هدوء

3.2K 137 0
                                    


إنها لمعجزة... وصولها إلى البيت سالمة

فإمتلأ عيناها بالدموع، و عدم إستقرارها، و التيه الذي إستبد بها منذ خروجها مطرودة من مكان عملها... كل هذه أشياء كانت من شأنها إجتذاب مصائب الطريق لها في كل خطوة تخطوها ..

إلا إنها وصلت.. نعم، ها هي تمشي تحت ظل الشجرة الضخمة القائمة أسفل منزلها، تمشي منكسة الرأس، منكسرة الخاطر، بخطوات بطيئة متجهة نحو البوابة الكبيرة

لم تكاد تمد ساقها للأمام حتى تعبرها، لتسمع صوته.. الذي بات مميزًا منذ اللحظة الأولى لسماعها له ...

-أهلًا بعودتك يا إبنة الخال !

تسمَّرت "فرح" مكانها في هذه اللحظة، إستغرقها الأمر لحظات حتى تمكنت من تمالك أعصابها، ثم تأهبت و هي تستدير نحو مصدر الصوت ببطء ...

رأته !

مرةً أخرى، يتكئ إلى سيارته الفارهة مرتديًا تلك العوينات الشمسية الداكنة ..

و كالعادة متأنق، بقميص رمادي ضيّق، تعلوه سترة كحلية، و سروال من قماش الكتَّان المزدوج أسود اللون، و حذاء لامع مصنوع من الجلد الإيطالي

لحظة.. أهي تتفرسه ؟؟؟؟؟

ما الذي تفعله بحق الله ؟ أين ذهب عقلها ؟ أم أنه تلف أخيرًا بعد كل ما صار لها ؟!!!

إزدادت صدمتها المبطنة من نفسها حين شاهدت زاوية فمه ترتفع بإبتسامة خبيثة و هو يقول :

-أقدر هدوئك هذا. و لا أتذمر من وقوفك هكذا تقيسيني طولًا و عرضًا بنظراتك.. فأنا يا عزيزتي أدرك تمامًا تأثيري على النساء. و خاصة اليافعات أمثالك !

و كأنها كانت بحاجة لتلقي القليل من غطرسته التي إختبرتها مرة واحدة، لتنقلب صدمتها غضبًا عارمًا و هي تهتف من بين أسنانها :

-أنت مجددًا أيها الحقير. ألم تكفيك إهاناتي لك بالمرة السابقة فجئت لتنال المزيد ؟ لا بأس إذن. يسرّني أن أمنحك ما تريد !

للغرابة بدا "هاشم" شديد البرود رغم كلماتها الجارحة، بل و قال بإبتسامة صغيرة مداعبة و هو ينتصب ماشيًا ناحيتها بخطواته الرشيقة :

-أتعلمين ! لا يمكنني أن أغضب منك أبدًا يا فرح. ليس لأنك إبنة خالي فحسب. بل لأنني أب. و لديّ إبنة هي كل ما أملك و أحب. في الحقيقة أنت تذكريني بها كثيرًا. الجاذب بيننا لم يتجلى عبثًا !

طالعته "فرح" من أعلى لأسفل قائلة بإزدراء :

-عددتني إبنة خالك و إبنتك في آن ؟ هل أنت مجنون ؟ أم ما زلت تآمل في حكم الوصايا عليّ. يؤسفني أن أخبرك بأنني جاوزت السن القانوني و لم أعد قاصر بعد الآن. مما يعني أن وجودك هنا غير مرحب به و أنني لو طلبت لك الشرطة في هذه اللحظة و قدمت فيك بلاغ إزعاج أو ربما.. تحـــرش. ربما عندها يتشوّه إسم عائلتك الكبير.. ما رأيك ؟

كيف أقول لا!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن