الفصل الخامس عشر ةالاخير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحب هو الشيء الوحيد الذي لن ناخذ منه ما يكفي .. والحب هو الشيء
الوحيد الذي لن نبذل منه ما يكفي . هنري ميلرتركت له الفرصه ليخبرها وانتظرت وانتظرت كان انتظار طويلاً لا تشيع فيه سوى التحضيرات الرسميه ل عقد القران ...
حتى ذلك اليوم حين وصل صبرها الى اخر مداه ...
نظرت الى الهاتف وتسأل نفسها .. اتتصل به .. ام تواجهه وجه لوجه وترى رد فعله ...
تنهدت بثقل وخيبة تخنقها .. لا يتهرب لكنه لا زال لا يُفصح عن شيء...
كادت ان تنعت نفسها بالغباء لانها فكرت باعطاءه الفرصه ليكون اكثر مصداقيه .. ولتؤكد له انها اختارته وصدقت مشاعره ...
حتى مساء امس سالته برسالة نصيه سؤال غير مباشر
" أ هناك ما تريد قوله لي.. شيء احتاج لمعرفته وتحتاج لقوله .."
لكنهه ببساطه ارسل لها رسالة صوتيه مقتضبه
" نعم بعد عقد القران لدي الكثير لاقوله .." ثم تبعها برساله اخرى ..." اخلدي الى النوم .. اراكي غداً ..."
ايمكنها ان تصفع نفسها لغباءها .. تبا لا يمكنها اللحاق به ... ذكي ومراوغ ولا زالت تؤمن انه خيارها ولن تتراجع وتصبح مهزوزة القرار بسبب تجربه سابقه له ...
لا زال الوقت مبكر وهي اختارت هذا التوقيت ذاتا ..
صباح اليوم الموعود لأرتباطهما.. لتقصده بنفسها
وحين فتح باب منزله .. ووجدها تقف ملتمعة العينين وعلى وجهها تعابير ساخره
ابتسم لنفسه قائلا في سره .. بالفعل انه يوم حظي ..
ابتسمت له بطريقة مهلكه
فكاد يخبرها.. ابتسمي لي كل يوم هكذا وسأنسى كل تحضري سمعها تقول وهي تتدخل ثم تلتفت اليه متخذه وقفة مسترخيه
" قلت لي اراك غداً ... "
غمزها بخبث وهو يوصد الباب ويتكأ عليه باسترخاء
" نعم ... وانتِ تسبقيني بخطوه ..."
ثم .. قادها بحركه وديه عبر ردهة منزله الكبير نحو المطبخ فشاهدته يطل على منظر فريد ومساحة واسعه تسر النظر وقبل ان تذلف مباشرتا الى حيث كان ينوي ان يجلسها سحبت ذراعها من قبضته والتفت اليه
" توقف .. لم اتي هنا إلا لأسألك وبوضوح .. واريد اجابة واحده صريحه..
لقد منحتك فرصة وانتظرت طويلا ان تصدق وتقول ما في سرك لنبدأ بداية صحيحه ...
صمتت لحظه تأخذ نفسا ولا زال هو يراقبها بتسليه فتأرجحت بين الغضب والحنق .. اجبرت نفسها ان تتابع متوعده انها ستمحو هذه التسليه المطلة من عينيه
" اتتفضل وتطلعني لما لم تخبرني انك كنت متزوج سابقاً ..."
انتظرت ان تراه مصعوقا .. منذهلاً .. متحير .. او ان يسارع للنفي, للتوضيح لكنها لم تتوقع رده فعله حين رمى برأسه الى الخلف وقهقه ضاحكاً
لولا ظهور والدته وصوتها المنذهل
" مالذي يجري بحق الله .. ما هذا الذي سمعته ..."
التفتت جميله اليها بشيء من الاعتذار فهي نسيت تماما وجودها في غمرة مشاعرها الغاضبه واحساسها بالتهميش
رأت ملامح الدهشه وشيء من الشحوب يغزوها
فسارع ادم ليقول ببساطه .. جملة واحده جلعتها تبتسم
" انها تتحدث عن موضوع سلوى .."
صعقت فهو يأخذ ب الأمر من المسلمات دون ان يكلف نفسه عناء اطلاعها
غمغمت وهي مبهوته بغرابة ما تسمعه .. واصبح الحديث يدار بين الام وابنها
" الم تطلعها على الامر .. يا بني كان يجب ان توضح قبل ان تسمع من شخص اخر"
تلك اللحظه اعاد نظره اليها ليجد تنظر بصدمه وشيء من الضياع فسارع يمسك بيدها ويحنى رأسه هامساً باهتمام قلق
" جميله .. هل انت بخير ..."
ارادت ان تقول له .. تباً لك .. وكلا لستُ بخير .. وغبائي قادني اليك لأجدك تأخذ الامر بروح رياضيه وهي فقط اخر من يعرف.. وفي نهاية هذا النهار سيلصق بها صفة زوجته ..
شاهدت والدته تنسحب وهي تقول ..
"حل الامر بهدوء يا ادم .. اراك في الحفل يا جميله "
لا تدري كيف اومات لها بضياع وهي تتنجنب النظر اليه .. ثم ما ان فعلت حتى رفعت ذقنها بكبرياء رغم دموع الاحراج التي التمعت في مقلتيها ..
لمِا تشعر بالاذلال ايضا ؟ الا يصبح الامر مبالغه في الشعور !!
ام هي فقط لم تدرك مدى تاثيره عليها وتغلغله في حياتها مذ شهرين بين المد والجز
سحبت يدها وهمت بتجاوزه لم تتعد اكثر من خطوتين .. تترك كل التساؤلات خلفها .. الهرب مجددا وهذا ما كان ادم سريعا بالتقاطه حين هرع وامسك بذراعيها يرغمها على التوقف
فانتفضت وهتفت به ان يبتعد لكنه جذبها بشده رافضا ان ينصاع بسهوله
" تعالي اجلس لنتحدث ..."
صاحت به بصوت مكتوم
"لا تبدا باعطائي الاوامر .. صدقني انت لست في وضع يسمح لك بذلك ابداً ..؟"
فقال لها بخشونه فاجئته
" انت جبانه فعلا في مواجهة نفسك والاخرين "
نظرت اليه نظرة فارغه جوفاء الان من مقدار ما اوصلها اليها .. انه يعرفها كراحة كفه .. افلتت نفسها من قيد كفيه بحركة هادئه بسيطه .. فبدى له سكونها هدوء .. غير انها رمشت بعينيها عدت مرات تستوعب اللحظه ما جعله يشتم من بين اسنانه.. وعاد يمد ذراعيه ليجذبها اليه لكنها تراجعت خطوه فبهت لحظه ثم تنهدت ورفع كفيه يمرر اصابعه في شعره ب حيره .. في حين قالت بنبرة قاسيه
" تحسب نفسك تسبقني خطوه .."
اجابها بجفاء
" نحن لسنا في سباق يا جميله ادركي هذا .. توقفي عن دفع الامور نحو حرب بارده لا معنى لها ..."
صاحت بضيق وقد باتت انفاسها تتمرد عليها
" في وقت قررت ان امضي واخطو اليك.. انت تتكتم عما يخص حياتك .."
اطبق ادم اسنانه بغيض وشعر بالاحباط .. لا يستطيع ان يتابع كل ما تفكر به ويصححه
" وهل هذا ما فعلته الان انت طرحتي سؤال وما كدُت اجيبك .. حتى هربت ...."
" لم افعل " نفت بقوه
" بل انت من استهنت بمشاعري وابقيت هذا الامر لنفسك .. انتظرتك طويلا ان تفضي قبل ان اسمع من طرف اخر قد يؤذيني ان اعرف منه واكون الزوجة الغبيه في هذه الزيجه ..."
حدجها عابساً متجهم .. يعرفها جميله المرأة التي اشاعت الفوضى في حياته .. ودمرت كل ركائز نظامه الدقيق في التعاطي مع الجنس اللطيف ... وها هو الان من دون خبره بالتعاطي مع امراة مغتاضه الى هذا الحد .. ترفض الان ان تناقشه بهدوء .. ان تفهم منه او تمنحه فرصه واحد يوضح موقفه
تابعت بذات النبره رغم ذبول نظراتها
" لقد اصغيت لكل شيء قلته وصدقته بغباء .. قل عني ما تشاء الان .. غبيه .. جبانه .. متهربه ... ما تشاء .. لكنك حظيت بفرصتك و....
قاطعها وهو يحدق في عينيها مباشرتا
" اعترفي انك مستاءه لأنك اكتشفتي ان الامر صحيح وليس كذبة من والدك في حين تأملتي ان يكون كذبه ...؟ "
بهتت وهما يمسكان بخناق بعضهما بالكلمات ويرتجيان في ذات الوقت شيء من التفهم .. كانت تشعر به يسحق كبريائها وهو يشعر بانها تهين صدق مشاعره .. تباعد المسافات كثيرا حين يصبح كل منها يريد من الاخر اكثر من استطاعته .. فلربما هناك من هو حذق في الكلام واخر شاطر بالافعال ..
غمغمت بنبرة مستاءه
" لأني اخر من يعرف .. حتى بت انت تضحك منه وانا اغلي لجهلي ... "
تنهد بثقل وهو يشيح وجهه عنها .. الجمته بردها .. وعليه ان يعي حجم الموقف ليس من اوله .. بل مذ وقوفها على عتبة منزله
ليس جميله من تفعل هذا...
ليس جميله من تاتي بنفسها... لتسأل وتتقصى
لو لم تكن تهتم ... لو لم يكن الامر اوجعها ... اه هذه الجميله ستاتي بنهايتي على الاكيد ..نعم بالفعل تجاهل اطلاعها على الامر لانه لم يعني له الكثير ..
اقترب واخذ بكفها متمتاً برفق
" حسنا ارتكبت خطأً .. اهدأي فقط.."
قالت بعناد " هل تمانع ان تفلت يدي .."
" نعم امانع ... وسنكمل حديثنا كما ابتدأ سؤال واجابه .."
تجهمت ملامحه تماماً وضاق وسعه عن التعاطي مع وضعها المتحفز
وحاولت هي سحب يدها تتمرد .. بكل ما تستطيع فحتى الان هو يمسك بها .. يأمرها .. ويمنعها .. ثم ما لبثت حتى شعرت برجيلها تلوحان بالهواء وهو يحملها فوق كتفه ليضعها بخشونه على اقرب اريكه في غرفة الجلوس
وفي غمرة ذهولها من تصرفه نظرت اليه هو الاخر لاهثاً لكن راضاً عن نفسه تماما مستمتعاً بحالتها المستترة بين الاحراج و الأستغراب
وما ان استوعبت ما جرى حتى انكمشت على نفسها عند طرف الاريكة لكنه سحب كرسيا اخر وجلس امامها .. بل وانحنى نحوها لينظر اليها عن كثب .. اربكها أكثر
خيم الصمت وكلاهما يستعيد هدوء انفاسه وخلف الصمت زوجين من العيون تغرق في هدير حكايا كالنهر بعذوبتها والسيل في حميميتها
فاختار تلك اللحظه ليتابع جمع شتاتها
" لم اغفل عن هذه الحقيقه بل تعمدت عدم ذكرها خشية ان تتخذيه ذريعة لرفضي ...رغم اني اعترفت لك وسكبت مكنونات قلبي .. اني مفتون بك .. في وقت كنت ترين ان الجميع يحيك حولك خدعة كبرى.."
تابعت صمتها بعد ان اخفضت وجهها هربا من عينيه وهدوءه الذي تسلل اليها كالعدوى .. واضاف
اما سلوى فهي ابنة صديق قديم للاسره يعيش مع اسرته خارج البلاد .. حيث عملت ودرست لبضع سنوات في نفس المدينه .. تقدمت لخطبتها ظناً مني اني اخلق لنفسي وضعا اكثر استقرار .. لكن سرعان ما انهار المشروع بيننا .. خلال اسبوع واحد
" اتعني انكما لم تتزوجا .... ؟ "جاء سؤالها بديهيا لا غبار عليه
أومأ أيجاباص واخفض بصره يلاحظها وهي تدعك شريط حقيبتها في راحة كفها بتوتر وكررت
" لماذا انهارت خطوبتكما ..؟
" لأني ولحقيقة الامر رجل شرقي النشأة لم استطع تقبل كل ما تنطوي عليه افكار التحرر فبعضها غير قابل للنقاش .. كأن تفكري مستقبلا بعقد صداقات مع الرجال تحت مسمى صديق مقرب يختلف عن الزوج "
امعن النظر فيها يتهيأ لرد فعلها غير انها اومات أيجاباً وهي تخفض رأسه ثم رفعته بحده وعينيها تومضان لتقول بتاكيد
" الامر ينطبق عليك فلن تطبق عليَّ فقط قوانينك الشرقيه .."
تاملها بسكون وتسليه .. ثم همس وعينيه على ثغرها .. للمرة الثانيه يشعر انه خارج عن السيطره
" اذن ما رايك ب قُبلة نختم بها اتفاقنا ... "
شهقت ثم بحركة خرقاء غير مدروسه وضعت كفها على كتفه تحاول دفعه ووضع المسافه بينهما في حين تنظر في الارجاء حولها قائله من بين اسنانها
" هل جننت ... "
التفتت لتجده يتسلى على حسابها فنهضت باندفاع وهي تتقلب بين الخجل والذعر والأرتباك ..
" بل انا هي المجنونه تماما لأتي اليك ... "
رفع حاجبيه باستغراب وهو ينهض ليسد عليها طريق الهروب او اياً يكن
فهو لا يريدها ان ترحل بسرعه ما زال يحتاج ان يُلقي سؤاله هو
وسيأخذ اجابته في .. الان واللحظه
أنت تقرأ
مدن لاينزل فيها الغيث الجزء الاول من سلسلة المرايا لكاتبة اسماء
Любовные романыياإمراة نصفها شمس ونصفها ظلال احبك يافراشة الفرح العابر