الفصل الثالث عشر

3.8K 229 8
                                    

وعادت تتمني ، بعد فوات الأوان ، لو لم تتصرف بمثل ذلك العنف في يوم زواجها .

ذلك أنها كانت قد شعرت بالخوف منه ، وذلك بسبب كراهيتها له .

فقد جعلها ما أخبرتها به أليس ، مصممة على أن تحافظ على ما تسميه استقلالها .

ولكنها أدركت الآن أنه مختلف جدا عما كانت تتوقع .

وعندما صعدت إلى الصالون لتناول العشاء كانت البهجة تغمرها .

ووصل الدوق في الوقت الذي وصلت هي فيه تقريباً .

قال : « فكرت في أنك ستخرجين من قمرتك اليوم . فقد هدأ البحر كثيراً ، وسنكون غداً في البحر المتوسط دون أن تزعجنا موجة واحدة . »

فأجابت : « لقد رغبت في الخروج منذ أربع وعشرين ساعة ، ولكن جنكنز منعني . فشعرت بأن عليّ أن أطيعه . »

فقال الدوق : « إنه رجل رائع ، وأنا لا أدري كيف كنت سأدير شؤوني من دونه ، إنه يقوم بكل شيء دون صعوبة ، وإذا حدث شيء ما خطأ ، فهو يبقى على هدوئه واتزانه . وهو كذلك يجاهر دوماً بما يعتقد به . »

فضحكت ليندا وهي تقول : « لقد رأيت هذا فعلا . »

فقال : « هذا ما ظننته . وأنا واثق من أنه سيسرك أن جنكنز يعجبه ذوقك في الثقافة . قال إنها المرة الأولى التي يرى فيها سيدة تقرأ شيئاً غير مجلة المرأة . »

فأجابت ليندا : « من الطبيعي ألا يكون لديهن سبب يدفعهن إلى القراءة ما دام بإمكانهن التحدث معك . »

وكانت تعني ما تقوله بكل إخلاص .

ولكنها أدركت وهي تتلفظ بهذه الكلمات ، انها تبدو  ساخرة بشكل ما .

فقال الدوق : « ولكنك كنت أحسن حال من دوني . والآن ما رأيك في الكتب التي أرسلتها إليك عن بلاد التيبت . »

فأجابت : « لقد شوقتني تلك الكتب أكثر من السابق لزيارة تلك البلاد . وربما سيمكنني اقناعك يوماً ما بأن تأخذني معك ، ربما متخفية بشكل رجل . »

فضحك الدوق قائلاً : « أشك في جعل أحد يصدق ذلك . كما أن التيبتيين ، بما يمتازون به من قوة الملاحظة ، سيكتشفون بأنك تخدعينهم . »

فقالت : « هذا ما خطر لي . ولكن ليس من العدل ان تذهب انت إلى مثل تلك الاماكن الخلابة بينما أبقى أنا في بيت . »

« هل تظنين حقاً أنك ستكونين مسرورة بالرحلات على الأقدام إلى البلدان الصعبة ، حيث أنت مهددة بإطلاق النار عليك دون سبب واضح ؟ »

فأجابت : « هذا ما يبدو لي رائعاً . ولكنني لا أفهم كيف يمكنك الذهاب إلى تلك الأماكن دون أن يعلم بذلك الناس الذين لا ينفكون عن التحدث عنك . »

فأجاب : « إذا كنت أنا قد خدعتهم ، فهذا شيء يدعو للفخر . ولكن إذا كنت مهتمة حقاً بالذهاب ، يمكنني أن أخبرك بأن هنالك أوقاتاً قصيرة في الحياة الاجتماعية يمكنك فيها  الغياب عن أعين الناس دون أن يلحظ ذلك أحد . »

وابتسم قبل أن يتابع قائلاً : « أحدها في آخر تموز ( يوليو ) ، ويبدو أن ليس هناك من يتساءل أين تكونين في شهر آب ( اغسطس ) أو أيلول ( سبتمبر ) . »

وسكت لحظة ، ثم عاد يقول : « وأيضاً بعد العطلة السنوية ، فقبل أن يبدأ موسم سباق الخيل بشكل جاد ، يكون من السهل عليك الذهاب إلى تمبكتو والعودة منها دون أن يلاحظ أحد ذلك . »

فضحكت ليندا وهي تقول : « هذه مهارة بالغة منك . وأرجو أن تكون من الكياسة بحيث تقبل بأخذي معك . »

فقال بشكل متغطرس : « سأفكر في الأمر . »

ولكنها أدركت ، على كل حال ، بأنه كان يغيظها .

وكان الغداء قد انتهى ، فقالت له : « إنني أعلم بأنني قد أغفلت سؤالك عن الجهة التي نحن قاصدان إليها . »

فأجاب : « إلى الجزر اليونانية . »

فهتفت مبتهجة : « الجزر اليونانية ؟ ما أروع هذا . فهذا هو المكان الذي طالما تشوقت للذهاب إليه أكثر من غيره . »

ثم عادت تسأله بصوت مختلف النبرة : « ولكن ، لماذا ؟ ما الذي يدعوك للذهاب إلى هناك ؟ »

ولما رأت تردده ، أدركت أنه لن يخبرها بالحقيقة حالياً .

ولكنه ، عندما تلاقت عيناها بعينيه ، قال : « إذا كنت ستقرأين أفكاري مرة أخرى ، فلا لزوم لأن أجيبك عن سؤالك . »

فجذبت ليندا نفساً عميقاً ، ثم قالت : « إنك تفتش عن شيء خاص هناك . وهو شيء ترغب فيه كثيراً : »

ولما لم يجب الدوق ، صرخت قائلة : « آه ، أخبرني ، أرجوك . ليس من اللائق أن تحتكر لنفسك الإثارة في التفتيش عن كنز دون أن تشركني في ذلك . »

فقال : « أظن أن جنكنز قد تحدث إليك مرة أخرى . يبدو أنني لن أستطيع جعله يقفل فمه . »

فقالت : « إنه لم يخبرني بشيء ما عدا ما أسماه بكهف علاء الدين . »

  فتنهد الدوق : « ليس ثمة شخص يبدو بطلا في عيني خادمه ، أليس هذا هو المثل الذي يقولونه ؟ »

فقهقهت ليندا ضاحكة ، ثم قالت : « هنالك أعاجيب كثيرة ، ولكنها ليست أعجب من الإنسان . »

لقد نطقت بشكل لا إرادي ، بهذه الحكمة لسقراط ، حكيم الإغريق ، وذلك بلغته اليونانية .

قال : « هل تحسنين التكلم باللغة اليونانية ؟ »

فأجابت : « أتكلم باللغتين القديمة والحديثة منها . فقد كان علي أن اتعلمها مع اللغات الأخرى لكي أتمكن من فهم ما يقوله الاستاذ . »

فسألها غير مصدق : « أتقولين الحقيقة ؟ »

فضحكت ليندا وأخذت تكرر السطور الأخيرة من الشعر في اليونانية " إنه يجوب البحار المظلمة . مواجهاً أعاصير الشتاء . مبحراً خلال الأمطار المنهمرة . "

ثم قالت بالانكليزية : « أظن هذا الوصف يتحدث عنك . وعليك أن تزهو إذ ترى ما سبق وقاله سقراط منذ ألوف السنين ، ينطبق عليك تماماً . »

فقال : « إذا كنت حقاً ذلك البطل الذي يستحق ما قلته ، يجب أن أتوج ما قلته من الشعر ، بوصف صادق لك يشبه هذا ، ولكن لسوء الحظ ، رغم ما في هذا من إذلال ، لا يحضرني  شيء . » فانفجر الاثنان ضاحكين .

[مكتملة✓]زوجة الدوقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن