وعادت تتمني ، بعد فوات الأوان ، لو لم تتصرف بمثل ذلك العنف في يوم زواجها .
ذلك أنها كانت قد شعرت بالخوف منه ، وذلك بسبب كراهيتها له .
فقد جعلها ما أخبرتها به أليس ، مصممة على أن تحافظ على ما تسميه استقلالها .
ولكنها أدركت الآن أنه مختلف جدا عما كانت تتوقع .
وعندما صعدت إلى الصالون لتناول العشاء كانت البهجة تغمرها .
ووصل الدوق في الوقت الذي وصلت هي فيه تقريباً .
قال : « فكرت في أنك ستخرجين من قمرتك اليوم . فقد هدأ البحر كثيراً ، وسنكون غداً في البحر المتوسط دون أن تزعجنا موجة واحدة . »
فأجابت : « لقد رغبت في الخروج منذ أربع وعشرين ساعة ، ولكن جنكنز منعني . فشعرت بأن عليّ أن أطيعه . »
فقال الدوق : « إنه رجل رائع ، وأنا لا أدري كيف كنت سأدير شؤوني من دونه ، إنه يقوم بكل شيء دون صعوبة ، وإذا حدث شيء ما خطأ ، فهو يبقى على هدوئه واتزانه . وهو كذلك يجاهر دوماً بما يعتقد به . »
فضحكت ليندا وهي تقول : « لقد رأيت هذا فعلا . »
فقال : « هذا ما ظننته . وأنا واثق من أنه سيسرك أن جنكنز يعجبه ذوقك في الثقافة . قال إنها المرة الأولى التي يرى فيها سيدة تقرأ شيئاً غير مجلة المرأة . »
فأجابت ليندا : « من الطبيعي ألا يكون لديهن سبب يدفعهن إلى القراءة ما دام بإمكانهن التحدث معك . »
وكانت تعني ما تقوله بكل إخلاص .
ولكنها أدركت وهي تتلفظ بهذه الكلمات ، انها تبدو ساخرة بشكل ما .
فقال الدوق : « ولكنك كنت أحسن حال من دوني . والآن ما رأيك في الكتب التي أرسلتها إليك عن بلاد التيبت . »
فأجابت : « لقد شوقتني تلك الكتب أكثر من السابق لزيارة تلك البلاد . وربما سيمكنني اقناعك يوماً ما بأن تأخذني معك ، ربما متخفية بشكل رجل . »
فضحك الدوق قائلاً : « أشك في جعل أحد يصدق ذلك . كما أن التيبتيين ، بما يمتازون به من قوة الملاحظة ، سيكتشفون بأنك تخدعينهم . »
فقالت : « هذا ما خطر لي . ولكن ليس من العدل ان تذهب انت إلى مثل تلك الاماكن الخلابة بينما أبقى أنا في بيت . »
« هل تظنين حقاً أنك ستكونين مسرورة بالرحلات على الأقدام إلى البلدان الصعبة ، حيث أنت مهددة بإطلاق النار عليك دون سبب واضح ؟ »
فأجابت : « هذا ما يبدو لي رائعاً . ولكنني لا أفهم كيف يمكنك الذهاب إلى تلك الأماكن دون أن يعلم بذلك الناس الذين لا ينفكون عن التحدث عنك . »
فأجاب : « إذا كنت أنا قد خدعتهم ، فهذا شيء يدعو للفخر . ولكن إذا كنت مهتمة حقاً بالذهاب ، يمكنني أن أخبرك بأن هنالك أوقاتاً قصيرة في الحياة الاجتماعية يمكنك فيها الغياب عن أعين الناس دون أن يلحظ ذلك أحد . »
وابتسم قبل أن يتابع قائلاً : « أحدها في آخر تموز ( يوليو ) ، ويبدو أن ليس هناك من يتساءل أين تكونين في شهر آب ( اغسطس ) أو أيلول ( سبتمبر ) . »
وسكت لحظة ، ثم عاد يقول : « وأيضاً بعد العطلة السنوية ، فقبل أن يبدأ موسم سباق الخيل بشكل جاد ، يكون من السهل عليك الذهاب إلى تمبكتو والعودة منها دون أن يلاحظ أحد ذلك . »
فضحكت ليندا وهي تقول : « هذه مهارة بالغة منك . وأرجو أن تكون من الكياسة بحيث تقبل بأخذي معك . »
فقال بشكل متغطرس : « سأفكر في الأمر . »
ولكنها أدركت ، على كل حال ، بأنه كان يغيظها .
وكان الغداء قد انتهى ، فقالت له : « إنني أعلم بأنني قد أغفلت سؤالك عن الجهة التي نحن قاصدان إليها . »
فأجاب : « إلى الجزر اليونانية . »
فهتفت مبتهجة : « الجزر اليونانية ؟ ما أروع هذا . فهذا هو المكان الذي طالما تشوقت للذهاب إليه أكثر من غيره . »
ثم عادت تسأله بصوت مختلف النبرة : « ولكن ، لماذا ؟ ما الذي يدعوك للذهاب إلى هناك ؟ »
ولما رأت تردده ، أدركت أنه لن يخبرها بالحقيقة حالياً .
ولكنه ، عندما تلاقت عيناها بعينيه ، قال : « إذا كنت ستقرأين أفكاري مرة أخرى ، فلا لزوم لأن أجيبك عن سؤالك . »
فجذبت ليندا نفساً عميقاً ، ثم قالت : « إنك تفتش عن شيء خاص هناك . وهو شيء ترغب فيه كثيراً : »
ولما لم يجب الدوق ، صرخت قائلة : « آه ، أخبرني ، أرجوك . ليس من اللائق أن تحتكر لنفسك الإثارة في التفتيش عن كنز دون أن تشركني في ذلك . »
فقال : « أظن أن جنكنز قد تحدث إليك مرة أخرى . يبدو أنني لن أستطيع جعله يقفل فمه . »
فقالت : « إنه لم يخبرني بشيء ما عدا ما أسماه بكهف علاء الدين . »
فتنهد الدوق : « ليس ثمة شخص يبدو بطلا في عيني خادمه ، أليس هذا هو المثل الذي يقولونه ؟ »
فقهقهت ليندا ضاحكة ، ثم قالت : « هنالك أعاجيب كثيرة ، ولكنها ليست أعجب من الإنسان . »
لقد نطقت بشكل لا إرادي ، بهذه الحكمة لسقراط ، حكيم الإغريق ، وذلك بلغته اليونانية .
قال : « هل تحسنين التكلم باللغة اليونانية ؟ »
فأجابت : « أتكلم باللغتين القديمة والحديثة منها . فقد كان علي أن اتعلمها مع اللغات الأخرى لكي أتمكن من فهم ما يقوله الاستاذ . »
فسألها غير مصدق : « أتقولين الحقيقة ؟ »
فضحكت ليندا وأخذت تكرر السطور الأخيرة من الشعر في اليونانية " إنه يجوب البحار المظلمة . مواجهاً أعاصير الشتاء . مبحراً خلال الأمطار المنهمرة . "
ثم قالت بالانكليزية : « أظن هذا الوصف يتحدث عنك . وعليك أن تزهو إذ ترى ما سبق وقاله سقراط منذ ألوف السنين ، ينطبق عليك تماماً . »
فقال : « إذا كنت حقاً ذلك البطل الذي يستحق ما قلته ، يجب أن أتوج ما قلته من الشعر ، بوصف صادق لك يشبه هذا ، ولكن لسوء الحظ ، رغم ما في هذا من إذلال ، لا يحضرني شيء . » فانفجر الاثنان ضاحكين .
أنت تقرأ
[مكتملة✓]زوجة الدوق
Roman d'amourإذا كان هناك رجل تعرفه اللايدي ليندا مارلو فهو الدوق أوف سينغتون ، الرجل الذي تكرهه ومع هذا فقد كان هو الذي انقذها من الغرق مما أثار بذلك عاصفة من الثرثرة ما جعلهما يقعان في فخ زواج. هذا الزواج الذي كان والد ليندا يعلم أنه سينقذه من الفقر والعوز و...