الجزء الرابع

520 15 0
                                    

بدأت ملاذ تتمشى في الحديقة وتستذكر ذكرياتها الأليمة وكيف وصل بها الحال إلى هنا ، من ابنة ملك إلى جارية !
تملكها الحزن الشديد والغضب وبدأت عيناها تفيض وحاولت أن تتحكم بنفسها فهي كما رباها والدها قوية جدا لاتقوى على الانكسار ، مرت من عند ساحه بسيطة اعتقدت أنها مخصصه للعروض العسكرية في المناسبات التي تقام أمام الحاكم ،لم تعلم انها ايضا ساحة يتدرب بها الحاكم بنفسه في أوقات فراغه ، تذكرت قول والدها لها : ( حطمي كل ما تراه عيناك أن غضبتي ولكن إياك أن تضعفي ، القوة والضعف بالقلب فمن زار الضعف قلبه يوما ما لن ينجو ابدا )

لم ترى عيناها احد من حولها من شدة الغضب ، فبدأت تنتقي من الأسلحة واحدا تتدرب به .
بدأت تهاجم بكل ما اوتيت من قوة وكأنها تتمرد على قدرها تضرب بعنف حتى تكسر الرمح بيدها ثم ذهبت تجري وتأخذ سيفًا تستكمل به ولسان حالها يقول ليس بعد لم أخرج كل مافي قلبي .
في هذا الوقت كان الحاكم متوجه للساحه هو وحارسه الشخصي الذي كان بمثابة الصديق له لكي يتمرنا
وصل الحاكم للساحه وأخذ يراقب ملاذ بصمت ظنًا منه أنها خادم فقد رأها منذ دخولها ساحة التدريب وكان مندهش من قوة الخادم على ضعف جسده ، فطنة الحاكم أخبرته بأن هذا ليس تدريب بل مأساة حلت به وقدر غليظ لا يقوى على تحمله جعلته هكذا ، ولهذا السبب صبر عليها حتى خرت قواها وسقطت على الأرض لم تستسلم بل أقدامها من استسلمت !

