١٤

1.1K 73 1
                                    











يبلغ ريكاردو مورجا خمسًا وسبعين سنة من العُمر ، وكان يعيش وحيداً على أطراف الغابة في الشمال ، شيدَّ منزله بنفسه منذ أكثر من خمسين عاماً في الفترة التي كانت تستعد فيها زوجته لتضع بِكرها .

كان حطاباً ويمتهن النجارة كذلك ، وقد اختار هذا المكان المُنعزل ليستطيع العمل دون أن يبتعد كثيراً عن عائلته .

" رزقنا بثلاثة أطفال ، صَبيين وبنت ، وكنت أوسع المنزل مع كل ولادة ، أما الآن فهم ليسوا هنا ، وكما ستريان ستجدان مكانًا لكما . "

كان اليوم قد انقضى عندما غادروا الغابة ، تبع تايهيونغ الرَجلين مُنقاداً ، فقد آلمته معدته لشدة جوعه ، وأحسَ بحموضة الرَيق في فمه .

فتح ریکاردو باب منزله وتراجع ليترك ضيفيه يَدخُلانه ، ففاجأهما الدفء ورفاهة المكان : زرابيُّ ، وأرائك مخملية ، ومقعد يتوسط طاولتين مُستديرتين صغيرتين ، وستائر للنوافذ وتحف ... وما أثار دهشتهما أكثر وجود مكتبة ضخمة تراضت فيها الكتب حتى كادت تسقط رفوفها ، فلم يكن هذا ما يمكن أن يتخيلا وجوده في منزل شيخ حطاب وحيد .

أشعل ريكاردو مصباحي غاز وعدداً من الشموع الصغيرة وضعها في صف واحد فوق الطاولة ، وقال وهو يبتسم :
" كانت زوجتي هولندية الأصل ، وهي من رتَبت داخل المنزل هكذا ، وأنا أعتقد أنني أحفظ ذكراها بإيقاد الشموع . "

توارى في غرفة مجاورة ، ثم أطلَّ منها برغيف خبز وأكواب وطبق يحوي بقية فخذ خروف ، كانت وليمة حقيقية ! ودون أن يلفظ كلمة انقضَّ تايهيونغ على الأكل .

جلس ريكاردو على المقعد مُريحاً مرفقيه على جنبيه الوثيرين ، وكان ينظر إلى ضيفيه بفضول ، لكنه لم يطرح عليهما أي سؤال ؛ فقد تعلم أن يصمُت ، وأن يقبل مفاجآت الحياة كما هي ، خرج رجل وصَبي من الغابة مُنهكَين ، فأين الغرابة في ذلك ؟ لا بدَّ أن لهما أسباباً وجيهة ليصلا هذا المكان .

قال لجونغكوك :
" أحبُّ أن أحتسي شراباً معكما فلديَّ في المخزن بعض القوارير النادرة التي لا أسمح لنفسي بفتحها لشربها بمُفردي . "

ولَما نهض ليخرج من الغرفة ابتسم تايهيونغ ثم تجشَأ ، وقال :
" شكراً " .
من أعماق قلبه .

انحنى ريكاردو قليلًا وأخفى رغبته في الضَحك وهو يُغلق الباب خلفه .

همس له جونغكوك مُستاءً :
" كان عليك أن تمسك نفسك ، فلسنا مع همج هنا ! "

انبهر جونغكوك بالرجل الهَرِم ، وبعالمه البسيط الوثير ، فقد أربك حسنُ ضيافته القاتل الذي لم يُضمر لأول مرة العداوة ومنذ زمن طويل لشخص واجهه .

دموع ألقاتل |TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن