جبروت القلوب

الفصل 5

الفصل الخامس 5

يا ابني قلت ثاااء مش سااء، الفرق كبير بين الثاء والسين .. أنا ذنبي اي بس أن أنت عندك لدغة يا ربي .

كانت تصرخ وقد قـاربت على شد حجابها من عصبيتها، وذاك الطفل الماثل أمامها ينظر لها ببراءة ويرمش بعينيه الضيقة مجيبا إياها بأسلوب لا ينتمي لذلك الوجه الطفولي :-

في اي يا ميس، أنتِ هتتريقي على خلق ربنا ولا اي، وبعدين مفرقتش من ساء وسين

تشنجت بغضب وهي تنظر لها وهو يلوح بيديه في الهواء، لكنها حاولت الهدوء مبتسمة غصبا لتظهر بمظهر الجوكر :-

عارف يا عبد الله أنا لولا أني عرفاك كويس كنت قلت عليك أنك هارب من سجن الأحداث، ونزل ايدك دي لما تتكلم مع حد أكبر منك وخاصة أنا

ثم وكأنها تذكرت شيئا، أمسكته من يده تهزه بلطف مدعية الغضب :-

مش قلت مية مرة اسمي آنسة مش ميس ياض أنت ، أنا معلمة لغة عربية مش انجليزية

نفض يدها من عليها وذهب يجلس في مقعده بكل كبرياء متجاهلا إياها متمتما ببعض الكلمات، وكأنه شخص راشد ليس طفل بعمر الثامنة  .

جاءت المشرفة على ذلك القسم بفعل الصوت العالي متسائلة :-

في اي يا آنسة نجمة، صوتك واصل لحد مكتب المدير وهو بعتني ليكِ عشان أشوف لو حد من التلاميذ مضايقك ابعتهولوا وهو يتصرف

لاحظت نجمة اهتزاز مقلتي عبد الله وكل الطلاب على ذكر المدير، فهو شخص قاسي جدا يعاقب التلاميذ بقسوة لدرجة أن هناك بعض الأساتذة أيضا يرهبونه، حمحمت مجيبة :-

لا مفيش حاجة، أنا بس بعلمهم ازاي يلقوا شعر بصوت عالي، وصوتي خرج عالي دا الواضح، بعتذر منكم واتأسفي للمدير نيابة عني وقوليوا أنها مش هتحصل تاني

أومأت لها بعدم تصديق، لكنها خرجت على أي حال، لتقول نجمة بمكر لـ عبد الله :-

عيد بقا قراءة الجملة من الكتاب اللي قدامك مرة تانية يا عبدو

أمسك الكتاب بيديه الصغيرتين و :-

_ ... قائلا لها : أحبكِ كسيرا أمي و ....

جلست على الكرسي الذي خلف مكتبها تضع يدها على خدها وهي تناظر عبد الله الذي حاولت معه كثيرا أن تغير طريقة نطقه لبعض الحروف لكن هو مصمم على رأيه، هي تعلم أنه ليس لديه لدغة في كل الحروف عدا حرف الثاء الذي ينطقه سين، لكنه فقط يحب استفزازها .. إنه بالفعل طفل مشاغب .