غضب الحارس مقداد منها لانها اعتدت على مكان مخصص للحاكم
- اعتذر ايها الحاكم سأذهب له واعاقبه
لم يكن الحاكم مهتم بذلك لقد كان مندهش من الخادم وما يكابده من عناء ، لأول مره يشفق فيها على انسان .
اقترب مقداد منها ، رأت ملاذ ظل شخص من خلفها لقد خافت أن يمسك بها أحد ويكتشف أمرها لذلك بادرت بالهجوم
اخذت تضرب بالسيف بمهارة و أسقطته أرضا
كان مقداد من أقوى الحراس لذلك عين على حماية الحاكم واستطاعت ملاذ أن تهزمه ! هذا ما كان يدور في عقل الحاكم
- ياخادم اتركه
- ليس من شأنك ..لم تكن تعلم بأنه الحاكم فقد كان يرتدي ثياب التدريب
- كيف تقول ذلك بحضرت...
- والله لو كان الحاكم بنفسه لن يخلصك احد من يدي
- ياغبي ! أنه....
علم الحاكم بجهلها من يكون فقاطع مقداد حتى لا تنكشف هويته قائلًا : نحن حراس القصر أردنا أن نتدرب هنا ، اعذرنا لم نريد اخافتك بهذا الشكل
ابتسمت قليلا ، ثم قالت ورأسها مرفوع وهي تنظر بعين الحاكم :
- لا اخاف الا من الله العزيز القدير ،الذي خلقني وأحدثني من العدم
رفعت السيف من عنق مقداد وقالت : قم فأنت من الأفضل لك أن تتدرب أكثر
تعجب الحاكم من ثقتها بنفسها و فصاحتها لقد كانت شجاعة جدا وقوية ، لم تكن كباقي الخدم
اخذ مقداد ينفض ثيابه من غبار المعركة التي حدثت للتو وعيناه يتطاير منها شرار الحقد لهذا الخادم الذي اهانه ولكنه صمت من أجل الحاكم .
حاول الحاكم التحدث معها
- لم نراك من قبل هل انت جديد هنا
- نعم للأسف
رد مقداد : انت معتوه ! هل هنالك من ينعم بالخدمة في قصر الحاكم ويشعر بالحزن
نظرت باحتقار له وكأنها تريد ان تقول شيئا لكنها ترغم نفسها على الصمت
- حسنا استمتع بخدمة الحاكم ذالك الشيخ المسن ودعني وشأني
نظر مقداد للحاكم وكأنه يستأذنه لقتل الخادم الوضيع الذي تجرأ على إهانة الحاكم لكن محاولته بأت بالفشل
كان الحاكم يتأمل ملامحها الجميلة ويفكر بتصرفاتها الجريئة ، يلقب الحاكم بالسفاح مما جعل الجميع يهابه ويخافون منه لكنها بالرغم من ذلك وصفته بصفة غير لائقه داخل قصره دون أن يرف لها جفن، لابد أنها شجاعة جدًا !
قال مقداد للحاكم هاهي نعيمه قد أتت سأناديها
- ماذا نعيمه ؟!!!
استغرب الحاكم من توترها وقال
- ماذا بك ؟!
نظرت له كالطفل البريء وتحولت ملامحها الحادة وهي تجادلهم قبل قليل أصبح وجهها احمر والعرق يتساقط من جبينها كالؤلؤ اختبأت خلفه و قالت وهي تمسك ذراعه بقوة
- ارجوك أخرجني من هنا دون أن تراني جحيمه اقصد نعيمه ..
تفاجأ الحاكم من تصرفها لكنه لم يستطع أن يرد طلبها
- حسنا تعال معي هناك طريق مختصر يؤدي إلى القصر
وانت يا مقداد اذهب للقصر وافتح لنا النفق سننتظرك هناك
أخذوا يجرون بكل قوتهم إلى أن وصلوا للنفق
- آه وصلنا اخيرا !
- أخبرني ما أمرك يافتى ؟ و لماذا تهرب من نعيمه ؟
-شكرا لك لمساعدتك ولكن لا استطيع اخبارك وإلا حاكمك المجنون سيضرب عنقي
رد عليها
- بل سيضرب عنقي إن علم أني أدخلت شخص للقصر وانا لا اعلم هل هو فعلا خادم أم لا
فكرت قليلا ثم قالت : لست خادم ،ثم أزاحت العمامة من رأسها فإذا بشعرها يصل إلى خصرها
اخذت ترفع خصلات شعرها المتساقطة على وجهها ، فتن الحاكم من جمالها الباهر ! شعرها كالليل من شدة سواده و وجهها البدر وسطه
- سبحان الله !
رأت ملاذ نظرات اعجاب الحاكم بها ابتسمت بحياء لكن سرعان ما انتبهت لنفسها وأرتدت العمامة مرة أخرى ، فهم الحاكم وأدار وجهه حتى تاخذ راحتها
- أخبريني حين تنتهين
- حسنا انتهيت .
- من أنتِ ؟ وكيف خرجتي للحديقة؟
- أنا من جوار...جواري الحاكم ‹ قالتها بصعوبة
لم تعتاد ابدا على مسمى جارية ومازالت تألمها هذه الكلمه لكنها تجرعت الذل واكملت : أتيت للقصر منذ فترة بسيطة
- كيف خرجتي كنت أظن أن خروجكم ممنوع !؟
- نعم ممنوع، لكني هددت احد الحراس ليسمح لي بالخروج
- هههههههه لا اصدق جار....اقصد فتاة مثلك استطاعت مجابهة حراس القصر ونعيمه !
- لو رأتني جحيمة ستقتلني بالتأكيد ، حتى الشيطان لا يقوى على مجابهتها ..
- تقصدين نعيمه ؟ ..لماذا تسمينها جحيمه كنت اعتقد انها لطيفة
- نعم هي لطيفه لمن لهم سلطة وأعلى منها ..
- أخبريني باسمك
- لا أثق بك بعد
- إذن من اين انتي ؟

لم تستطع أن تجيبه لذلك تهربت من سؤاله : اين صديقك ؟ لماذا لم يأتي بعد هل انت واثق أنه يعرف الطريق
فإذا بالباب يفتح
- لقد وصلت ، اعتذر عن التأخير
- لابأس ، هل تعرفين الطريق ؟
- تعرفين ؟؟! أنتِ بنت
- سأجد طريقي لاتقلق
اخذ ينظر لها بصمت وهي ترحل، لايعلم بأنه ومن دون قصد أودع قلبه عندها
بأمل أن يلتم شمله بقلبه بعد حين .



ملاذي 🤍..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن