الحلقة الثالثة '3'

698 63 13
                                    

«شـــاهــدٍ ومـــشـــهــود»
-الــحـلـقة الثــانـيـة-'3'

احتدمت الأفكار داخل رأسها فتسائلت بعدم فهم:-
- دكتور عُمران!! هو أيّ كلام وخلاص، أنا مش فاهمة حاجة وبعدين أنا معرفش شكل دكتور عُمران أيش ضمني إنه إنت.

يتوجب أن يُنهي هذا الحديث فالوقت ينفلت من بين يده، قال وهو يدور بالغرفة بجدية:-
- مش مضطر أكذب يا سيراي، ممكن ببساطة تبحثي جوجل عن إسمي أو في جروبات الكلية وهتلاقي صور كتير ليا.
أنا هحكيلك كل حاجة بالتفصيل علشان معدتش وقت بس لازم تكوني مطمنة الأول، إنتِ الوحيدة إللي تقدري تخرجني من براا السجن ده.

تضافر الإبهام فوقها، نفضت عقلها من التساؤلات ثم أخذت هاتفها وبالفعل فور بحثها خرج لها العديد من الصور لهذا الرجل مُزيلة بإسمه..

تقوست شفتيها بغرابة ثم تنهدت بعُمق واستفهمت:-
- آسفة يا دكتور عُمران مكونتش أعرف شكل حضرتك، بس أنا دلوقتي مش فاهمة أيّ حاجة.!

ترددت إبتسامة على شفتيه وقال:-
- إنتِ شاهد ليا، وأنا مشهود لكٍ فقط خليكِ فاكرة كدا.

- قصدك أيه؟

- يعني إنتِ الوحيدة إللي تقدري تشوفيني.

- طب ليه!؟!!!

- هنعرفها بعدين.

- طب الكل بيقول إن إنت اختفيت من سنة، ثواني .. معنى كدا إن كل حاجة كانت بتحصلي كان سببها حضرتك، كنت شايفني وقاعد معايا وشايف كل حاجة وسبب الحاجات إللي كانت بتختفي مني..

ابتسم برزانة وردد:-
- أيوا يا سيراي أنا بقالي سنة معاكِ بس متقلقيش مكونتش بتجاوز أي حدود وربنا شاهد عليا..

احمرّ وجهها خجلًا وأجلت صوتها قائلة:-
- احمم تمام، اتفضل حضرتك احكيلي أيه إللي حصل واتسبب في اختفائك أنا بصراحة مصدومة جدًا.

- بصي يا ستي، من حوالي سبع سنين تقريبًا جات في بالي فكرة مجنونة وقررت أنفذها حتى لو على المستوى الشخصي ومش لازم أعلنها ضمن تفاعُلاتي أو دراستي..
اكتشفت مُركب مجنون أكتر ما هو غريب، فضلت وراه لغاية ما استخلصت المُركب إللي في دماغي منه وقدرت بالتفاعلات الدقيقية جدًا أحصل على مادة فعالة كويسة منه، كنت على مدار سبع سنين بدرس المُركب دراسة مُتعمقة جدًا وبخوض الحرب دي مع نفسي..

- طب أيه المركب ده .. وأيه علاقته بالموضوع..

اقترب منها وسحب ورقة وقلم ثم ظل يشرح لها بعض الصيّغ الكيميائية والتفاعلات الصعبة جدًا بل المستحيلة والتي جعلت سيراي في قمة اندهاشها..!!

- إنت إزاي كدا .. دا سحر، بجد فعلًا تستحق لقب عبقرينو عن جدارة..

لمعت عيناه وناظرها بحُب ترعرع بداخله مُدة مشاهدتها من الظلام البعيد، أفاق على نفسه وقال:-
- دا لسه شيء بسيط التقيل جاي، لإنك لسه معرفتيش المُركب ده بيقدر يعمل أيه..

- بيعمل أيه طيب!!

- المركب بيقدر يخفيكِ عن الرؤيا .. كمان بتقدري على حسب الكمية تحددي المُدة إللي تخفيكِ..

- نعم .. حضرتك بتقول أيه، دي طقية إخفااا ولا أيه!

- دا حقيقي .. ودا المركب إللي لقيته أثناء رحلة من رحلاتي الإستكشافية وقدرت منه بفضل الله أحضر مُركب QFX.
دا كله سبع سنين وأنا ببحث وبجرب وبدرس ومحدش يعرف عني حاجة لأن دي عادتي..
بس في الأخر بعد ما جربته على بعض الحيوانات وكمان ألقيته على بعض المعادن فاختفت، اكتشفت إن في ثغرة كبيرة جدًا فيه ومشكلة خطيرة..
عايزة أقولك إن المادة المضادة يعني إللي لها عكس التأثير استخرجتها من المركب نفسه..
بس المشكلة يا سيراي إن المركب لو استعمل بكمية زيادة عن حد مُعين بتبدأ الأنسجة تتآكل والمُختفي بيظهر بعد المُدة بس للأسف بيكون إنتهى..

كانت تستمع له بصدمة حقيقية ووقفت مُتسمرة من هذه المعلومات التي لا تخطر لها أبدًا..

اهتزّ ثباتها وتطلعت إليه بريبة وقد فهمت ما هو آتٍ، هسهست بحذر:-
- وطبعًا حضرتك جربته على نفسك وعلشان كدا حصل إللي حصل.

يُعجبه ذكائها وطريقة تحليلها للأمور، أردف بتؤدة:-
- أنا مش غبي علشان أعمل حركة زي دي ما إني كنت متشوق لكدا بس لا طبعًا.. وحتى لو هجربه كنت هجرب نسبة بسيطة جدًا..

- ليه يا دكتور .. ليه المُركب ده وأيه سببه.؟!

- قولتلك كان مُجرد شغف وحبيت أنفذه..

- تمام .. طب كمل أيه حصل بعد كدا..

كشف عُمران عن قدمه فصرخت سيراي بفزع حينما وجدت جزء من اصبعه بدأ يتاكل..

- يا نهااار أبيض إزاي كدا .. طب وأيه إللي هيحصل دلوقتي..

- أنا بقالي سنة مختفي يا سيراي عايش ومش عايش .. إنتِ متخيلة شعوري يبقى أيه.!
للأسف المفعول بدأ ينتهي لأن أقصى مدة هي سنة وعلشان كدا بدأت أظهر لكِ وقدرتي تشوفيني بعد السنة..
أنا مجربتش المُركب .. دا كان غدر .. لأن مش أنا لواحدي إللي كنت عارف، حد عرف وقرأ كل ملاحظاتي وبالغدر اتحط ليا في الأكل..!

لا تعلم لماذا!! لكن شعرت بالحزن الشديد على ما حدث معه!
شعور قاسي أن يحيا منبوذ وسط الظلام دون أن يشعر بك أحد، تحيا ولا أحد يستطيع رؤيتك .. على قيد الحياة لكن في عداد الموتى..

- لازم المركب المعاكس يا سيراي، لازم علشان أعرف أرجع..

- أنا مستعدة طبعًا .. مستعدة أنزل مصر وقولي هو فين وأجيبه.

- كنت جيبته لو أعرف يا سيراي، الشخص إللي عطاني المُركب خفى المُضاد.

- طب وبعدين هنعمل أيه..!!

- في حاجة كمان، كل ما هيعدي يوم هبدأ أفقد الذاكرة تدريجي فأنا لازم أقولك على كل حاجة.

- طب أصنع المُضاد .. قولي على المركبات وأنا هبدأ أنفذ.

- أنا قولتلك المركب المعاكس بيخرج من الأصلي، والأصلي مش موجود.

قالت بجنون:-
- طب والعمل .. هتفضل كدا مفيش حلّ.

- الحلّ لو لسه الشخص ده مُحتفظ بالمُضاد معاه.

- هو مين .. هو مين إللي عمل فيك دا كله.!؟!

قال بأعين مليئة بالحُزن:-
- كرم ... كرم صاحب عُمري، دكتور كرم مسؤول البعثة.!!

==========
يُتبع---
#سارة_نيل.

«شـاهـدٍ ومـشـهـود» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن