في العيادة النسائية الشهيرة... تجلس"فرح" في قاعة الإنتظار وسط جمع من النسوة، في إنتظار دورها بعد تلك المرآة ذات البطن المرتفع التي على ما يبدو حوت بداخلها جنين في شهره السابع أو الثامنها هي تلج أمامها مستندة إلى فتاة بدت في منتصف سن المراهقة بذلك القميص المزركش المفتوح و تقويم الأسنان الذي تضعه و قصة الشعر ( الكيرلي ) الشائعة جدًا هذه الأيام ..
لقد إنتظرت طويلًا، لأكثر من ساعتين، فقط لأنها لم تحجز باكرًا، لكن لا بأس
ستكون التالية، و لا تزال أمامها ساعة إضافية قبل أن تذهب إلى العمل ...
كانت تجلس طوال هذا الوقت تراقب جميع من حولها، و كما حسبت بالضبط كانت الأعين عليها.. ربما لأنها جاءت بمفردها ليس معها مرافق، أو.. ربما لأنها تخفي يديها بهذا الشكل الملفت للنظر !!!
كانت تعرف أنها لا يجب أن تقع في هذا المأزق، و بما أنها ستفعلها قبل أن تلج للطبيبة فلا مانع أن يتم ذلك الآن أمام هؤلاء الفضوليين.. بالطبع، فمن في جنس البشر لا يهوى التلصص و إستقصاء أحوال الغير، حتى لو الغير ليس ذا صلة
بحرص شديد فتحت "فرح" حقيبة يدها و دست كفها الأيمن داخلها، أمسكت يدها فورًا بعلبة ضئيلة مكسوّة بالقطيفة، فتحتها بإصبعي الإبهم و السبابة، ثم إلتقطت ما بها و وضعته ببنصرها الأوسط بسرعة
سحبت يدها في هذه اللحظة و هي تطلق نهدة عميقة، فبزغ المحبس الذهبي اللامع أمام الناظرين، و إرتسمت إبتسامة ساخطة على فمها و هي تعاين النظرات التي تطوقها من كل حدب و صوب.. نظرات إستمرت للحظات ثم إنقطعت فور النداء على الوافدة التالية ...
-آنسة فرح !
أشرأبت "فرح" عنقها للأعلى و نظرت نحو مصدر النداء
إبتسمت لها مساعدة الطبيبة الشابة و هي تقول برقة :
-تفضلي يا آنسة دورك !
إزدردت "فرح" ريقها بتوتر و هي تومئ لها برأسها، ثم قامت واقفة و مشت ناحية غرفة الكشف ..
كانت الطبيبة الأربعينية تجلس هناك، وراء مكتب بسيط مصنوع من الزجاج المقوّى، أمامها حاسوب محمول و بضعة ملفات و حزمة أقلام بسلة صغيرة، و ذلك اللوح الخشبي الصغير الذي حمل إسمها الثلاثي.. "رجاء مفيد رشيد" ...
ما أن رأت الوافدة الجديدة حتى أشرقت عينيها بالإبتسام من خلف عويناتها الزجاجية الأنيقة،و دعاتها حالًا للجلوس ..
-أهلًا أهلًا. أهلًا بك يا عزيزتي. تفضلي إجلسي !
تقدمت "فرح" بهدوء و جلست أمامها منكسة الرأس، ظلت على هذا الوضع بضع لحظات، ثم رفعت وجهها و قالت بصوت غير واثق :
-عمت مساءًا دكتورة !
الطبيبة بإبتسامتها اللطيفة :
-عمت مساءًا يا عزيزتي. ما أسمك ؟
أنت تقرأ
كيف أقول لا!
Romanceلم يتبقّى سوى أيامٍ على ليلة زفافها، كابوس عاشت به منذ نعومة أظافرها، متاهة بلا نهاية خالت بأنها ستظل حبيستها للأبد، لكن.. لا شيء يدوم للأبد و جاء اليوم الذي صرعت فيه هذا الكابوس، و كسرت قيودها و غادرت المتاهة، لم يكن هذا بلا ثمن بالطبع فقد كابدت أب...