[ الفصل الرابع عشر]

996 46 2
                                    

الفصل الرابع عشر . على مر الزمان ج3

****

آن لي أن افترق

عن مراياي وعن شعب الورق

***

لم تصدق عينيها وجودها أمامها، ظنت بأنها لن تقبل أن تأتي لتفتح ماضيهم من جديد، ظنت بأنها ستقول لا .. ستكسرها للمرة الألف؟ ولكن لم تكن تعلم بأنها تنتظر منذ ذلك اللقاء مكالمة منها أن تخبرها بأنها تحتاجها ..

القارورة الثانية من الماء تجرعتها، وهي تحاول أن تنظم مابداخلها من قوافل، تريد أن تخبرها الكثير والكثير من الأمور ولكنْ قلبها يخبرها بأن تخبرها بعلة نفسها، علّة بداخلها تريد أن تبوح بنفسها بتلك اللحظة .. فهتفت بابتسامة مَريرة:

- لم أكن أتصور بأنك ستوافقين .. ظننتك ستتجاهلين وجودي كـالمرة السابقة.

تنهدت والدتها تنهيدة عميقة وكانها تخُرج آفات من جسدها تمرضها، قالت بصوتٍ حنونٍ، لطالما حلمت شهد بسماعهُ:

- لم أقصد إيذائك عزيزتي.

[ عزيزتي] كلمة جياشّة بالنسبة لشهد، دمّعت عينيها بدون وعيِ، لم تقصد البكاء ولكنْ كانت الوسيلة الوحيدة التي تعبر عن سعادتها، كل حُلم بداخلها كان يخبرها ستأتي تعانقها من جديد، تقُبل جبهتها، تحنو عليها بعناقٍ عميق كم سيخبرها كم هي المعاناة من فراقها ..

أكملت والدتها تمسك كفها مُقبِلة إياها بكُل حُبٍ:

- مرضت مرضًا شديد، وظننت بأن الفراق هو السبيل، لذلك أبتعدتُ ولم أرغب بأن تراني وأنا أموت كل يوم، وكنت أعلم بأني إذا نجوتَ .. سأمرض من جديد، وأعلم كم سأحطمك أضعافاً مضعفة، لذلك كان البُعد طوال تلك الفترة لأجل ذلك .. لا أرغب برؤيتك محطمة .. راقبتكِ بكل مراحلكِ .. نموك ونضجك، كنت أراكِ وأنا أرغب بالركض لعناقكِ، ولكن كان بعقلي أن بُعدي سلام من القُرب الذي سيحطمك .

انتحبت شهد غضبًا من ألمها المُدمي، تمسك بيد والدتها بشدِّة، كأنها بحلُم ولاتُريد أن تتركهُ، لاتريد أن تفلت لحظة بدون أن تتفرس بملامحها ..

- أخبرني يا حبيبتي ما الذي ضرِّك ؟ أرى بعينيكِ ألمًا لايحتمل..

بكت وهي تحكي عن معاناتها تشتتها بتلك العلاقات، وحبها المجهول، المُضطرب، جلست بِجُوارها تعانقها بحنو .. عناق دافءِ جعلها تشعر بالاطمئنان، من قال بأن وجودها بلا نفع، بل هي نفسها الدواء الذي حاولت العثور عليهِ طوال العُمر وتشعر الآن وكأنها نجت من غرق كاد أن يخنقها.

أردفت والدتها وهي تربِّت على ظهرها:

- خوفك وقلقك بـفُقدان شريف أعمق بكثير من يوسف، أنتِ فقط تشعرين بأن وجودهُ كان يشعرك بتميز، ولكنْك مع شريف .. كُنتِ تشعرين بأنكِ وحدك بالعالم معهُ، وبكاءك لرؤيتهُ مع تلك الفتاة، أهان حُبك ياعزيزتي .. أنتِ في الواقع لم تَحبي يوسف بل شريف ..

على مـر الزمان ج٢✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن