جزء 8

642 51 0
                                    

فأجابت نرجس : قوله عليه السلام ( كم من نظرة جلبت حسرة وكم من شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا )
وهنا أطرقت رؤى حسرة طويلة وكأنها تريد بها تأكيد صحة هذه المقولة ثم قالت :
- ما أبلغك يا أمير المؤمنين . وكأنك تنظر إلى حالتي يا مولاي . . !
قامت نرجس من مكانها وهي تمسك يد صديقتها لتعلن عن تأخر الوقت ... وأنتهيت تلك الجلسة بأن تحاضنتا وعاهدت الواحدة الأخرى بأن تستمر هذه الصداقة وهذه الأخوة وهذا الحب في الله .وما كان من رؤى إلا أن وعدت نرجس بأن تعمل بكل كلمة قالتها لها وتطبقها حرفا حرفا بعدما شعرت به من راحة تامة ولما زرعته نرجس في قلبها من التفاؤل والإيمان بأن ( من كان مع الله ... كان الله معه )

قضيت الفتيات عطلة الفصل الأول في ديارهن قرب الأهل والأقارب وهاهن اليوم يجتمعن من جديد لإكمال ما تبقى من المرحلة الأولى تغمرهن فرحة اللقاء وإجتماع الشمل مرة أخرى
وبدأت كل واحدة تتحدث عن الكيفية التي قضت بها العطلة والتي أستمرت أسبوعين تقريبا بعدها تحدثت نرجس وهي توجه أنظارها نحو رؤى :
- يحب علينا أيتها الفتيات أن نشد عزمنا الفصل فهو الفرصة المتبقية لنا في هذه السنة فإما النجاح وإما الرسوب لا سمح الله
فمن الآن تستطيع إحدانا أن تقرر مصيرها وأتمنى أن ننجح جميعنا هذه السنه وننتقل إلى المرحلة الثانية أن شاء الله  
أحست رؤى بأن صديقتها تقصدها بالذات من هذا الكلام فجاذبتها أطراف الحديث قائلة :
- نعم فعلا يا نرجس يجب أن نصلح ما أنکسر في الفصل الأول ونحسن درجاتنا حتى نتمكن من الإنتقال إلى المرحلة الأخرى بتفوق شعرت نرجس بالإرتياح فكلما رؤى يجب على أنها بدأت تنسى ذلك الموضوع وبدأت تتفاعل بعد ما مر بها من مآزق كاد أن يوقع بها لولا إيمانها بالله وتوكلها عليه 
وكان الفرق كبيرا بين رؤى وأشجان فالأخيرة كانت غير مدركة لعواقب الأمور . ومن حسن حظها أنها كانت في نفس إختصاص نرجس وفي نفس مرحلتها ... فرؤى عندما وقعت في تلك المشكلة أنبها ضميرها وأرجعها إيمانها القوي بالله وندمت ولم ترجع إلى نرجس إلا بعد أن تمكن الندم منها بشكل كامل ولم تساعدها نرجس إلا في إعادة الأمل والتفاؤل إلى حياتها التي كانت شبه يائسة

أما أشجان فلقد كانت جاهلة بأمور كثيرة بحاجة إلى وجود نرجس بجانبها وهكذا كانت مشيئة الله الذي لا يترك عبده
فإما أن يعطيه عقلا راجحا أو صديقا ناصحا أو ضميرا آيبا راجعا قد لا يستقبل الإنسان هذه الوسائل التي يرسلها إليه رب العزة وقد يستقبلها برحابة صدر ويندم وتوبة وهذا ما نراه من المأزق الذي وقعت فيه أشجان ...

كانت أشجان قد أتخذت صديقة جديدة غير نرجس وبدأت تبتعد عنها شيئا فشيئا متجهة نحو تلك الصديقة والتي تدعى ( هيام )
كانت هيام تشابه أشجان في طريقة لبسها و تفكيرها
لم تشأ نرجس أن تمنع أشجان من مصادقة تلك الفتاة طالما هذه رغبتها..
أما هيام فلقد كانت مرسلة من قبل طالب يدرس في احد الأقسام التابعة للكلية التي تدرس فيها أشجان وقد أرسل هيام لتعقد صداقة مع أشجان ذات الشكل الجذاب والملبس الأنيق وهذا ما جعل الطلاب يدورون حولها كالذئاب لكنهم يخشون التقرب إليها بسبب وجود نرجس ... !
أما الآن وقد إستطاع رافد وبخطة ذكية منه إن يبعد نرجس عن أشجان فإن الفرصة أصبحت سائحة له بالتقرب إليها والحصول على مراده منها
وهكذا ذهبت أشجان وراء الكلام المعسول لهيام التي أبدت إعجابها بشخصية أشجان بجمالها وبأناقتها وهذا ما علمها إياه رافد حتى تستطيع جذب أشجان أكثر .
مضت الأيام والمسافة صارت تكبر بين نرجس وأشجان وبدأت مخاوف الصديقة الوفية تجاه صديقتها المتهورة بالتزايد فكانت نرجس لا تنام الليل نتيجة لتفكير بما سيؤول إليه أمر صديقتها
ها هي الاسابيع تمضي وألم نرجس يكبر ويزداد يوم بعد يوم ... يا ليتها تستطيع أن تبعد أشجان عن تلك الفتاة و يا ليت أشجان تأخذ بنصيحتها و يا ليت و يا ليت
وفي إحدى الليالي وبعد أن أكملت نرجس صلاة الليل جلست لتخاطب سيدها :
- إلهي وربي ... أنا أمتك الضعيفة العاجزة أتوسل إليك يا مولاي بحبيبك المصطفى وبأهل بيته النجباء أن ترجع صديقتي إلى صوابها ... إلهي أنا أتألم لبعدها عنك وإنشغالها بالموديلات والمكياج والغناء والرقص وقصص الغرام ...
اهدها يارب إلى الطريق المستقيم ومكني يا إلهي من إقناعها بحرمة ذلك الطريق الذي تنهجه هي وقوني يارب على مصارحتها لهذه الحقيقة ...
أنها طيبة القلب يا إلهي وضعيفة مسكينة لا تتعمد عصيانك لكنها جاهلة لما هي فيه .. فساعدني يارب وقومية على مساعدتها ي الله

شاء الله أن يستجيب دعاء أمته المؤمنة نرجس وهيأ لها الفرصة المناسبة للتكلم مع أشجان وكان ذلك في إحدى الصباحات عندما كانت نرجس ذاهبة الى مكتبة الجامعة لتستعير بعض الكتب المهمة فإذا بها تشاهد أشجان ومعها هيام وشخص ثالث لا تعرفه
كان الثلاثة يتكلمون وما أن اقتربت نرجس حتى صمت الجميع قامت نرجس خلال ذلك الصمت بإلقاء التحية وردت أشجان السلام بأرتباك إذ كانت تعرف بأن هذا الموقف لا يروق لنرجس !
وقالت : نرجس أعرفك على رافد يدرس في نفس المرحلة التي تدرس فيها هيام
صمتت نرجس قليلا وقالت بأدب وخافضة البصر : اهلا وسهلا .. لكن يا أشجان أنا لم اجيء لتعرفيني على رافد بل جئت

نرجسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن