغ يده عنه وفتح الباب ، قفز تايهيونغ خارج العربة وقد انعقد حلقه .
فواصل الشُّرطي قوله وهو يلهث :
" عثرنا على مُجرِد عظم ! تبخَر جيون وجُرِحَ لوباز ! "ترك الرجال تايهيونغ مكانه واتَجهوا نحو المنزل ركضاً ، أحسَّ الصبي وهو وحيد تحت الشمس بنبض الكون بأسره في قلبه . كانت الأرض تزمجر تحت قدميه ، والسماء تهتزُّ أمام عينيه اهتزازاً ترنَحَ له الفضاءُ والكواكب والنُجوم وكلُّ شيء من باطن الأرض إلى أطراف الكون الشاسع .
أنت تقرأ
دموع ألقاتل |TK
Poesiaكان هناكَ فتى وُلِد لأبوين لم يُحبا بعضهما قّطُّ نما الفتى كما كانت الحشائش تنمو حول مزرعة والديه يُلطخه الطين وتضربه الرياح حتى صارت اذناه مثل الجناحَين. كان اسمه "تايهيونغ" "كيم تايهيونغ". وفي يوم عادي من أيام عائلة كيم ، كان تايهيونغ يركض وراء ا...