يبلغ ريكاردو مورجا خمسًا وسبعين سنة من العُمر ، وكان يعيش وحيداً على أطراف الغابة في الشمال ، شيدَّ منزله بنفسه منذ أكثر من خمسين عاماً في الفترة التي كانت تستعد فيها زوجته لتضع بِكرها .
كان حطاباً ويمتهن النجارة كذلك ، وقد اختار هذا المكان المُنعزل ليستطيع العمل دون أن يبتعد كثيراً عن عائلته .
" رزقنا بثلاثة أطفال ، صَبيين وبنت ، وكنت أوسع المنزل مع كل ولادة ، أما الآن فهم ليسوا هنا ، وكما ستريان ستجدان مكانًا لكما . "
كان اليوم قد انقضى عندما غادروا الغابة ، تبع تايهيونغ الرَجلين مُنقاداً ، فقد آلمته معدته لشدة جوعه ، وأحسَ بحموضة الرَيق في فمه .
فتح ریکاردو باب منزله وتراجع ليترك ضيفيه يَدخُلانه ، ففاجأهما الدفء ورفاهة المكان : زرابيُّ ، وأرائك مخملية ، ومقعد يتوسط طاولتين مُستديرتين صغيرتين ، وستائر للنوافذ وتحف ... وما أثار دهشتهما أكثر وجود مكتبة ضخمة تراضت فيها الكتب حتى كادت تسقط رفوفها ، فلم يكن هذا ما يمكن أن يتخيلا وجوده في منزل شيخ حطاب وحيد .
أشعل ريكاردو مصباحي غاز وعدداً من الشموع الصغيرة وضعها في صف واحد فوق الطاولة ، وقال وهو يبتسم :
" كانت زوجتي هولندية الأصل ، وهي من رتَبت داخل المنزل هكذا ، وأنا أعتقد أنني أحفظ ذكراها بإيقاد الشموع . "توارى في غرفة مجاورة ، ثم أطلَّ منها برغيف خبز وأكواب وطبق يحوي بقية فخذ خروف ، كانت وليمة حقيقية ! ودون أن يلفظ كلمة انقضَّ تايهيونغ على الأكل .
جلس ريكاردو على المقعد مُريحاً مرفقيه على جنبيه الوثيرين ، وكان ينظر إلى ضيفيه بفضول ، لكنه لم يطرح عليهما أي سؤال ؛ فقد تعلم أن يصمُت ، وأن يقبل مفاجآت الحياة كما هي ، خرج رجل وصَبي من الغابة مُنهكَين ، فأين الغرابة في ذلك ؟ لا بدَّ أن لهما أسباباً وجيهة ليصلا هذا المكان .
قال لجونغكوك :
" أحبُّ أن أحتسي شراباً معكما فلديَّ في المخزن بعض القوارير النادرة التي لا أسمح لنفسي بفتحها لشربها بمُفردي . "ولَما نهض ليخرج من الغرفة ابتسم تايهيونغ ثم تجشَأ ، وقال :
" شكراً " .
من أعماق قلبه .انحنى ريكاردو قليلًا وأخفى رغبته في الضَحك وهو يُغلق الباب خلفه .
همس له جونغكوك مُستاءً :
" كان عليك أن تمسك نفسك ، فلسنا مع همج هنا ! "انبهر جونغكوك بالرجل الهَرِم ، وبعالمه البسيط الوثير ، فقد أربك حسنُ ضيافته القاتل الذي لم يُضمر لأول مرة العداوة ومنذ زمن طويل لشخص واجهه .
أنت تقرأ
دموع ألقاتل |TK
Puisiكان هناكَ فتى وُلِد لأبوين لم يُحبا بعضهما قّطُّ نما الفتى كما كانت الحشائش تنمو حول مزرعة والديه يُلطخه الطين وتضربه الرياح حتى صارت اذناه مثل الجناحَين. كان اسمه "تايهيونغ" "كيم تايهيونغ". وفي يوم عادي من أيام عائلة كيم ، كان تايهيونغ يركض وراء ا...