ومضة

2.8K 121 2
                                    


كانت "غادة" مشغولة بمطالعة أحدث نسخة ضمن مجموعة كتب حصلت عليها منذ فترة قصيرة.. بينما كانت "فرح" تلف و تدور حول نفسها أمام صديقتها، هنا وسط قاعة القياس التابعة لبيت الأزياء الشهير المخصوص فقط للأثرياء و علية القوم

لقد جربت عشرات الفساتين حتى الآن، و لم تستقر على أيّ شيء ...

-غادة أرجوك ساعديني ! .. هتفت "فرح" بتعاسة و هي تمعن النظر بإنعاكسها بالمرايا

ذلك الفستان جميل، أبيض اللون و رائع، في الواقع كل شيء هنا مبهر و ثمين.. و لعل هذا سبب حيرتها، فهي لا تعرف ما الذي سوف يناسبها أكثر بين كل ذلك... للأسف ليست خبيرة بالمرة في أمور كهذه !!!

ما زالت "غادة" على وضعها، حتى بيّد أنها لم تسمعها، فإستدارت "فرح" نحوها بحدة صائحة :

-عندما آت و أطيح بمجلدك العزيز هذا بالشارع لا تغضبي. هل أحدث نفسي يا غادة ؟ ألا تسمعينني ؟!!

زفرت "غادة" و هي تعتدل في جلستها متطلعة إلى صديقتها المقربة ...

-أمرك يا آنسة ! .. دمدمت "غادة" بفتور و هي تغلق كتابها و تضعه جانبًا

-بم تأمرينني ؟ كلي آذان صاغية !

فرح بإمتعاض شديد :

-هل آتيت معي لأسمع صمتك ؟ كان بإمكانك رفض دعوتي للتسوق و كنت سأتدبر أمري في النهاية

زمت "غادة" فمها مغالبة نوبة حنق دائمًا ما تسببها لها هذه المخلوقة، وقفت قائلة بحزم :

-أنني بالفعل أبديت رأيي في ثوب لم ينال إعجاب جنابك. تقريبًا ثاني فستان قمت بقياسه. و أنت أصلًا أهدرت نصف النهار في قياس أشياء لا تناسبك بالمرة و أرى أنك مستمرة في هذا لترضي فضولك فقط فأثرت الصمت من أجلك.. تلومينني الآن ؟!!

ضربت "فرح" الأرض بقدمها كالأطفال و هي تغمغم بآسى :

-أنا لا أعرف ما الذي يتعين عليّ أن أفعله. لا أعرف أبدًا. لا ريب أن مظهري سيكون بشع الليلة. بنات عمومتي سيظهرن أجمل مني جميعهن حتى أمهاتهن !

تنهدت "غادة" و هي تمشي ناحيتها مسرعة عندما لمحت عيناها تلتمعان و كأنها تتهيأ للبكاء، أمسكت بكتفيها و هي تقول بلطف :

-لا عليك يا عزيزتي. الليلة ستكونين أجمل فتاة بالحفل. أنا أعدك. حالًا سأجد لك ما يناسبك و من ثم سنذهب لصالون التجميل و آ ا ..

-وجدته ! .. قاطعتها "فرح" صارخة و هي تصوب نظراتها نحو الحائط المقابل

أزاحت "فرح" يدي صديقتها و إنطلقت كالرصاصة تجاه ضالتها، أخيرًا وجدته، معلق هنا وسط المجموعة الأكثر إثارة بالمكان كله.. إلا أنها محظورة عليها، و هي تعلم ذلك بكل تأكيد !

قبضت "فرح" على الفستان و كأنها تقبض على جائزتها الكبرى.. راحت تطالعه بنظرات مغتبطة، تأملت لونه القرمزي القانٍ بإعجاب، أخذت تتحسس قماشته الحريرية المطرزة بالورود الصغيرة من أعلى الصدر حتى الخصر المنتهي بطبقة من الدانتيل جاوزت الفخذ قليلًا، يا للروعة ...

كيف أقول لا!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن