كان يجلس في شرفة غرفته، أسفل شمس الظهيرة، و كانت صغيرته تجلس على حضنه في منتهى الهدوءكانت ممدة على صدره، ترفع وجهها الجميل و تتطلع إليه ببراءتها المحببة، تمد أناملها الضئيلة و تداعب شعيرات لحيته التي نمت كثيرًا بشكل ملحوظ
يبتسم الأب لها رغم ما فيه من هموم، يلتقط كفها الناعم و يقربه لفمه ليطبع عليه قبلته الحنونة، ثم يمسك بها و يعدلها ليضمها إلى صدره بقوة ...
كم هو بحاجة لحضن تلك الصغيرة.. لا يرتاح إلا معها، و ما من أحدٍ سواها قادرًا على مداواته، إبنته، طفلته الصغيرة.. الحب الوحيد الصادق بحياته.. و عمره كله ...
-سيد هاشم !
عبس "هاشم" عندما أتاه صوت إحدى المستخدمات من خلفه، ألقى نظرة عليها من فوق كتفه قائلًا بجفاف :
-ماذا هناك ؟!
-الدكتورة غادة جاءت و تطلب رؤيتك يا سيدي. قالت بأن بينكما موعد !
يقوم "هاشم" من مكانه قبل أن تتم الأخيرة جملتها، يسألها بصوت أجش و هو يحاوط "سيرين" بذراعيه :
-أين هيا الآن ؟
-لقد أجلستها بقاعة الإستقبال !
يتجه "هاشم" إلى هناك مباشرةً ...
كان البيت ساكن كعادته مؤخرًا، فلم يراه أحد و هو يلج إلى المضافة الصغيرة حيث تجلس "غادة" بإنتظاره.. وجدها بالفعل، فإتجه نحوها فورًا
ما إن رأته هي حتى قامت واقفة و هي تقول بلهجة متحفظة :
-سيد هاشم.. صباح الخير !
إكتفت بهذا و لم تمد له يدها للمصافحة حتى
لكنه تجاوز التحيات و قال بإقتضاب حاد و هو يقف مقابلها تفصل بينهما مسافة قدم واحدة :
-أعتقد بأنه لا داع للمقدمات دكتورة خاصةً و أن جلستنا هذه تأخرت لإسبوعًا كاملًا.. أما كنت تريدين إبلاغي بسر عن صديقتك المقربة ؟ بالمناسبة أين هي الآن ؟ ألا تعرفين مكانها أم أنك تأوي ريّان فقط بينما تخبئينها بمكانٍ يصعب الوصول إليه !
غادة بدهشة لا تخلو من التوتر :
-هل كنت تعرف بأن ريّان عندي طوال هذا الوقت ؟ كنت تعرف و آ ..
-تركته ! .. قاطعها "هاشم" بصلابة شديدة، و تابع بخشونة مخيفة :
-أجل كنت أعرف. و تركته لسببٍ واحد فقط.. ريثما أجد تلك الخائنة. إن هي إلا مسألة وقت و أكتشف طريقها. عندها سآتي بهما معًا إلى هنا. سأضعهما أسفل قدميّ و سوف يتمنيان الموت أمام العذاب الذي سأصبه عليهما صبًا !
أجفلت "غادة" بإرتباك قائلة :
-سيد هاشم. رجاءًا إسمعني.. أنت لا تفهم كل الحقيقة. فرح لم تـ آ ..
أنت تقرأ
كيف أقول لا!
Romanceلم يتبقّى سوى أيامٍ على ليلة زفافها، كابوس عاشت به منذ نعومة أظافرها، متاهة بلا نهاية خالت بأنها ستظل حبيستها للأبد، لكن.. لا شيء يدوم للأبد و جاء اليوم الذي صرعت فيه هذا الكابوس، و كسرت قيودها و غادرت المتاهة، لم يكن هذا بلا ثمن بالطبع فقد كابدت أب...