الفصل الثالث عشر

262 11 1
                                    

الفصل الثالث عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

خرجت من سريرها في صباح يوم السبت الممطر .. قارب الوقت الساعه الثامنه
ألتقطت مأزرها تلفه حولها .. وجلست تتامل المطر عند نافذة غرفته.. وتساؤلاتها تُرخي بظلال من الهدوء حولها ..
لاول مره تشعر انها تخطو صوب المواجهه الحقيقه رغم انها كانت تقف عند حافتها طويلا
لأول مره قررت قرار صحيح .. وان ادم ليس متلاعب غشاش بقدر ما هي ضائعه في مسالك ارضاء اسرتها
ابتسمت وهي تستذكر تقاسيم وجهه الاسمر متحفظه مترقبه لردها حين كرر عرضه للزواج.. نعومة سؤاله عكست دفين مشاعر تموج في عينيه ..
رغم التوتر العاطفي القائم بينهما تلك اللحظه اخفت وجهها وناورته قائله
" أ نسير في الأتجاه الصحيح "
" نعم ..."
رفعت وجهها ناظرة اليه لترى القوة والثقه تشعان منه فسرق انفاسها لكنها جاهدت لتقول ما في قلبها بثبات
" لربما انا غاية تريد فقط الوصول اليها ب\كل السُبل "
تجهم وجهه .. تظنه يسعى فقط نحو غاية يملها ان استملكها .. كان عليه ان يثور ان يمهد لعواطفه قبل ان يتقدم لها .. لكنه وجد نفسه محاصرا بواقعها الضائع
وبحاجته اليها في حياته ..
تنهد بثقل ألم صدره " أفهم هذا "
اغمضت عينيها لحظه وهي تخفض وجهها بتحيره .. اخطأ فهمها كان عليها ان تكون مباشره اكثر .. ثم وجدته يُضيف برقه
"أفهم مخاوفك .. واريد ان ازيلها ... "
يفهم حقا انها عالقه في مزيج معقد من المشاعر والعواطف .. ضائعه بين الارادات فقط .. لكنها لا تقترب خطوه فكيف يلاقيها حتى وهو يسعى اليها ..
سمعها تسالها بتردد
" اذن كيف خطرت لك اعني ...
وتلكات لكن اجبرت نفسها بصعوبه ان تتتم حديثها
" اعني كيف اخترتني الان .. "
تحرك بتوتر وتمتم بصوت خافت نبرته الدافئه ارسلت رجفت فيها
" اعرف ان فيك الكثير من خبايا روحك ... واعرف انك تميلين لتصديق
نفسك على تصديقي ... لكن لكل منا خطوه في مسار رحلة جديده "
عقدت حاجبيها وكأنها لم تفهم حديثه وكان سؤالها التالي مذبح استفهام ضائع
" اتعني ان اغامر ..."
كتم ضحكته وابتسمت عيناه
" ان يكون لك زوج واولاد ليس بمغامره ...."
شاهدها تشهق متسعت العينين ثم تداري وجهها المتورد عن مرأه .. لكنه اختار ان يقترب منها فلفت رأسها ناحيته بحده وخفق قلبها بشده عمياء
ومن دون مقدمات وفي غمرة ذهولها وقف امامها مثل مد عال يكاد يجرفها
فجف فمها وهي تشاهد انحناء كتفيه لياخذ كفها المشتده على قماش فستانها ..
ضاع منها صوتها وفصاحتها فظلت تتابعه ما يفعله بدهشه .. يعلق كفها الناعمه بين كفيه .. ارتجفت و شعر بارتجافها وهو يماثلها ويزيد
كتم تنهده .. كان يتوق للمسها توقاً اذاقه سهاد مرهق ثم همس لها بصوت اجش ما استوطن صدره ليال طوال
" كان لي هزائمي وخساراتي يا جميله ... لكن حين عرفتك لم اكن مستعداً أبداً ان تكوني انت احداها لذا وصلت الان ..
رغم اني مذ اول رؤيتك عرفت ما ينقصني .. تعلقت به بشده واصبح الاهم والاغلى والاجمل ..
يعنيها هي ليست بغبيه وكل ما ينطقه يعنيها .. شعر بأرتعاش نبضها وهي تسحب يدهها من بين كفيه بحده وخجل اذاب قلبه ..
راقبها من تحت اجفانه .. وهي تحاول استيعاب ما افضى به .. وتشد على شفتيها الناعمتين فتزيد من هياج نبضه
وعيناها البنيتان اصبحتا اكثر دكنة من لونها الاصلي ..
جاء صوتها خافت يتلوى تحت انعقاد انفاسها
"كُل هذا انت ..اعني ..
صمتت .. يلحظ ازدياد اضطرابها ولم يرحمها بل ابتسم دون ان يتراجع ويمنحها المسافه بل ظل يشغل مجال الرؤيا بسطوة حضوره
" نعم .. وأكثر لكنك تخطين الى الوراء كلما تقدمت "
لعقت شفتيها تبحث عن اجابه وترسل فيه بغفله زوابع شوق عاتيه .. لا تدرك ما هو فيه .. لا تدرك ذرة منه اجابته
"أنت لم تكن .. لم اشعر .. اعني ما زلت لم تفسر لي .."
استرخى في وقوفها امامها واجاب
" لاني عرفت والدك وتعاملت معه وعرفت كيف يدير حياة اسرته ..
لذا ولاني في اول طريقي .. خشيت ان ينظر الي كطامع في ثروته .. وليس في ابنته والقرب منها ..."
كان يدهشها مرة بعد اخرى .. كان يعرف يعرف كل شيء وبدقه كما يبدو
سمعته يضيف " ومع ذلك لم انجو من اخيك .."
سارعت تقول باهتمام
" اخي لم يكن يقصد .. اعرف انه لم يقصد .."
"اتدافعين عن اخيك بهذه الهمه ام عن موضوعنا "
كان يُمني النفس بأنها تهتم فعلا .. حتى سمعها تقول بتساؤل ساذج
" اي موضوع ؟"
قست عيناه وتلبدت وهو يتراجع عنها خطوه دون ان يفلتها من قيد نظراته ..
تنهدت بثقل وحراره ثم دار حول نفسه بحيره وضياع .. يريد ان يقول .. ان يثور .. ان يمسك بها ويشدها الى صدره علها.. تسمع.. تعي .. تعرف.. ما يختلج فيه ...
لما تجعله يشعر بالعجز من ان يوصل اليها احساسه بها شعوره المولع بكل ما فيها
سكناتها صوتها عيناها وحتى صمتها.. كل وجودها العبق بالانوثه التي زلزت كيانه وقيدت قلبه فيها
من الصعب اقناعها لكنه سيقنعها .. يعرف نفسه صبور ومصمم ومعها سيستهلك اخر ذره .. ولن يستسلم ... مرر كفه خلف عنقه وقد تشنج جسده وملامحه حرك راسه حركة بلا معنى
قبل ان يلتفت اليها قائلا بارهاق وعنف يائس
" اتتلذذين برممي الى جحيم الانتظار ..."
ارتدت وكانه صفعها .. فطاطات رأسها واخفت عينيها المتوهجه عنه
.. جحيم .. اهذا ما تودعه فيه حين رفضته .. وحين هربت من حديثهما .. اتراه يخبيء اكثر مما يبدي .. ادم الشخص الذي حافظ على المسافة الامنه بينهما .. المسافه الرسميه دوما ... الان يخطو نحوها وبصدق تستطيع ان تستشعره من مجرد النظر اليه .. الى عينيه وايحاءات نظراته ... انه يدعوها لتفهمه .. لتعرفه
رفعت وجهها اليه لتجده يتأملها بترقب فحركت راسها نفياً
ارسلت اليه هدوء يسبق العاصفه فحبس الانفاس في صدره ليحثها بيأس
" أذن ..؟ "
فركت كفيها ببعضهما وهي تهمس بنفس مرتجف
" ليتني جيده في قراءة الاخرين ..."
جمد ادم يحدق بها .. لم تكن هذه الاجابه المنتظره او المتوقعه حتى .. ضاقت عيناه باهتمام حين تابعت
" كنت لعرفت قراءة ما خلف عينيك كما الان .. "
ابتسم ببطأ ثم التمعت عيناه انه على شفا ان يفقد سيطرته ف
يشدها الىيه يضعها في عمق قلبه .. كما ينبغي .. بل وكما يشتهي
في وقت هي كانت تهمس لنفسها مشجعه .. ان لا تتردد فتخسر لحظتها
لحظة احساس عميق حبكها القدر فتمتمت بصوت خافت
وعينين متوهجتين " حسناً .."
التوى قلبه في صدره واومأ برأسه مستفهما وعلى ملامحه تعابير امل مندهش
" حسنا على ماذا ..."
رمشت بعينيها ثم اخفضت وجهها تهمس بصوت اجش
" اعني اني موافقه ..."
اسدل الصمت استاره هي باجابتها وهو باستيعابها .. قبل ان تنفرج شفتيه بأبتسامة غامضه ويسالها ان تكمل .. فنظرت اليه بأستغراب وكل ملامحها البهيه تأسره ..
قاطعهما صوت جدتها تدخل غرفة الجلوس
" ادم هذا انت .. لم نعلم بوصولك .. ؟"
ارتبكت جميله وهي تتحرك جانباً هاربة من عينيه التي تعلقت عليها بضع ثوان ثم عمل مثلها والتفت الى جدتها قائلا
" مرحبا .. لقد كانت جميله اول من التقت ..."
اجابته " واين تذهبان بكل هذه الاناقه ... "
شعرت بعيني ادم عليها من جديد .. تحرقها نظراته وكانها تخترقها فتمتمت بصوت متحشرج احرجها
" انا لوحدي فقط جدتي مدعوة لحفل صديقة لي ..
لم تعرف بعدها كيف انسحب ولا بعينيها تلمحه يغمزها قبل ان يغادر المكان ..
والان دورها لتنقل موافقتها الى الاسره .. الى والدها

مدن لاينزل فيها الغيث الجزء الاول من سلسلة المرايا لكاتبة اسماءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن