6|رِسَالةٌللوَلاء وَ حُطَامٌ للأعدَاء

2.3K 126 66
                                    


الفَصل السّادِس ؛ رِسَالةٌ للوَلاء وَ حُطَامٌ للأعدَاء


لَطالما كَانت الذّكرايات هِي الشّاهد الوحيد ، الدّائم و الأبدِي لِلمَاضي ، فهي شَرِيطٌ غَير مُنتَهي و مُتكرّر من أحدَاثٍ عَاشهَا الإنسَان فِي سَابق الزّمان  ..  فهيَ للبَعض حَياة سَابقة مرّت و إنقَضَت و للبَعض الآخر وَحشٌ مَاحِق يُلاحقه فِي كلّ زاوِية و لحظَة مِن حَياته يُحاوِل القَضاء عَليهِ بِشرِيطٍ مَرِيرٍ و مُرعِبٍ من حَقيقةٍ مَاضية لَازَالت رُوحه و إلَى يَومنَا هَذا تُنتَهشُ إثرَها .

و حَالُ تولين ليس مُختلفٌ عنّ الصّنفِ الثّانِي  ، الفرق الوحيد أنّ ذكراياتُها هِي ما تدفعها للعيش ، فهي حافِزُها للإنتقام و إخراج أُنثَى الشّيطَان الحَقيقّة التّي تَسكُن دَاخِلهَا .

حَيَاتُها الحَاليّة تُجسّد فُي كَلمة واحِدة وهِي الفَوضَى ، فَوضَى أعمَت بَصيرَتها مِن جُلّ الألوَان مَاعدَا الأحمَر...  لَون الدّماء التّي تَسعَى لِسفكِها مِن أجسَادِ شَياطِينٍ تمرَدّت و تجَرأت عَلى إختراق حُدودٍ لَا تَعنِيها ، وَهي الآن سَتكُون شَيطَانهم المَريد الذّي سيعَاقبهم عَلى غَبائهم و إخفاقَاتِهم .

وَبَينَ جُلّ هذه الفَوضَى القَاتِلة وَجدت سَلَامهَا بَين ذِكرَاياتٍ قَليلَة تُبهِج رُوحها و تُذكّرها بِذاتِها الإنسَانيّة التّي فَقدتهَا فِي حرب الشّياطِين البَشريّة .. ومَا كان لَها سِوَى التّشبُث بِما تَبقى لَها من شَريط المَاضِي عَسى أن تَجدَ مَا يُعيدُها إلى الحياة مرّة أخرى ، ولربّما وجدت طرف الخيط مُنذ عدّة أيام على شكلِ كلمَاتٍ مشفرّة و شريط فيديو مُريب ،و رغم الوضع المريب الذّي وقعت فيه إلّا أنّ سحَابة الأمل أمطرَت عليها ببضعِ قطراتٍ فور إشتغال الشريط ، قطراتٍ معدودة كانت كافية لتنبيه كلّ خليّة عصبية تمتلكها .

صوتٌ ملائكي كان بكافٍ لتحفيز الإدرينالين على التدفق بقوة داخل عروقها ، خفقان قلبها كادَ يخترق قفصها الصدري ..إنّهُ هو نفسه من تضرّعت حواسَهُا لسماع صوته مرّة أخرى فقط لدقيقة واحدة لاأكثر .. لكن هاهي الآن تحصل على خمسِ دقائق كاملة ـ صوتٌ و صورة منه هو آليكس ملاكُها الحارس ، هو الذّي فقدت إحساسها بالواقع منذ أن غلّفت دمائه القرمزية أرضيّة منزلهم .

شَاشَةٌ مُتذبذِبة ثمّ وَاضحَة و مُلوَنّة تُظهِر آليكسَاندر غرَاي وَالدها و أمَانُها بِوضُوحٍ .. شَعرُه الأبيَض المتموّج و عُيونه الزّمردِيّة الخَلابَة ،وجهُه الشّاحِب و صَوته المُريح كلّها فِي شَاشَةٍ واحدة أمَامها ، لَقد سَهت كَم أنّها تَشتَاقُ لِرؤيته فمُنذ تلك اللّيلة المَشؤومة لَم تَراه إلّا فِي خَيالِها لا صُورة عندَها تتأملّها عند الإشتِياق فَقط خَيالها و ذَاكرتها .

-"لَقد مرّ وَقتٌ طَويل زَهرتِي المُميّزة "

خَفقَ قَلبُها  بشدّة و فَاضت مَقلَتاهَا من دُموع الشّوق و الألم إثر صَوته وإبتسَامته ، تَشعر أنّه أمَامها كَما عهِدت عَليه منذ زَمن طَويل .. لَامسَت الشّاشة بأنامِلها تتحسّس وَجهه تُريد أن تَستشعِر وُجوده مرّة أخرَى لكِنّه فَقط صُوتٌ وصورة مُسجلّ منذُ سنوات عَديدة . تأمل بِداخلَها أن يتوقّف الزّمن حَتى تَبقى طَويلَا مَعه .

يُوكرَاثْيَا | جُرُوح مِن فَوضَى المَاضِي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن