6 || مضى زمنٌ طويل يا مراد، أتذكرني؟

49 12 2
                                    

جلسا صامتين يستمعان لأغنية مراد المفضلة، يهتز مع موسيقاها الصاخبة ويلحن إيقاعها بصوتٍ منخفض حتى جاء مقطعه المفضل منها: «أنا من سأشغل النيران ويصل اسمي للعالم كله». فصار يغني بحماسة هذه الكلمات وكأنه قائلها الأول، بينما يقود كادن بجانبه شارد الذهن ينظر للأمام على الطريق الطويل المعتم. أخفض مراد الصوت بعد برهة ثم قال بصوتٍ هادئ:

- «كادن أتعلم؟ لقد اتخذت قراري».

أمَّ كادن متفاعلًا مع حديث صديقه وقال بعدها مبتسمًا لا شعوريًا كعادته كلما نظر إليه أو حدثه أحدٌ ما:

- «حول ماذا؟».

- «سأصارح سيلين بحقيقة مشاعري نحوها.. سأخبرها كم أحبها! وكم هي عزيزةٌ على قلبي! وكيف أني مستعدٌ لفعل أي شيءٍ في سبيل أن تبقى معي».

سرح مراد فجأةً، وأخذ كادن ينظر إليه بطرفه باسمًا، ثم أكمل كلامه قائلًا:

- «يا إلهي! كم كانت جميلةً في الحفلة، تضيء في عيني، وأينما نظرتُ يجبرني نورها الساحر على الالتفات لها».

- «رائع يا صديقي! أنا أشجعك ومتأكدٌ من أنها تبادلك الشعور ذاته».

- «آمل هذا».

•••

دخلا باب الحديقة الواسعة بعد أن فُتحت لهما، فأوقف كادن سيارته أمام باب الفيلا ونزلا منها وطفقا يدخلان بينما يقول كادن ساخرًا بأسلوبٍ طفولي وصوتٍ منخفض:

- «ياهو! سنرى بابا فرانسيس أخيرًا».

نفث مراد تنهيدة ضاحكة، وقال:

- «لنرجو أن ينتهي هذا اللقاء العفن سريعًا».

تنهد كادن قائلًا:

- «لنرجو هذا».

أخذهما فرانسيس بالأحضان الكبيرة والقهقهة العالية، وقد جارياه في ذلك. قدما له هدية الضيافة المتواضعة ثم جلس ثلاثتهم يتحدثون سويةً، وكان أكثر الكلام يدور بين فرانسيس وكادن بينما ظل مراد صامتًا يستمع لهما وهو شاردٌ في صراعٍ داخلي بين أن يقول ما عنده في الفرصة المناسبة، بأسلوبٍ مجامل قاطع، أم باندفاعية وحزم؟ قال فرانسيس فجأةً:

- «كم أنا سعيدٌ بوجودكما اليوم في منزلي! بل في منزلكما، فأنتما ولداي العزيزان، كنت أظنك ستتجاهل دعوتي يا مراد، ولكن الحمد لله لقد أتيت وأنا مسرورٌ بهذا».

- «أتيت فقط لأقول ما لدي وأغادر».

ضحك فرانسيس وقال:

- «باردٌ وصريحٌ كعادتك لا تتغير.. ما الذي تريد قوله؟.. ولكن قبل هذا أخبرني كيف حالك وكيف هو بانكول؟ فما زال معنا الليل بطوله نتحدث فيه بكل تلك الأمور الرسمية - كما أتوقع - فيما بعد».

- «لا أعلم، لا أقابله كثيرًا».

- «آوه! كم هذا مؤسف! كنتما في الماضي كأنكما شقيقان يحملان الدم نفسه، لا تفارقان بعضكما، ولكن هكذا الدنيا لا يدوم فيها أي شيء.. ألست تذكر هذا يا عزيزي كادن؟ كانا وكأنهما شقيقان أليس كذلك؟».

مـورا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن