1|صُدْفَة أمْ قَدَر

10K 389 599
                                    

الفَصل الأوّل : صُدفة أن قَدر

▪ ⚜ ▪

"ومن يدري، فلعلنا مع الأيام نعرف الجواب عن أسئلة كثيرة ظلت حتى اليوم بلا جواب"

-نجيب محفوظ -

عِندَ إحدَى القِمَمِ الشّامِخَات تَقِفُ من عَقدت صفقةً أبَديّة مع حَاكِمِ الكَربِ و البُؤس ، فِكرُهَا ضائع بينَ شُتات الماضي بيْنَمَا زُمُرّدتاها تُرَاقب غياب الشّمسِ عن الأُفق تارِكةً وراءهَا أمَلُ المآب على شكلِ لوحةٍ فنيّة رُسمت بلونِ عبّاد الشًمسِ و البُرتقال .. فمَا لها سوَى التّنّهُدِ من جمَال الخَلقِ الالَهي .

مَاهيَ إلّا ثوانٍ معدودَاتٍ حتَّى إخترقَتْ ذكرايات الماضي الأليم صفاء العقل المتأمّل، و بعنفٍ ساحبةً اياه نحو متاهة الأرواح العالقة بين حُطامه السّعير . نحو الطُّفولة الضائعة ،مسقط رأسِ البراءة ..

بينَ أزهارِ الجوري والياسمين تَجلِسُ وحيدةً و دُموعُ الأسى تتدفّق من جَفونِهَا، فقط دموع دون ضجيج ،تشتكي لأزهارها عن ألَمها و حُزنها .. فهي صغيرة لتتحمّل كلّ هذا اللّؤم ، ثمّ ما هي إلّا لحظات حتَّى إخترَقَ مسامعها صوتٌ الأَمانِ و الحَنَان :"ما بها ملاكي الصغيرة تجلِسُ وحيدة ؟"

أردفت بهدوء دون أن تلتفت له :" رُبّما لأنّها سئمت من هذا العالم الظّالِم ،وأرادت الهرب حيثُ تَقبعُ السكينة و الهُدوء "

رفع حاجبُه بتفاجؤ مردفًا وهو يبعثر خُصلاتها :

-"هذه كلمات كبيرة بعض الشيء لصغيرة مِثلُكِ ، ألا تتّفقينَ معي ؟"

إلتفتت لهُ بهدوء بقيت تُناظرُه دون اي كلمة .. ليفعل المثل حتى كسرت الصّمت بَعدَ فترةٍ بقولها :

-"عُمري لا يعني أنّي لا أفقهُ شيئًا ممّا يحدُثُ حولي أليكس !"

-" بما انّكِ ناديتني بإسمي يعني أنّ الوضع جدّي ، هيّا أخبريني ما بكِ يا نور حياتي "

إرتسم الحُزن على ملامحها ، عيناها تشكي الألم و الروح تبكي والدّموع تُحرّرُ المكبوت ، وبصوتٍ مهزوز ردّت عليه :

-" ألم تَقُل لي من قبل انّ العائلة هي المرساة ،و السّند عند الوقوع و الضُّعف ؟ "

أومأ لها بقلق :" نعم قلتُ ذلك "

-" إذن لماذا الكل في هذا البيت يُعاملُني كما لو كُنتُ العدُو ؟ "

يُوكرَاثْيَا | جُرُوح مِن فَوضَى المَاضِي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن