2|سِجْن الوحُوش

4.2K 245 248
                                    


الفصل الثاني: سِجنُ الوُحوش

▪ ⚜ ▪

ظلام ..ظلام..ظلام

وسطَ ظلامٍ حالك داخل اللامكان أو بالأحرى رقعة الجحيم .. حيثُ تودّعُ فيه الروّح الإنسانية والإحساس -

صراخٌ حاد يصُم الآذان من كلّ جهة ، شمالا.. جنوبا ..شرقا و غربا محدثاً دوامة ضجيج ضخمة بعقل السجناء .. هنا عبر هذا الرّواق المصحوب بالعديد من البوابات الحديدية .. الارض مبللة ،الحرّاس مصطفين يحرسون تلك الغرف المظلمة ، مسلحين بوجوهٍ جامدة ونظرات فارغة تكاد تكون ميتة .

داخل إحدى الغرف حيثُ وجد جسدُ ذكرٍ بالغ معلّقًا بواسطة سلاسل حديدة متينة .. جسدُه مبلّلا تكسوه العديد من الجراح العميقة والسّطحية .. الدماء القرمزيّة تسيل وتسري بين ثنايا جسده الصّلب ، أنفاسه بطيئة وهادئة على عكس عقله الهائج كهيجان البحر وسط العاصفة بكلّ تلك الأفكار المظلمة كظلام الغرفة .. عقله محتجز بين الواقع و الخيال وقع في سهوٍ كبير.. نسي هل هو صيف أم شتاء .. صباح ام مساء ، فقَدَ حسّه بما حوله داخل سجن الوحوش هذا . فما تبقى من إحساس داخلّه تم هدمُه .

أصبحت المشاعر تحت ستّة أقدام من سطح أرضٍ قاحلة لا مطر فيها ولا ماء .. فلا أمل للنمو مرّة أخرى .

إنتشله من أفكاره صوت إنفتاح باب الغرفة الحديدي ودخول حارسين أصبح يحفظ وجوههم القبيحة .. اصواتهم المزعجة و الأحرى كلماتهم المعتادة التي من كثرة التكرار أصبحت عذاب .. فهو حاليا يحبّذُ التعذيب الجسدي على هذا التسجيل الصوتي المتكرر، ألن يفهمو أنّ عناده كمادة متينة يصعب كسره ؟

-" يومٌ آخر مع تحطيم جسدك و عنادك أيها الضّخم .. فلا شيء أَمْتع من تعذيب أحد وحوش غروسانوس"

جذب هذا الأخير أنظار الوحش لهُ الغير مهتمة بحديثه الإعتيادي والمتكرر فسوف يستفرغ ما بمعدته الخاوية بسبب هؤلاء الحَمقى وبلامبالاة أردف :

-" ربّما لو وفّرتُم كل هذه البلبلة العديمة المعنى لأحد آخر بنفس مستوى الذكاء المتدني الذّي تملكونه ، فعقلي لا يستقبل أفكار الأغبياء "

أكمل كلامه بضحكة مُختلين عالية احتلت محيط الغرفة.. لتقابله ردّة فعل الحراس بلكمة حديدة من أحد منهم فجّرت ثغرَهُ دماءً ، يكادُ يقسم أنّه أحسّ بعظام فكّه تتحطّم من قوتها .. لكنّة مُعتاد على مثل هذه اللكمات و أقوى منها فلقد تدرّب على أيدي وحوش أسوء من هؤلاء بأضعاف الأضعاف .. فيوكراثيا أين و ملاعين غروسانوس أين ؟ فرق السماء عن الأرض .

رفع رأسُه نحوهما و عيونه محمرة بطريقة مخيفة وابتسامته متسعة أكثر من قبل .. دماء سائلة من فمه .. أسنانه حمراء ما زادت منظره المخيف ملامحًا سيكوباتية أسوء من قبل و بنفس تلك الإبتسامة المريبة قال و السخرية تغلف صوته :

يُوكرَاثْيَا | جُرُوح مِن فَوضَى المَاضِي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن