D•3

92 16 5
                                    

"انا لست سعيدة ، ولست حزينة ايضا انا في المرحلة الأصعب ،انا لاأشعر بشيء ابدا "
ما الجيد في كون الإنسان قادرا على الإحساس والشعور ؟ لاشيء كل تلك المشاعر والاحاسيس المتراكمة في ركن من داخله ستظل محبوسة هناك للأبد الى ان تجلب نهايته؛ الشعور بالسعادة ،الحزن،الغضب ،الخذلان،الحب ،الإنكسار، التعاطف،وغيرها هناك الكثير كلها مشاعر لاأملكها ولاأدرك معناها ، هكذا اعتاد ابي مواساتي بقول انني محظوظة لانني ولدت متحرّرة عن قيود المشاعر وبأن  حياتي ستكون أسهل بكثير ان كنت خالية من الأحاسيس ولن اتألم بشأن الحب والصداقة والعائلة. في النهاية ستظل مجرد مواساة لانه لم يعلم ان فكرة انني لا استطيع ان احب وحدها تألم اكثر .
ادعى ديما لايناديني احد بإسمي ، انا وحيدة لدرجة أنني اخاف ان انسى اسمي احيانا .لاأعلم إن اختاره ابي او امي لكنه يعجبني لطالما رغبت في ان اسمع اسمي بصوت اخر ومن شخص اخر كتلك الفتاة فهناك دائما من يناديها و ينتظرها اظن انها في قمة السعادة لتكوينها كل تلك الصداقات انها حقا تملك العديد والعديد من الاشخاص الذين يزورونها كل يوم كيف تستطيع التفريق بينهم حتى اتعلم اسماءهم جميعا؟ انهم كثيرون لدرجة انني لو كنت مكانها لما استطيع حفظ وجوههم ناهيك عن أسمائهم.
اصبحت امضي وقتا اكثر امام النافذة اشاهدها اصبحت اعلم عن حياتها مالاتعلمه هي تصل صباحا على الساعة السادسة لكنها لاتفتح المتجر حينها تظل قليلا كي تتناول فطور الصباح تنظم المتجر ثم تفتحه على الساعة الثامنة. تبقى مشغولة بالإعتناء بالأزهار وبالزبائن تقريبا للمساء ثم تجلس امام المتجر تتأمل النجوم ساعة او ساعتين حتى احيانا كانت تجهش بالبكاء كانت جلستها تلك تدل على انهيارها وتعبها كانت تطلب من خلال جلوسها المساعدة "انني منهكة توقفوا عن المجيء لااريد رؤيتكم لقد سئمت منكم " اظن انها كانت تود ان تقول شيئا كهذا لهم لكنها لاتجد من يسمعها فتقف بصعوبة تجمع الزهور وتنظف المكان تغلق المتجر وتعود تمشي بين منعرجات الطريق تشق الظلام تكاد تسقط لكنها دائما ما تتصنع القوة لااعلم كيف تصل للمنزل في كل مرة لكنني اعلم ان حياتها لم تكن مثل مايراها الجميع احسست اننا نتشابه في اشياء عديدة الاثنان نعيش حياة لانريدها.
صباح اليوم قررت ان اجمع شجاعتي وانزل للمتجر اردت ان اجرب مرة على الاقل تكوين صداقة معها.
نزلت الدرج فتحت الباب وضعت قدمايا على الارض كان الخروج اسهل مما توقعت لكن الأصعب كان عبور الشارع تسارعت دقات قلبي اكاد لااستطيع التنفس بقيت عالقة في الوسط بين المضي والرجوع لم استطع تحريك اصبع حتى ،
لكن السيارات ملأت الطريق وتعالى الضجيج والصراخ لكنني لم افهم شيئا الى ان ادرت بنظري لألمح شاحنة قادمة في اتجاهي في الحقيقة ليس الأمر انني لم استطع التحرك فقط لقد مثلت ذلك حينها رغبتي في الموت جعلتني اقف هناك. لكن على الارجح مقدر لي ان اعيش حياة طويلة ظهر شخص من العدم خلفي وجذبني نحوه لااستطيع ان اصف حالتي حينها فقد كانت اول مرة يلمسني فيها شخص دخلت في حالة من الغضب فجاة ؛ اتكلم كلاما غير مفهوم حتى انني لم اتوقف عن الحركة والدوران لكنها كانت السبب في هدوئي لقد ربتت على كتفي وابتسمت ،لم تكن تلك الإبتسامة المزيفة التي اعتدت تمثيلها كانت ابتسامتها حقيقية جدا كانت اشد جمالا عن قرب ،افهم لما الجميع يحاول التقرب منها اخذت بيدي وأجلستني امام المتجر وكانت تكلمني لكنني لم اكن منتبهة بل أخذت أدقق في تفاصيلها اتساءل هل هذه حقيقية حتى؟ كانت تبدو منحوتة بشكل يجعلها تبدو كدمية تقف امامك .
وهكذا حتى وقف امامي شاب طويل ضخم البنية يسأل عن حالتي ويعتذر عن تصرفه لم اميزه اولا لكنني ادركت انه ذلك الشخص الذي جذبني ،ابتمست وقبلت اعتذاره وواصلت اخباره بانه لم يكن امرا كبيرا بما انه حاول انقاذي .
كانت تلك المرة الاولى التي اجري فيها حوارا مع شخص ما لن استطيع ان اصف توتري حينها لكن على الأقل استطعت التقرب من كلارا قليلا فقد أصبحت أذهب للجلوس معها كل مساءا لم استطع التكلم فقط كنت أذهب لأنصت لها كانت دائما ماتحادثني عن الزهور وعن حبها لهم وكيف ان الزهور انتشلتها من ماض مؤلم عاشته ،كانت تلك الفتاة تعاني حقا،كانت تحدثني عن عائلتها وكيف انتهى بها المطاف من دون عائلة جراء حادث سلب منها والديها واخوتها ورماها في دار للأيتام مع اناس لاتعلم عنهم شيئا وكيف أنها كانت مضطرة على التأقلم معهم لذلك كانت فصيحة اللسان وجيّدة مع الجميع. لم أقوى على فعل شيء وان بدأت بالبكاء لم استطع مواساتها قليلا لم استطع فعل شيء سوى الإنصات .
لكنني بدأت بالكلام شيئا فشيئا فلم يعد الوضع غريبا بعد ان اخبرتها بحالتي كانت تلك الفتاة أول من يعلم بشأن مرضي لذا لم تعد تستغرب بشان تصرفاتي الغريبة وحديثي غير المفهوم بل كانت تساندني دوما.

| when the camellia blooms |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن