الفصل الرابع عشر [مهمة الإنقاذ] (2)

127 4 261
                                    


نظر يوكي في عينيه وسأله بإلحاح:
_لماذا؟!
فأزاغ هوتارو بصره عنه وقد بدا شارد الذّهن، فإزداد يوكي عنادا وهزّه من كتفه مرددا:
_هوتارو هيا أرجوك! سأتساهل معك أعدك!

لكنّ الآخر لم يلتفت إليه ولم يبد أي رد فعل ليمسكه يوكي من وجهه ويدير رأسه إليه بالقوّة قائلا:
_هوتارو إسمعني! إلعب معي أرجوك!

فتطاير الغضب من عيني هوتارو وصفع يده مزيحا إياها عن ذقنه صارخا بسخط:
_قلت لا! لا أريد اللعب ألا تفهم؟! إلعب وحدك!

قال هوتارو ذلك بعدائيّة شديدة ونظر إلى وجه صديقه المرتعب فهدأ غضبه وأشفق عليه وندم على العنف الّذي أبداه، وسرعان ما غضب يوكي هو الآخر ونهض من أمامه ليبتعد عنه قائلا بغيظ:
_تبا لك!

وقال هوتارو بصوت عال مدافعا عن نفسه:
_أخبرتك مرارا أنّي لن ألعب ! فلما تلحّ ؟!

وعلى عكس ماتوقّع لم يتلقّ منه ردا فتعلّقت عيناه المتأسفتان بظهره، ثم حوّل بصره إلى مائدة الطعام أمامه وقد أُكل كلّ ما فيها بإستثتاء بعض الغلال الموضوعة بصحن أبيض وقارورة عصير فراولة زجاجيّة تبقّى نصفها. نظر إليها هوتارو فإزداد حنقا، ثم قال في نفسه '' لقد آواني وأطعمني ثم أصرخ في وجهه هكذا؟! بئس الصديق أنا! ''

ثمّ ألقى نظرة سريعة متأسفة على الغرفة بقلب تتضارب مشاعره بين الحزن والخوف، كم يحبّ هذه العليّة الصّغيرة ذات السّقف الهرميّ، فها هو مصباحها البسيط يتدلّى من أعلى نقطة فيها ويشعّ بضوء أصفر خافت يبثّ الدّفئ في القلب. والألعاب القديمة هي هي منثورة في كلّ أرجائها يرى فيها ذكرياته السّعيدة، في هذه الغرفة لا يوجد سرير ينامان عليه، بل بساط ناعم فُرِش على كامل الأرضيّة الخشبيّة ليتيح الجلوس والإستلقاء بإرتياح سواء في الصّيف أو في الشّتاء، إضافة إلى طبقة أخرى من البساط يفرشانها متى أرادا للنوم، كم أحبّ هذا المكان وكم يحضى فيه بالإهتمام من جميع أفراد العائلة، الأم والأخت وصديقه يوكي، أما الأب فهو في سفر دائم للعمل وقليلا ما يأتي. صعدت لهما السّيدة بصينيّة من الفواكه قبل حوالي نصف ساعة وتذمّرت من كلّ هذه الألعاب الملقيّة في الأرجاء بعد أن كادت تتعثّر بإحداها، ثمّ طلبت منهما أن ينزلا بعد قليل ليتناولوا العشاء جميعا.

طأطأ هوتارو رأسه حانقا ضيّق الصّدر، باتت ساعاته هنا معدودة، لقد غربت الشّمس وإقترب موعد اللقاء ولو لم يغب عن باله طوال اليومين الّذين أمضاهما هنا. إلا أنّ إقترابه الحتميّ البطيئ يحرق أعصابه ويرهق قلبه، ضرب الأرض ضربة ضعيفة رغم شدّة تأفّفه كي لايزعج من بالأسفل، ليته لايذهب! صرخ في نفسه مؤيّدا تلك الفكرة '' لن أذهب أيها الأوغاد! '' لكنّه يعلم أن لاحيلة له بعد أن أخبر كازو بالأمر، كم كره ذلك الرّجل! إنّه بمثابة سلسلة غليظة تقيّده وتعصر قلبه، فلولاه أنّه يخشاه ويخشى غضبه لإمتنع عن الذّهاب، وفكّر في نفسه '' أصلا مالّذي سيفيده ذهابي؟ لما لا يتركني ويذهب وحده؟! سحقا له!
هاتفي في المنزل الآخر لذا لن يتمكّن من الإتصال بي.. لن أذهب هناك مهما حصل! ''

المختارونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن