١٧

1.1K 65 8
                                    





...



كان تايهيونغ يضحك كلما ارتجَّت العجلة على الطريق وهو جالس في مُقدمة الجرّار فوق غطاء المُحرِّك وخلفه خيَّم على جونغكوك و ریکاردو صمتُ رجلين مُنهكين راضيين بما أنجزاه ، فقد تراجعت الأسئلة تحت وطأة التعب ، ولم يعد ريكاردو يحسُّ لهيبها على لسانه ، فأياً كان هذا الرجل ، ومهما فعل في حياته الماضية فقد حلَّ هنا على جذع الشجرة الميت ليثبت شرفه وشجاعته ، وهذا يكفي لیحسَّ ريكاردو بالطُمأنينة .

وحينما وصلوا وقد تراءى لهم المنزل رأوا شاحنة مُتوقِفة في ساحته تنتظر عودتهم ، نزل منها رجل ضخمٌ أشقر يلبس زيَّ عمل أزرق ، صاح قائلًا :
" مرحباً ! "

أومأ له ريكاردو بإشارة ، في حين أحنى جونغكوك رأسه بحركة لاإرادية ليُخفي وجهه ، وعند الوصول إليه أوقف ريكاردو الجرار ، فقال الرجل الضَخم مُوضِحاً :
" لقد أرسلني مصنع الخشب . "

فقال ریکاردو مستغرباً :
" ألم يستطع ألفريدو أن يأتي بنفسه ؟ "

ردَّ الآخر قائلاً :
" يجب أن ينقل هذا الخشب إلى ' بويرتو ناتالیس'
دون تأخير ، إذ لن يُعالج في المصنع المعتاد ، أتريد رؤية وصل الطَّلبية ؟ "

هزَّ ریکاردو رأسه مُوافقاً ، ورافق الرجل إلى الشاحنة ، فاستغلَّ جونغكوك ذلك ليقفز إلى الأرض ويأخذ تايهيونغ من يديه :
" تعالَ ، فلندعهما يُسوِيان أمورهما . "

سار مع تايهيونغ إلى داخل المنزل الآمن ، فقد بدا واضحاً أن ريكاردو ينتظر شخصاً آخر ، وكان جونغكوك يشكُ في كلِّ شيء ، إذ نادراً ما كانت المفاجآت سارة للقتلة ، فانتصب قُرب نافذة خلف السَتائر ليُراقب ما سيفعله الضَخم الأشقر ، فرأى ريكاردو يتفحَص أوراقاً ويُمضي ورقة بنظيرتها ، ثم يساعد الرجل على نزع السُيور  التي تشدُّ قطع الشجرة في المقطورة .

طلب تايهيونغ أن يعود إلى الخارج ليحضر عملية نقل الخشب إلى الشاحنة ، فصدَه جونغكوك عن ذلك بنظرة حازمة .

رأى تايهيونغ يدي جونغكوك تُسرعان إلى صدره وتحومان كحشرات هائجة حول نور ساطع ، أما أصابعه فكانت كأرجل الجراد ، أو كلَّابات مُتحفِزة للانقضاض على مقبض السِّكين ، ففهم أنه يعود إلى سالف عهده ، لذلك هزَّ تايهيونغ كتفيه واتَّجه إلى الأريكة الوثيرة وتكوَر فوقها ، وبعد برهة تحرَّكت الشاحنة وسُمِعَ صوتها وهي تبتعد على الطريق حاملة معها الشجرة الأخيرة ومخاوف جونغكوك .

دموع ألقاتل |TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن