ما برحت الصغيرة تبكي بين يدي جدتها الحانقتين كوجهها العابس بشدة، كانت تنهرها لفظيًا بين الفينة و الأخرى أثناء إنشغالها بهندمة الفستان الذي أوصت عليه مخصوصًا لأجلها.. حتى تلبسه إياها الليلة، بزفاف أبيها الأسطوري.. بالواقع هي قد أوصت على إثنين آخرين لها و لإبنتها الشابة.. بنفس اللون... و بقصات مختلفة !!!-اللعنة على هذا. قلت لك كفي عن البكاء أضجرتني ! .. قالتها "آسيا" بما يشبه الصراخ
ليزداد بكاء الصغيرة حرارةً و تنهمر دموعها الساخنة أكثر مغرقة وجهها الجميل.. و لحسن حظها تقتحم "چشم".. جدتها الثانية، الغرفة فجأة و تلج بإطلالتها البراقة الرصينة، حيث كانت ترتدي فستانًا يليق بسنها جمع بين اللونين الأزرق و البيچ مع تسريحة شعر مرفوعة أبرزت نضج ملامحها و جمالها الموروث ...
-بحق الله ماذا تفعلين بالفتاة آسيا ؟!! .. صاحت "چشم" بجزع و هي تهرع نحو الصغيرة مسرعة
-هل جننت ؟؟؟
و إنتزعتها من يد "آسيا" و فورًا أخذت تهدئها و تمسح لها دموعها و تؤرجحها بلطف بين ذراعيها، بينما تصيح الأخيرة بعصبية :
-لا يحق لك إقتحام غرفتي و أخذ حفيدتي مني بالقوة هكذا يا چشم. تلك الصغيرة حفيدتي و لن أسمح لأيّ أحد مهما كان أن يضع يد أخرى بشؤونها. لقد ماتت أمها لكنني ما زلت هنا و أنا فقط من سأحل مكان إبنتي و ليست تلك الفتاة يتيمة أخي خطتك أنت و إبنك لن تفلح ما دمت حية و أتنفس أتسمعين !!!
رمقتها "چشم" بذهول و قالت :
-أيّ هراء الذي تتفوهين به ؟ ماذا دهاك يا آسيا ؟ لمَ كل هذه الثورة ماذا فعلت و معي هاشم لك ؟!!
آسيا بإحتدام منفعل :
-أيتها الطيبة.. كان المفترض أن تحل چمان محل عروس إبنك الليلة. تلك كانت مشيئتنا أنا و أنت منذ توفت چنى.. قلنا مستحيل أن تربي حفيدتنا إمرآة أخرى فإذا بك تحنثي بكلمتك و تباركين زواج هاشم من تلك الملعونة !!!
قذفتها "چشم" بتكشيرة غاضبة، لكنها لم تستطع إلا التخفيف من حدة الوضع بقولها :
-آسيا.. يا أختي.. جميعنا نعرف أن هذه كانت وصية أبي. هو أراد ذلك لا حيلة لنا. الوصية واجب تنفيذها
تنفعل "آسيا" أكثر :
-واجب تنفيذها على حساب إبنتي و سعادتها ؟ ألا تعرفين أنها مغرمة بإبنك حتى قبل أن يتزوج من أختها ؟ ثم أننا لطالما نبذنا أسرة أخي و ما كنا لنفكر بهم لولا تلك الوصية الخرقاء. كيف تتخذين الآن صف المرآة الحقيرة التي تلاعبت بأخانا و تقبلين إبنتها زوجة لإبنك ؟!!
عبست "چشم" و هي تقول بجدية :
-و هل لكل هذا أهمية ؟ أريد أن يكون إبني سعيدًا.. و فرح هي الفتاة التي يريدها
أنت تقرأ
كيف أقول لا!
Romanceلم يتبقّى سوى أيامٍ على ليلة زفافها، كابوس عاشت به منذ نعومة أظافرها، متاهة بلا نهاية خالت بأنها ستظل حبيستها للأبد، لكن.. لا شيء يدوم للأبد و جاء اليوم الذي صرعت فيه هذا الكابوس، و كسرت قيودها و غادرت المتاهة، لم يكن هذا بلا ثمن بالطبع فقد كابدت أب...