جزيرة المخفية

2 0 0
                                    

راودتني رغبة في التقيئ و أنا أستشعر ملوحة شفتاي بعد أن أسندت كفي على الزورق المتهالك ، اليوم الخامس على التوالي ..لم آكل و لم أشرب و ها أنا أتأرجح بين أمواج البحر تتربص بي أسماك القرش مرات و مرات لا ينتبهون أغلب الشئ

جورج في العقد العشرين و السنة الثالثة ، إنتهى الأمر بي هكذا بعدما تمردت على القرصان أنني أفضل منه ، فلدي عين و يد لا يمتكلهما

و لكنني تغافلت أن له ولاء و هيبة من رواد السفينة و بالطبع لم أكن أفعل أنا معها 

تناقش الكل على مصيري ..شخص يعرضني للقرش و آخر لتنظيف الحمامات و آخر للضرب المبرح..إلا أنه أُشفق علي بسبب " تفاهة عقلي " كما يقول و قدم لي زورق و ها أنا اتأرجح في المياه المالحة

جلست مقرفصاً و أنا أبكي ..أبكي نهاية لا أعلم ماهي ..سأموت جوعاً إذا لم أمت غرقاً ...و سأموت مأكولاً من أحد الحيتان إذا لم أمت جوعاً

وضعت كفاي السمروتان من شدة تعرضي للشمس و ها أنا أبكي ..أتحسس ملوحة دموعي التي تذكرني بملوحة البحر و أنا تائه بين بحوره السبع

"أ هذه نهايتك جورج ؟ "

تكلمتُ مع نفسي و أنا أعلن بداية جنوني و وسط هلوستي لم ألحظ الغيوم الكثيفة التي تتراص فوق رأسي ..ألم تكن الشمس تصرع رأسي قبل لحظات ؟
و لحسن خاتمتي أتاني الجواب على سؤالي ..

إنطلق المطر بأكبر عاصفته و هو يرمي علي من الماء ما يرميه المزارع على نباتاته و زورقي يغرق ..بدأت أرمي القطرات الزائدة ..

و لم تنفع حيلتي ...أسأموت اليوم ؟

كان يتكرر السؤال مع هلعي و الزورق يذهب يميناً و يساراً برياح العاصفة الهالكة ..تصفعني مرة و تدفعني أخرى و أنا لا حيلة لي للمرة الثانية !

حتى أتت...أتت خاتمتي تُعلن نهايتي ..موجة بعلو الجبل تبتلعني بكل ما اُوتيت بغضبٍ أو حبٍ أو رغبة ..لم أعلم ..كل ما علمته أنني قرفصت و أغمضت عيناي و سلمت نفسي

و آخر ما أتذكره هو إحساسي بالماء يدخل لأنفاسي ليخرج الهواء مني و يصطدم رأسي بشئ صلب أغمضت عيناي بعده

أزعجني الضوء الذي تسلل لعيناي و رغبة بالتقيؤ تعاودني و أنا أتحسس الحصى تحت ظهري العاري لأنهض شاهقاً أتقيئ الماء المالح فقط ...و بعض الطحالب ...و أبكي ..

و هذه المرة بكيتُ شكراً للرب على مساعدته لي ..على إنقاذه و حبه لي ..شكراً يا الهي !

بدأت أستقيم بجسد متهالك بطني تلامس ظهري و شحوب بشرتي السمراء و لحيتي الكثيفة المجعدة ..بحالة يرثى لها
رميت جسدي على أول شجرة لتسقط حبيبات التمر من نخلة ظننتها شجرة ..لم أرد أن أفهم شئ و لا أن أعرف أن قرداً من رماها لي من أعلى إلا و أنا أبتلع حبة التمر و أغفو بقيلولة لم أنل قبلها منذ مدة و بطني ممتلئة

بعد مرور أكثر من ساعة لم أحسبها ..أو أدركها ..إستيقظت و أنا أمدد عظامي المكسورة و أفتح عيناي الناعسة ..حتى شهقتُ !

" نفس الجزيرة ! إنها نفس الجزيرة ! "

بدأت اقفز في مكاني و أنا أرى ذلك الجبل ملتوي الشكل مثل المرسوم بخريطة القبطان التي أبصرتها

"جزيرة أوستروف ! "

و بدأت أجري بقوى خائرة فرحاً ..نفس الجزيرة الذهبية التي تحتوي على أثمن الكنوز !

قصصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن