أنهت "غادة" حديثها القصير مع الطبيب المشرف على القسم الذي تعمل به بتلك المشفى الحكومي العام، ودعته مبتسمة.. ثم إستدارت عائدة إلى غرفة مكتبها بسرعةأقفلت الباب ورائها و إتجهت نحو "فرح" الجالسة في الركن القصي هناك شاردة الذهن على الأخير، شدت "غادة" كرسي و جلست بدورها قريبة منها هي تلكزها في كتفها مغمغمة :
-ها قد عدت إليك يا قدري.. و الآن أخبريني بالضبط ماذا حدث ؟!!!
أفاقت "فرح" من شرودها متطلعة إليها مبهورة الأنفاس ...
-أنا نفسي لا أعلم ما الذي دهاني غادة !! .. قالتها "فرح'' و هي لا تزال تحت وقع الصدمة
الصدمة من نفسها ...
إزداد فضول "غادة" و هي تحثها قائلة بنفاذ صبر :
-هل سنجلس هنا و نحل الألغاز ؟ لقد تركت عملي لدقائق معدودات و عليّ أن أعود مسرعة. تكلمي يا فرح أين أخذك هاشم البارودي ؟ ما الذي حدث بينكما ؟؟!!
إبتعلت "فرح" ريقها بصعوبة و صمتت لبعض الوقت تجمع الكلمات على لسانها، ثم قالت بلهجة غير واثقة :
-لقد جاء إليّ اليوم.. بعد أن خابرتك في الصباح و قلت لك أن السيدة تيسير طردتني من العمل. عدت أدراجي إلى المنزل.. فوجدته ينتظرني أسفل البناية !
حثتها "غادة" على الإستمرار :
-و بعد.. ما الذي صار ؟ هل قال لك شيئًا ؟!
دارت حدقتاها قبل أن تستقر عليها مجددًا، و قالت بتردد :
-في البداية تشاجرت معه و رميته بالسباب.. ثم. ثم ...
-ثم ماذا ؟؟!!! .. صاحت "غادة" بضيق شديد
-هذا ليس إسلوبًا جيدًا للحوار يا فرح. تكلمي مثل الناس و إحكي لي كل شيء !
كزت "فرح" على أسنانها و هي تومئ لها مغمضة العينين، ثم فتحت عيناها فجأة و هي تقول بآلية مندفعة :
-سيمر غدًا ليأخذني إلى قصر "البارودي" لأستلم ميراثي و أقيم هناك و معي أمي. و سيعلن عن زواجنا أمام العائلة !!
فغرت "غادة" فاها في هذه اللحظة، و قالت بذهول :
-ميراث ! زواج ؟؟؟ هل تزوجتي به فرح ؟؟!!!!
فرح بإسراع : لا ليس بعد !
غادة بإستنكار : ليس بعد ؟؟؟ أفهم من هذا أنك أعطيته موافقتك ؟!!!
عصرت "فرح" عيناها و هي تطلق نهدة مطولة و قالت هامسة :
-لم يسمح لي بالإعتراض. حاولت أن أقاومه. لكن هذه المرة كانت مختلفة.. عندما ألتقيته للمرة الأولى و عرفت من هو. تحفزت مشاعري العدائية نحوه تلقائيًا. إنما اليوم.. فضلًا عن مشاعر اليأس و الحزن التي غمرتني. وجدت نفسي مجرّدة من دفاعاتي أمامه. كلما حاولت أن أتسلح بالقوة و الشجاعة كنت أفشل.. حتى إنتهى بي المطاف عاجزة عن قول كلمة "لا".. إذ كيف أقول لا ؟ بعد أن حاصرني من كل إتجاه. لقد قالها صريحة. قال أنه لن ينفك عني أبدًا و لن يتركني !
أنت تقرأ
كيف أقول لا!
Romanceلم يتبقّى سوى أيامٍ على ليلة زفافها، كابوس عاشت به منذ نعومة أظافرها، متاهة بلا نهاية خالت بأنها ستظل حبيستها للأبد، لكن.. لا شيء يدوم للأبد و جاء اليوم الذي صرعت فيه هذا الكابوس، و كسرت قيودها و غادرت المتاهة، لم يكن هذا بلا ثمن بالطبع فقد كابدت أب...