خناجر

3K 142 0
                                    


وقفت "غادة" خلف "فرح" تعقد لها خصيلات شعرها في تسريحة جديدة مهذبة تليق بموعد العشاء العائلي الليلة

كانت تتطلع حولها بين الفينة و الأخرى مرددة بإنبهار :

-فرح ! إنك حقًا ثرية يا فتاة.. لم أكن أتخيل أن والدك قد ترك لك كل هذا !!

أجابتها "فرح" هازئة و هي تعيد تمرير فرشاة طلاء الشفاة الـ"فوشيا" فوق شفاهها من جديد :

-لا أملك سوى نقطة ببحر هذا الثراء يا صديقتي العزيزة. نصيب أبي فقط و لعله أقل من نصيبه أيضًا. إذ لا أظن هؤلاء الحقيرون سذج لدرجة إعطائي الكثير من كنوزهم العظيمة. كانوا ليفعلوا بالماضي حين كنت طفلة يتيمة أقتات فضلات الطعام أنا و أمي

و تآوهت "فرح" فجأة حين شدت "غادة" خصلة من شعرها عمدًا و هي تغمغم بغيظ :

-هلا كففت عن نعوتك المجحفة هذه بحق عائلتك ؟ يا عزيزتي ما فات قد مات. أنت الآن صرت واحدة منهم و عليك أن تحترميهم

تركت "فرح" ما بيدها و إستدارت بحدة لتواجه صديقتها ...

-كم مرة عليّ أن أقولها لك ؟! .. تساءلت "فرح" عابسة بشدة

-أنا أبدًا لن أكون واحدة من تلك العائلة. ما يربطني بهم هو اللقب في شهادة ميلادي فقط. و ما أن آخذ ميراثي و أرتب أموري كلها سأرحل من هنا و أطوي هذه الصفحة من حياتي للأبد

غادة بإستنكار : ألم تنسي شيئًا عندما قررت كل هذا ؟ ماذا عن زوجك يا حلوة ؟ كيف لك أن تخططي هكذا دون التفكير به ؟ أنت لست حرة فرح و هو أصلًا لن يتركك و أنت تعرفين

فرح بغلظة : و أنت تريدينني أن أبقى معه و أن أسمح له بإتخاذي زوجة فعلًا لكي يفضحني و يمعن فيَّ إذلالًا و إهانة ؟!!!

زفرت "غادة" بقوة مغمضة عينيها، ثم تطلعت إليها ثانيةً و قالت بهدوء متكلف :

-يا عزيزتي هذا لن يحدث. لن أسمح لأحد أن يفعل بك هذا صدقيني

فرح منفعلة : و أنَّى لك كل هذه الثقة غادة ؟ هل تضمنين لي أنه لن يقترب مني ؟ إما يأتي يوم و يفعل رجل مثل هاشم البارودي لا يقبل غير الخضوع له و الخضوع الكامل إذا كنت تفهمين ما أعني !

أومأت "غادة" قائلة بلطف :

-أنا أفهمك جيدًا يا فرح. و لكن هذا شيء يسير ثقي بي فقط. لن أكف عنك إلا عندما تسمحين لي بأخذك إلى الطبيبة. يراودني شعور بأن مخاوفك كلها ما هي إلا محض أوهام. لذلك سيكون من قمة الغباء أن تضيعي من يدك فرصة مثل تلك. أتمنى لو تستمعي إليّ و لو لمرة واحدة !

أمسكت "فرح" العصبية بداخلها قدر المستطاع و هي تنصت إلى كلام "غادة" بصبر نافذ.. إلا أنها لم تجد بُدًا من تكرار نفس الحديث مجددًا لكن بصرامة أشد الآن :

-غادة.. لآخر مرة أقولها لك. مهما حدث. أنا لن أذهب إلى الطبيبة. و لن أسمح لهاشم البارودي بالإقتراب مني. أعرف أنه رجل قوي و بإمكانه أن يكون عديم الرحمة أحيانًا.. لكنه لن يمسسني. رغم كل هذا. أبدًا حتى لو أضطررت للهرب منه. ما أن أخرج من هذا المنزل حتى أكون بأمان و هو لن يستطع معي شيئًا

كيف أقول لا!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن