الحلقة 2

670 38 0
                                    


*زفر غيث كعادته بملل وهو يبتلع كأس المشروب دفعة واحدة ...أبتسم عاطف وضرب ذراعه بخفة وهو يقل:
_البنت اللي هناك ديه منزليتش عيونها من عليك من وقت مادخلنا.
*لم يهتم وقال بجمود وهو يرفع حاجبه بتقزز:
_يمكن بتبصلك انت هي عامة جاهزه لأي حد.
_حرام عليك ياغيث ديه ملبن شوف القلعة المستديرة يانجم.
*ضحك غيث ولكم صديقه الضحوك الذي يشعر دائما بجانبه انه على مايرام...وصمت للحظات ثم
شبك أصابعه وربت علي كتف عاطف قائلا:
_أنت عارف اني جيت العشا ده عشانك لان مش هقدر اقولك لا علي اي حاجه تطلبها مني ابدا ياصديقي.
*بالمثل ربت عاطف فوق ساقه بقوة ليقل بمحبة يكنها الي هذا صديقه المخلص:
_وانت عارف كويس غلوتك عندي ياصاحبي من اول يوم معهد وأنا اخترتك صاحب عمري بس انا
عندي شك في حاجه صغيرة اقول ولا اسكت.
_قول اللي عندك علي طول.
*دمدم غيث مبتسم...ليقل عاطف بتأكيد اكتسبه من صداقة دامت لأكثر من خمسة عشر عام:
_انا عرفك كويس وعارف أن الاعتذار بالنسبالك مش بسهولة ديه مش هنكر ان جزء من الاعتذار عشاني....عشان خاطر الصداقه اللي بينا بس الجزء
الأكبر من الاعتذار من قلب غيث صاحبي الجدع.
*احنى غيث راسه وابتسم بحزن وهو يهمس:
_اوقات كتير بحس انك اكتر شخص فهمني وعارف عني حاجات محديش يعرفها زي امي مثلاً أو مدام
نهال حرامي المصون.
*رفع عاطف أحد حاجبيه وقال باستفسار:
_لسه في مشاكل بينك وبين نهال.
*ضحك باستهان وهمهم وهو يفرك عيناه بتعب:
_ولا مشاكل ولا حتي راحة انا حتي مبقتش شايفها قدامي كرهتها وكرهت نفسي بسببها وبسبب أهملها
ليا ولبيتها ولابنها اللي معرفتش تحافظ عليه عشان طموحها.
_حاول تديها فرصه جديده عشان حياتكم تستمر.
*دمدم عاطف وهو يربت فوق ظهره...فقال غيث ودمعة يتيمة حائرة تنحدر علي خده سارع بمسحها
بطرف أصبعه وهو يقول:
_مش قادر أنسي ابني ولا وشه اللي كان قرب تضيع ملامحه وهو جثة مش بيتحرك ولا بيقولي بابا...وكل ده بسببها هي وسبب اهمالها وشغلها اللي
كان سبب في غرق ابنها وتقولي اديها فرصة.
*وفجاة انفزع عاطف وهتف بقلق:
_غيث ايدك... سيب الكأس ده من ايدك انت جرحت نفسك.
*لم يشعر بتهشم الكأس حول يده الا وهو ينظر الي الدماء السائله من أصابعه:
"" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" ""
*كانت تعمل نهال في مكتبها الخاص بالفيلا حينما تفاجئت بدخول عمتها ووالدة زوجها عليها لتخلع نظارتها الطبية وتنهض من خلف مكتبها لترحب
بها:
_اهلا وسهلا ياطنط ايه المفاجاه ديه.
*ضحكت درية وهي تخلع سترتها وتقل بهدوء:
_مفاجأة حلوة ولا وحشة ياتري؟
*ابتسمت نهال بدبلوماسية تعودت عليها في مجال عملها وخاصة مجاملات الأشخاص الغير مرغوبين
فيهم وجلست أمامها وهي تضع ساق فوق أخرى لتقل:
_مفاجأة جميلة طبعا ياعمتي...اخبارك ايه واخبار اونكل ماجد هو هنا في مصر ولا مسافر.
*أخرجت منال سيجارة واشعلتها وهمست:
_مسافر وانا بكره هحصله علي كندا علشان عندي عرض...عشان كده جيت اتعشى معاكم الليلة انتي وغيث هو فين؟
*تنهدت نهال وسحبت سيجارة من علبة عمتها الذهبية واشعلتها وقالت بعد أن اخذت نفس ونفثته بالهواء قائله بلا روح:
_خرج هيتعشي مع عاطف صحبه المخرج والممثلة اللي اسمها كاميليا عشا صلح بعد المشكلة اللي حصلت بينهم..ههه تخيلي يامنال هانم غيث السالم راح يعتذر من حتت ممثلة درجة تانية.
*مرت لحظات صمت بينهما وهما يحدقان ببعضهما حتى انتهي الصمت وأطلقت منال ضحكة قويه تبدو منها السخرية وغمغمت وهي تقترب منها وتهمس:
_مش ممكن نهال فكري بتغير انا مندهشة بجد.
*ضمت شفتاها بغيظ وهتفت:
_انا اغير من ديه...ده انا مغيرتش من نجوم وقفوا قدامه هاجي النهارده واغير من حتت بنت كومبارس.
_لا يا نهال ديه ممثلة هايلة وجميلة وشابة انا بتابع أعمالها وكفايه ان ابني رجع شغله بفيلم كبير معاها انا لما بشوف صورهم مع بعض بنبهر غيث وكاميليا زيدان الجميلة.
*هزت نهال ساقيها بتوتر ورفعت رأسها في شموخ وقالت بابتسامة واهيه:
_عمتي حضرتك جاية تغيظيني وتحمليني انتي كمان المسؤليه زي ابنك بس يكون في علمك انا بعمل معاه المستحيل بس هو......
*تلك المرة خرجت منال عن سيطره هدوئها التي حافظت عليه لفترة وجيزه وهتفت في وجهها الشاحب وهي تقاطعها:
_تقدري تقوليلي ايه هو المستحيل اللي عملتيه عشانه هه ايه اتنزلتي عن شغلك ومنصبك في السفارة...جبتيله طفل صغير يعوضه عن موت
عمر اللي انتي كنتي السبب فيه اكتر من سنتين وابني مدمر هاربان من نفسه ومننا بعد مادخل في
حاله اكتئاب كان هيروح فيها....
_عمتي من فضلك.
*صرخت نهال وهي تقف منتفضه ولكن منال اكملت دون أن تبالي بغضبها:
_غيث رجع من جحيم بس للاسف هو لسه فيه وانتي هاااا ولا انتي هنا بعد شهر من موت ابنك رجعتي شغلك وكملتي حياتك عادي بقسوة غير
طبيعيه ولا كأن اللي مات ده كان ابنك...بس هقول ايه طول عمرك مكنتيش اخده بالك منه وندمتي لما
حملتي فيه وغيث كان بالنسباله كل حاجه الأم الأب والصديق لحد ماراح منه بسببك.
*وضغطت علي ذراعها وهي تديرها إليها بقسوة وصاحت:
_جبتي القسوة ديه منين؟
*نفضت نهال ذراعها بقوه وابتعدت عنها وهي تصرخ فيها:
_منك.. جبت القسوة ديه منك انتي مش انتي بردو عمتي منال فكري عمتي اللي رمت ابنها وهو عنده عشر سنين في مدرسه داخلية في أوروبا بعد موت جوزها وراحت اتجوزت صاحب عمره...وكانت كل علاقتك بابنك زيارة كل ست شهور وفلوس وبس عرفتي بقا جبت القسوة ديه منين....
*وبعد ذلك الهجوم القاسي عدلت ياقة بلوزتها الأنيقة وأكملت رسم ابتسامتها الدبلوماسية وهي تقل:
_مش من حقك تحسبيني علشان لازم تحسبي نفسك الأول...هقول للطباخ يحضر العشاء.
*رمقتها منال بطرف عيناها نظره محتقرة وسحبت سترتها وحقيبتها وخرجت فورا دون أن تحدثها او
تعايرها اي اهتمام وفتحت باب المكتب ولكن قبل أن تخرج منه التفتت اليها وهتفت:
_انا عارفه غيث كويس الإبن اللي مقدرش يسامح أمه مستحيل يسامح مراته وقريب جدا ابني مش هيكون معاكي لانه هيلاقي اللي احسن مني ومنك يابنت اخويا.
*وخرجت سريعا وهي تغلق الباب خلفها بقوة بينماصرخت نهال بغيظ وهي تطيح بما فوق مكتبها:
"" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "
_ايدك بقيت كويسه حاسس بوجع...اجبلك مسكن.
*ضحك غيث وملس فوق غطاء جرحه وهو يقل:
_كويس يابني.
*رفع عيناه التي تقابلت مع عيناها التي كانت تحدق في كفه الملفوف برباط الجروح وكانت المفاجاه بالنسبه له عندما تركت ذراع زوجها وهتفت بلهفة:
_استاذ غيث مال ايدك انت بخير.
*اتسعت عينان عاطف بذهول...ونظر لها راجح الذي تنحنح قائلا وهو يحتضن كتفيها:
_كامى حبيبتي مش تقولي مساء الخير الأول.
*تلون وجهها بلون قرمزي قاتم كالياقوت وقد توهج وجهها من بريق عيناها الفيروزي وهمست
بخجل لا يليق الابها:
_اسفه...مساء الخير.
*وجلست فوق المقعد الذى سحبه راجح لها لتجلس أمامه مباشرة وعيناها تهرب من عيناه التي ترمقها ليقل وهي ينظر إلى يد غيث المجروحه:
_خير يافنان الف سلامه عليك كل ده عشان متعتذرش من كاميليا ولايهمك ياسيدي كامي جاية بنفسها تعتذرلك.
*مطت شفتيه امتعاضا من هذا الجلف عديم الذوق إما هي فباتت تنظر في صمت وهي تحني وجهها بنكسار ليقل عاطف وهو يناظر صديقه الذي بدا علي ملامحه الاستياء:
_ايه رايكم لو نطلب العشا الأول.
_عاطف قبل العشا ممكن اقول حاجه.
*قال مبتسم بحدود...وناداها هامساً:
_مدام كاميليا.
*رفعت رأسها المطرقة ونظرت له بوداعة ناعمة تكتسح اعتل الرجال نظرة لم يراها من قبل...ابتلع
ريقه وتنحنح يجلي صوته وهو يقل بصوت واثق:
_انا اسف جدا على اللي حصل مني في اللوكيشن كنت مضغوط شويه ومش عارف بقول ايه ارجو انك تقبلي اعتذاري.
*تالقت ابتسامة راجح وشعر بالتسلية وهو يرى غيث السالم يعتذر بكل بساطه...وعاطف هز راسه بتفهم الي صديقه....
*وظلت هي صامته فاغرة الفم وقد عجزت عن النطق...ليرتفع صوت راجح بمرح:
_اللهم صل ع النبي ايوه كده يانجوم الصلح خير يبقي نطلب العشا بقا ولا ايه يا استاذ عاطف.
_أستاذ غيث.
*صدرت منها همسة طفولية لاتسمع باسمه......ثم اكملت:
_ شكرا على اعتذارك ليا وعلي ذوقك...بس لازم انا كمان اعتذرلك عن الكلام اللي قولته وطريقتي اللي
ماكنتش مقبوله بالمرة معاك...ياريت حضرتك تقبل اعتذاري واسفه مرة تانية.
_كاميليا حصل خير حبيبتي...يامتر ايه ياعم مش شايفنا ولا ايه.
*ارتفع صوت راجح بنداء أشد واعلي نبرة وأكثر صرامه نبرة مغتاظه لم تمر مرور الكرام علي غيث الذي قال بابتسامة هادئه:
_نطلب العشا دلوقتي ياراجح بيه اكيد.
*وبدئوا تناول العشا مع حديث خفيف اصبح مرح بخفة دم عاطف التي اضحكت الجميع وكان بين الحين والآخر تفلت نظرة خائنه منه على ضحكتها الساحرة واستمر الحديث بينهم......حتي دق هاتف راجح ونظر الي هاتفه لينهض سريعا وهو يقول:
_تليفون مهم لازم ارد عليه.
*وذهب...ليكمل عاطف الحديث الذي توقف عند بدء تصوير بعض المشاهد بمدينة شرم الشيخ:
_بكره شريف المساعد بتاعي هيحجز تذاكر الطيران وبعد يومين هنصور مشاهد شرم الشيخ عايزين نلحق الموسم ولا ايه رايك ياغيث.
_اكيد طبعا.
*أجاب بهدوء وهو يشعل سيجاره...ليقل عاطف الي كاميليا التي تستمع لهم في هدوء:
_اظن انتي معندكيش مانع يافنانه.
*مسحت ثغرها الوردي ببطء وهمست مبتسمه:
_لا طبعا ماعنديش اي مانع...
_كده يبقى اتفقنا عن اذنكم ثواني وراجع
*ونهض عاطف هو الاخري ليتوجه الي دورة المياه لتظل هي وهو مقابل بعضهم كلاهما ينتظر ان يبدأ الاخر
بما سوف يقال:
*ظل كلاهما على صمته العنيد هو يدخن سيجارة خلف الأخرى...وهي تحتسي من كأس العصير رشفة
تليها الأخرى وعندما شعرت بالملل أمسكت هاتفها تتفحصه أو تتهرب به من شعورها بالخجل القاسي
الذي يلازمها في حضوره....
*وأثناء انشغالها بالهاتف اتاحت له الفرصة ليتطلع علي وجهها ساكن الملامح الذي تخفيه خصلات شقراء ملفوفة كشعر دمية.. كانت في تلك اللحظات تحمل كل معاني الجمال بنظراتها التي تمتزج فيها
البراءة بالشقاوة الغير مقصودة بوهج ذهبي خاص بها تشعه على كل من يراها ويحلم بها...ولكنه ذو
نظرة خاصة يرى بها مالم يستطع غيره رؤيته لقد لاحظ تلك الكدمة الزرقاء التي حاولت اخفائها بزينتها الناعمة ليضيق عيناه ويقل فجأة دون
مقدمات:
_في زرقان تحت عينك انتي....
*قطع حديثه علي صوت وقوع شئ علي أرضية المطعم الرخامية نظر إليها ليجد انها اوقعت هاتفها من بين أصابعها المرتجفة...جثت علي ركبتيها عند قدميه تجمع قطع هاتفها وهو، ينظر لها من علو ولحظات وانحني جالسا القرفصاء بجانبها واستمر
في النظر اليها وهو يكاد يلتصق بها وهمس:
_حصل خير.
*ارتجفت بشدة من قربه ولم تستطع رفع عينيها اليه وقالت سريعا وهي تنهض بهاتفها الذي تهشم:
_متتعبش نفسك انا متعوده علي كده.
*ابتسم هو الاخر ينهض ويجلس أمامها مرة أخرى وسحب قطع الهاتف من بين أصابعها الصغيره الباردة
حتي ان أصابعه الدافئة لمست اناملها ليقل:
_ممكن بعد اذنك.
_اتفضل.
*همست وهي تضم شفتاها برقة:
_أنتي علي طول كده.
*هزت رأسها تسأله باندهاش وهي تتمتع بجراءة جعلتها تنظر في وجهه الوسيم:
_علي طول كده ازاي مش فاهمة.
*قال دون أن يرفع راسه عن الهاتف الذي يجمع قطعه:
_بترتعشي زي ماتكوني بردانه ده احنا حتي في عز الصيف والجو حر جدا.
*قالت بحدة عنيفة:
_انا مش برتعش ولا بردانة انا بخير زي ماانت شايف.
*رفع راسه ببطء وهو يرسم علي شفتيه الحمراء الممتلئة قليلا ابتسامة خافته:
_الحمد لله انك كويسة لأحسن لقدر الله لو خدتي دور انفلونزا هنضطر نوقف التصوير كذا يوم وانا مش بفضل كده.
_اااه انت خايف ع التصوير يظهر انك عايز تخلص من الفيلم ده بسرعه.
*قالت بهدوء ظاهري لايناسب البركان العاصف بداخلها...اتسعت شفتاه بضحكه قوية وهو يضع الهاتف أمامها بهدوء:
_اتفضلي تليفونك مبروك تم انقاذه.
_شكرا...
*دمدمت بعصبية واضحه وهي تسحب الهاتف من بين أصابعه التي مازالت ممسكه به....بدا كأنه مستمتع بغضبها ليقل وهو، يتكئ بظهره للخلف براحه:
_عندك حق انا عايز اخلص من تصوير الفيلم ده بسرعه..جدااا.
*تمهل في قول جملته الأخيرة حتي شعرت بالغيظ من غروره وحقارته في التعامل لتهتف بشفتاها القرمزية المكتنزة:
_انا كمان عايزه اخلص منه بسرعه جدا جدا.
_هااااايل يبقي احنا كده متفقين.
*كزت علي أسنانها ونظرت له بعيناها التي تتوهج بنيران زرقاء لتسحب جزدانها بغضب وتنتفض من
مكانها قائله:
_ميرسي ع العشا تصبح على خير يا استاذ غيث.
*وهرولت بخطوات أنيقة وهو من خلفها يبتسم ببرود ليرد علي تحياتها هامساً:
_وانتي من اهل الخير يا أستاذة.
_ايه ده فين كاميليا.
*تسائل عاطف الذي عاد الي الطاولة ورمق صديقه متسع الابتسامه باستغراب:
_خير... ايه بتضحك علي ايه؟
وفين كاميليا.
_مشيت.
*هتف وهو يمط شفتاه بالامبالاه...غمز عاطف له غمزة ماكرة وهو يقل:
_غيث شكلك ضيقتها واضح من ضحكتك الغير بريئة.
*أسند بظهره في ارتياح واضح واضعا ساقا فوق اخري بخيلاء...
_والله كنت في منتهي الذوق معاها بس واضح اني مش نزلها من زور...يلا يامخرج الروائع ادفع حساب العشا وتعالي وصلني انا شربت كتير ومش هقدر اسوق.
"" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" ""
*ظلت تهز ساقيها بتوتر شديد وهي تنظر من نافذة السيارة والغيظ يفتك بها لتشعر باصابع راجح تزحف فوق ساقيها من أسفل ثوبها...زفرت بضيق
وازاحت يده بقوه وهي تقل باشمئزاز:
_ايه اللي كنت بتكلم معاها مشغوله الليله ومش هتقدر تتسلي معاها قولت تتسلي عليا انا.
_ايه الكلام ده يا كامي ديه كانت مكالمة شغل ياقمر.
_اااه مكالمة شغل خليتك تسبني نص ساعه لوحدي مع المغرور ده اسمع ياراجح انت طلبت مني اعتذر
له وأنا اعتذرت والفيلم وهكمله وهخلص منه كده ابقي نفذت كل اللي طلبته مني انت كمان لازم تنفذ
اللي قولتلي عليه وكل واحد مننا يروح لحاله.
*التفت لها راجح واقتنصها بنظرة شهوانية حقيرة قائلا:
_هو ينفع بساهل كده اسيبك ياجميل ده انتي اللي جوه القلب وسكنه فيه.
*صرخت بحدة دون أن تهتم بالسائق الخاص الذي رفع عيناه بالمرأة ونظر لها بقلق خوفاً عليها من بطش رب عمله:
_أنت رجعت في كلامك مش اتفقنا ع الطلاق جاي ترجع في كلامك بعد ما نفذت طلباتك انت عارف ده اسمه ايه.
*لم يجبها راجح بفمه بل أجابها بصفعة قويه بظهر يده لتصرخ متألمة وهي تشعر بدماء تسيل من زاوية فمها وظلت تبكي بصمت:
_نزلني هنا ياجمعة ووصل الست لحد البيت ومتروحش غير لما اتصل بيك.
*وتوقف السائق بسيارة ونزل منها راجح وهو يضرب الباب بقسوة...وتحرك السائق واذنيه تستمع. الي انين سيدته ذات القلب الطيب ليهمس الرجل العجوز بحزن:
_قولي يارب ياست هانم مفيش أكرم منه.
*دمدمت وهي تمسح دموعها الممزوجة بدمائها:
_يارب...يارب ياعم جمعة.
"" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" ""
*عندما شعرت نهال بقدومه الي المنزل نهضت من فراشها وهي تخلع مأزر قميصها وتقف أمام المراة
تبعثر شعرها فوق كتفيها وتغمر جسدها بالعطر المفضل له وهرولت نحو باب الغرفة ثم عادت مرة
اخري لتضع أحمر شفاه وردي غامق يبرز جمال شفتاها لتبتسم لنفسها بغرور وتخرج لاستقباله بابهي مالديها....
*وفي الغرفة المجاورة لغرفة نومها جلس فوق المقعد يخلع حذائه يلقيه باهمال ثم قميصه وظل واقفا عاري الصدر يفتح سحاب سرواله حتى
يتخلص منه هو الأخرى...ولكنه توقف عن مايفعله عندما تفاجي بنهال تدلف الي غرفة نومه الخاصة بثوب نوم عاري يغري القديسين:
_غيث انت جيت.
*ناظرها من أعلى لاسفل بنظرات مبهمة لاتعبر عن اي شعور يشعر به التفت دون أن يعايرها اهتمام
قائلا:
_أنتي لسه منمتيش غريبة.
*اقتربت منه علي أطراف أصابعها وحركت اناملها الناعمة برفق علي ظهره العاري ومع كل لمسه كانت
تقبله بنشوة شديدة:
*كز علي أسنانه باشمئزاز وهو يعقد حاجبيه ويسالها بملامح ممتقعة:
_عايزه حاجه مني.
_طبعا عايزه وده سؤال وحشتني حبيبي.
*همست بدلال انثوي و ذراعها تحاوط خصره وراسها يستند فوق ظهره...ليتأفف باستياء واضح ويحل ذراعيها عن خصره وهو يقل:
_نهال لو سمحتي ارجعي اوضتك عشان اللي بتعمليه ده مالوش اي لأزمة بالنسبالي خلاص إنتهينا.
*زوت جبينها بشدة ورفعت رأسها بعصبية:
_يعني ايه انتهينا انا مراتك ياغيث وبحبك وليا حقوق عليك.
_حقوق هاااااها انتي بتهزري صح...حقوقك اللي بتكلمي عنها انتهت من زمان وانتي عارفه كده كويس.
*دمدم مستهين من عصبيتها وردة فعلها الغير مبررة بالنسبه له...فهي تعلم حق المعرفة بأن بقائه معاها حتي الآن مجرد شكليات فارغة فرضت عليه
بسبب انتحارها عندما علمت بقرار انفصالهم ولكنها مستمرة في محاولة اغرائه بهذا الشكل المهين لها:
*غلف الجمود محياها وهي تقل بنبرة باكية:
_تقصد تقول ان وجودك معايا مجرد شفقة أو تأنيب ضمير صح.
*أوما براسه قائلا:
_صح.
_لحد امتي هتفضل تشفق عليا...لحد امتي هتفضل انت في اوضة وانا في اوضة...لحد امتي هنفضل زي اثنين أغرب عايشين تحت سقف واحد...انا نهال حبيبتك ياغيث ولا نسيت حبنا.
*أنياب حادة تنهش روحه وهو يستمع لها ولصوتها الذي اصبح كخنجر مسموم يطعنه بقا يتأمل سقوط
دموعها التي لم تحرك به شعرة واحده بل عكس ذلك اصبح يشعر باشمئزاز من رؤيتها:
_منستيش.
*ابتسمت من بين دموعها وتجدد امالها بأن تحظى بحبه من جديد ولكن باقي ماردده أحبط مالديها من امل:
_منسيتش انك السبب في موت ابني وانك السبب في كل الحزن والآلام اللي انا فيها.....في الكوابيس اللي بشوفها كل ليلة وعمر بيغرق قدام مني وانا مش قادر انقذه......منسيتش اهمالك له ورفضك لوجوده من الأول عشان شغلك لولا اني هددتك بالطلاق لو نزلتيه...متقلقيش منستيش ابدا ولا هنسى.
*تنهدت وحاولت الأقترب منه لكنه ابتعد عنها فابتلعت تلك الإهانة الجديدة وهمست:
_يبقي تعالي ننسي مع بعض اللي فات بطفل تاني يجي يملأ حياتنا بس اديني فرصه جديده اعوضك بيها.
*هز راسه ولوي شفتاه بسخرية وهو يردد من أعماقه المضطربة:
_مفيش فايده فيكي حتي الفرصة الجديدة عايزاها عشاني وعشان نفسك مش علشان تعوضي امومتك الناقصه.
_غيث انا بحبك...بحبك ومش عايزه اخسرك انت عارف ان بعدك عني معناه اني اموت.
*دافعت عن نفسها وهي مازالت تحتفظ بهدوئها على أمل أن يتراجع عن أفكاره:
*ادهشه برودها ولامبالتها في اخذ الأمور ببساطه وكأنها لم تفقد صغيرها الذي كانت سبب في موته
في حادث بشع تحاسب فيه الأم بالسجن فيه بتهمة الإهمال في بعض الدول الأجنبية...
انه يؤمن بالقضاء والقدر وإن لكل أجل كتاب ولكن مايؤلمه انها لم تتاثر بموت صغيرهم الذي كان في عمر الزهور ولم تعترف بخطائها والادهي من ذلك تطلب منه أن يصفح عنها ويحبها كالسابق هاجت اعصابه وشعر بالغليظ الشديد ووقف يصرخ فيها:
_مش قادر يانهال ومش قادر اكمل معاكي حاسس اني مخنوق منك ومن البيت ومن حياتي كلها مش
هقدر ارجع غيث بتاع زمان اللي اتحمل اهملك وحبك لنفسك علي حساب بيتك وجوزك حتي ابنك..
تعرفي لو عندي ذرة امل انك حزينة علي ابنك وان انتحارك ده كان بسبب موته كنت رجعت من جديد وأسست حياة جديدة معاكي واستعوضت ربنا في ابني اللي راح بس انتي مش بتحسي ولابتقدري يامدام انتي سبتي ابنك اربع ساعات تحت الميه
من غير ماتسألي عنه حتى ولاحتي جه في بالك ازاي عايزانى أئمنك علي طفل تاني.
*تأفأفت باستياء من قائمة الاتهامات التي يرددها على مسامعها كل مرة يتحدثان بها لتقل بغضب مكتوم:
_مش انت بس اللي كنت بتحب عمر وحزين عليه انا كمان أمه كان حته من قلبي وحزينة عليه واللي
حصل كان قضاء وقدر وانا ماليش ذنب فيه كانت مجرد حادثة ياغيث.
*اتسعت عيناه بذهول ليطبق علي عنقها العاري بقوه وصاح من بين أسنانه:
_مجرد حادثه طيب انا ممكن اخنقك دلوقتي لحد مموتك وده هيكون اسمه بردو قضاء وقدر ايه رايك.
*كادت ان تختنق بين يده وهي تصرخ وتضربه فى صدره و تصيح بصوت مختنق:
_اب..ابع..د عن..ي حممووت.
*اوصلها الي الموت ببطء ثم تركها بقوه لتسقط فوق الفراش وهي تسعل وتلتقط أنفاسها الضائعة
وعندما عادت الدماء الي وجهها واسترجعت جزء من أنفاسها ظلت تصرخ بثقل:
_أنت مجنون كنت هتموتني...اكيد اتجننت ياغيث اتجننت.
_اطلعي بره ومتدخليش الاوضة ديه تاني لحد ما ننهي الموضوع ده لان مش طايق اعيش معاكي.
*قال بهدوء وهو يتركها ويدلف الي حمام الغرفة وهي بقت في مكانها تسعل وتتنفس حتي شعرت
بالقدرة علي المجادلة...لتهرول علي باب الحمام وتضرب عليه بجنون وتصرخ:
_مش هتخلي عنك لوحده تانيه فاهم...كنت واثقه أن في وحده حقيرة في حياتك هي السبب بس لا مش هسيبك ليها ياغيث فاهم مش هخليها تاخدك مني ابدا.
*ظلت تضرب وتصرخ وتهدد بجنون من خلف الباب في حين كان هو مرتخي الجسد في الماء الدافي داخل حوض الاستحمام يتفحص يده المصابه التي لم تلاحظها زوجته حتى تبسمت شفتاه بسخريه واغمض عيناه ليسترخي وينسي ولكنه لم يستطع فكانت هناك عينان ملهفوتان وصوت رنان ذو نبرة حنونه يغزو تفكيره:
"" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "" "
*مر اليومين المتفق عليهم كاستراحة قصيره لبدء تصوير بعض مشاهد الفيلم في مدينة شرم الشيخ
والتقي فريق العمل بصالة المغادرة بمطار القاهرة
الدولي للمغادرة الي شرم الشيخ...وكالعادة التف
الصحفيين حول النجمين واخذ بعض التصريحات عن تصوير الفيلم ولم يخلو الأمر من الكثير والكثير
من المعجبين والمعجبات...
*التقط غيث بعض صور السلفي مع معحبينه بكل التحضر والرقي وهو يبتسم بوسامة شغلت قلوب
الفتيات...وبعد انتهائه من مجاملة التصوير عاد الي موقعه حيث يجلس فريق العمل بإحدى مقاهي المطار وكانت هي الاخري قد انتهت وجلست برقه تحتسي قهوتها:
_هاى طنط ممكن نتصور مع حضرتك انا واخويا.
*هتفت طفلة جميلة لم تتعدي العشر سنوات وهي تقف برفقة أخيها الصغير قرب كاميليا التي تبسمت فرحاً الي هؤلاء الصغار وقالت بسعادة بالغة وهي
تقف وتنحني أمامهم تداعب وجنتيهم:
_طبعا ممكن...بس ممكن اتعرف عليكم الأول.
*التفت براسه فجأة ليجدها تلتقط الصور مع الصغار وهي مبتسمة سعيدة وقد كانت جميلة وناعمة احساس رائع داعب مشاعره وهو يراها بكل
هذا الجمال...انحني حاجبي غيث في حزن وهو يتسائل ماذا الذي يمنعها ان تكون أم وهي تمتلك كل هذا الحب:
*وحان وقت الصعود علي متن الطائرة واقترب منها لتبعد نظراتها عنه والتفتت برأسها كأنها لا تراه
خاصه وأنها شاهدت عينيه تتالق ببريق خاص لأول مرة...تحدث معها احد نجوم الفيلم وبدا وكأنه قال
مزحه وقد أجبرت شفتيها علي الابتسامة برسمية شديدة...أثار هذا الممثل الشاب حنقه عندما لاحظه
يهمس بجانب اذنها فشعر بنفسه فجأة يتدخل ويقل بصوت حاد:
_استاذه كاميليا اتفضلي.
*اومات برأسها وتقدمت أمامه حتي تدلف من باب الطائرة بينما هو ظل حاجز بينها وبين هذا الممثل
الذي يحاول جذب انتباها...
*بعد ساعه من الإقلاع هبطت الطائرة بمطار شرم الشيخ ووصل فريق العمل الي المنتجع السياحي الذي سيتم به تصوير مشاهد الفيلم ودلف كل منهم
الي غرفته الخاصه وكلاهما لا يتحدث مع الاخر...
_أنت بتهزر اكيد.
*هتف غيث بخفوت مستغرب...ليهز عاطف براسه ويقل بتأكيد:
_زي مابقولك راجح علي علاقة بالبنت ديه وفي ناس بتقول اتجوزها عرفي كمان.
_حيوان انا مش عارف ازاي قبلت تتجوز من شخص زي ده...بس ده العادي كانت عايزه توصل طبعا.
*دمدم بسخريه وهو يناظرها وهي تتحدث مع مساعدتها وتضحك...التفت عاطف لينظر الي ما يشرد به ليقل مدافع عنها:
_كاميليا مش زي مانت فاهم انا اعرفها من ايام ماكانت طالبه في جامعة اسكندريه واتقدمت لمسابقه الوجوه الجديده اللي انا كنت حكم فيها ونجحت وبقيت هي الوجه الجديد للحملة الاعلانيه اللي كانت عمله المسابقة بعدها متقابلتش معاها كتير بس كنت بتابع شغلها وسمعت ان راجح حاول يعمل معاها علاقة طياري بس البنت رفضت ومكنش في قدامه غير انه يدخل عن طريق الجواز
لان ده كان الطريق الوحيد لكاميليا زيدان.
*وقفت علي شاطئ البحر والمياه تغمر ساقيها وكان الطقس بارد حتي انها بدت ترتجف بشدة لتتفاجي به أمامها يخلع جاكيته ويضعه عليها
وهمس برفق:
_الجو برد جدا كده ممكن تبردي.
*اجابته باتزان وهي تزيح جاكيته من فوق اكتافها العاريه:
_اطمن حتي لو بردت هاخد علاج سريع للبرد عشان معطلش التصوير ونخلص بسرعه عارفه انك مستعجل وانا كمان زيك...اتفضل الجاكيت بتاعك.
*ظلت يدها معلقة بالهواء تحمل جاكيته بينما بقا هو واقفاً بشموخ يرمقها ويبتسم:
_أنتي عنيدة جدا علي فكره.
_ياسلام انا اللي عنيدة ولا انت اللي عنيد ومغرور كمان.
*هتفت بغضب طفولي وهي تتجنب النظر اليه:
*شعت ملقتيه بالتسلية وهتف بخشونة:
_حطي الجاكيت على كتفك وبلاش عند احنا مش كنا خدنا هدنة صلح ايه اللي حصل تاني.
*اجابته بتردد وقد ازداد ارتجافها ليس بسبب الطقس البارد ولكن من قربه الشديد:
_السؤال ده تسأله لنفسك مش ليا ولا نسيت يوم العشا قولت ايه؟
*خفف خشونة صوته وهو، يتمعن في النظر إليها وغمغم بابتسامة هادئه بريئة وهو يرفع كفيه باستسلام:
_مقولتش اي حاجه ممكن تزعلك بشكل ده كل اللي قولته عايز الفيلم يخلص بسرعه يعني كل كلامي. كان برئ.
*زفرت تبعد خصلات شعرها التي تداعبها نسمات الهواء اللطيفة وحاولت اسباغ الجدية علي صوتها
ولكنها فشلت لتدمدم بضعف:
_انا هطلع اوضتي...تصبح على خير.
*واستدرت لترحل وهي لاتشعر بأنها مازالت تحتفظ بجاكيته فوق ذراعها:
_كاميليا.
*نادها بصوت اجش فالتفتت سريعا اليه ولكن استدارتها المفاجاه لم تكن كفاية لاتزانها لينتشلها بذرعه قبل أن تسقط في مياه البحر الباردة..اغمضت عيناها وهي تشهق وتتشبث بكنزته القطنية لتخطف لبه وتحشرج دقات قلبه من قربها المهلك....

يتبع

سيناريو حيث تعيش القصص. اكتشف الآن