1

249 175 62
                                    

وضعت مديحة يدها على كتف ابنتها النائمة وتحدثت بهدوء " اسيل اصحي يلا..قومي عشان نروح لتيتا "
" هى الساعة كام يا ماما؟ " تحدثت بنعاس وهى تتثاءب
" الساعة تلاتة العصر يا حبيبتي " 
اعتدلت في جلستها وهى تحاول الافاقة " ينهار ابيض سيبتيني نايمة كل ده ليه! "
" ما انتِ عاملة زي الي منامتش بقالها سنة..يلا فوقي عشان هنتأخر "
" حاضر "
بعد نصف ساعة كانت قد انتهت بالفعل من ارتداء ملابسها واصبحت جاهزة للرحيل عندما جاءت والدتها اخيرا وذهبتا سويا لجدتها سعيدة
ابتسمت اسيل وعانقتها بقوة " وحشتيني يا سوسو "
" انتِ اكتر يا قلب سوسو من جوة " ابتسمت وقبلتها من وجنتها
نظرت اليها اسيل بابتسامة ثم جحظت عيناها بصدمة عندما نظرت لأعين جدتها بشرود وتغيرت تعبيرات وجهها تماما شعرت بنبضات قلبها تتسارع وامتلأت عيناها بالدموع وضعت يدها على فمها وابتعدت خطوة للوراء بينما انفاسها متسارعة بقوة
" مالك يا بنتي فيه ايه!؟ " تحدثت سعيدة بقلق
بكت بقوة وارتمت بين احضانها وكأنها تودعها وكأنه العناق الاخير وتحدثت برجفة " تيتا انا بحبك اوي..انا بحبك اوي "
ضحكت سعيدة " فيه ايه يا بت حسستيني اني هموت ليه ايه الرعب ده" 
" خليني في حضنك شوية " حاولت تمالك نفسها ولكن صوتها المرتجف يفضح ما بداخلها ظلت محتضناها لمدة لم تقل عن عشر دقائق حتى تركتها اخيرا
" اسيل انتِ كويسة؟ " تحدثت سعيدة بقلق
" انا كويسة يا تيتا..مش محتاجة اي حاجة اعملهالك يا حبيبتي منفسكيش في حاجة؟ " تحدثت بحزن وكأنها تخفي شيئا ما
" نفسي اعرف مالك الصراحة "
نظرت اليها وابتسمت وهى تتحدث بنوع من المزاح فب محاولة منها لتغيير مجرى الحديث " مفيش يا سوسو الله الحق عليا عايزة ادلعك..بقولك ايه انا هروح اغير هدومي واجيلك"
نظرت اليها بحيرة نظرة تعبر عن عدم ارتياحها وتحدثت" روحي "
امتلأت عيناها بالدموع عندما رأت والدتها وتحدثت برجفة " ماما "
" مالك يا اسيل!؟ "
" تيتا هتموت بكرة الساعة خمسة المغرب بأزمة قلبية "
" انتِ هبلة!..بعد الشر يا شيخة ايه الي بتقوليه ده! "
" انا بتكلم بجد يا ماما مبهزرش! " تحدثت بجدية
" بس يا حبيبتي ربنا يهديكي "
" طب ماما..بعد دقيقتين مروة صاحبتك هتتصل بيكي تعرفك ان جوز اسماء صاحبتكوا مات وهتعرفك مكان العزا "
" الشيخة اسيل المغربية " تحدثت بسخرية ولم تنتهي من الجملة حتى رن الهاتف بأسم مروة نظرت اليها بصدمة
" ايوا يا مروة " تحدثت مديحة بتوتر
" احمد جوز اسماء مات النهاردة الصبح والجنازة والدفن بكرة والعزا هيبقى في بيت اسماء "
" لا إله إلا الله ربنا يرحمه يارب..شكرا يا حبيبتي انك عرفتيني " تحدثت بصوت مرتجف واغلقت الهاتف ونظرت لأسيل برعب
" ده ايه ده ان شاء الله؟ " تحدثت مديحة
" شوفته في عنيكي "
" يعني ايه شوفتيه في عيني دي!..بلاش هزار انا خايفة "
" يعني لما بصيت في عينك شوفت الي هيحصل"
" هو انا ليه اڤورت كدة تلاقيكي شوفتي الخبر على النت" تحدثت مديحة في محاولة منها لتهدأة روعها
" براحتك يا ماما على فكرة انا بردو مش فاهمة ايه ده! " تحدثت بضيق وذهبت لتجلس مع سعيدة مجددا
باليوم التالي وبالساعة الرابعة والنصف مساءاً وضعت يدها على صدرها وحاولت التنفس بصعوبة سقط جهاز التحكم من يدها وانهارت هى ايضا على الأرض لازالت تحاول التنفس ولكن بلا جدوى قلبها يتمزق اربا واغمضت عيناها معلنة استسلامها
بعد عشر دقائق كانت انتهت مديحة من اعداد الطعام وعادت لغرفة المعيشة
" ماما! " صرخت بفزع وهى تحاول افاقتها صرخت بأسم اسيل مرارا وتكرارا
" فيه ايه يا ماما! " ذهبت للخارج بسرعة وجدت ما كانت تأمل ألا تراه
" تيتا! " امتلأت عيناها بالدموع وهى تمسك الهاتف للإتصال بالإسعاف
وصلوا اخيرا للمشفى وبعد مرور عشر دقائق اخرى في تمام الساعة الخامسة مساءاً عاد الطبيب للخارج ونظر لوالدتها
" حاولنا ننعش قلبها بس للأسف البقاء لله ماتت بأزمة قلبية "
جلست مديحة على الكرسي بوهن كانت شاردة تفكر بأمها ثم استعادت بذاكرتها أسيل وهى تخبرها بتلك التفاصيل
" اسيل!..انتِ عرفتي ازاي ان ده هيحصل انطقي! " تحدثت بفزع
" معرفش يا ماما والله وانا بسلم على تيتا شوفت كل ده في عينيها "
" انا مش فاهمة الي انتِ بتقوليه بس انا بقيت مصدقاكي " تحدثت بانطفاء ثم تابعت " يعني خلاص كدة؟..ماما ماتت مش هشوفها تاني؟..ده انا مكنش ليا غيرها في الدنيا من بعد موت جدك كانت هى الي مصبراني وهى كانت الشمعة الي منورة حياتي "
نظرت للأرض بحزن " انا اسفة يا ماما "
" اسفة على ايه بس انتِ ذنبك ايه انا الي اسفة اني مصدقتكيش " تحدثت بخفوت وهى تحاول التماسك وعانقتها
" بصي كدة في عيني وقوليلي شايفة ايه؟ " تحدثت بفضول
" مش شايفة حاجة دلوقتي اظن اني بشوف الأحداث المهمة بس "
" كل شئ جايز "
مر اليوم بهدوء قاموا بالدفن والعزاء لمدة ثلاثة ايام
" عن اذنك يا ماما لازم اروح مشوار صاحبتي تعبانة هرجعلك بسرعة ان شاء الله "
" روحي يا حبيبتي " ابتسمت ثم نظرت للكتاب بيدها تحاول الهاء نفسها عن التفكير بوالدتها
بينما تترجل في الشوارع  اوقفتها فتاة
" عن اذنك متعرفيش اروح شارع الخليفة المأمون ازاي؟ "
" هو الشارع الي قدامك ده " تحدث الفتاة بابتسامة
" شكرا يا حبيبتي " نظرت اسيل لعيناها بشكر ثم توسعت عيناها بصدمة وامسكت بكتف الفتاة
" استني متعديش من على الكوبري استني ارجوكي! " تحدثت بهلع
" فيه ايه! " تحدثت الفتاة بصدمة
" دقيقة اصبري دقيقة ارجوكي "
" انتِ هبلة؟..سيبيني! " نزعت كتفها من قبضة اسيل وهمت لتمر الطريق وبينما اشرفت على الوصول جائت سيارة سريعة وصدمتها ومن قوة الصدمة انزلقت الفتاة اعلى السيارة
صرخت اسيل ووقعت على الارض وهى ترتجف فتحت فمها على مصرعيه تحاول وضع يدها على فمها ولكنها لا تستطيع من الارتجاف انفاسها لا تهدأ أصبحت في حالة هلع حاولت النهوض للرحيل ولكن لا تسعفها قدماها التف الناس جميعا حول الفتاة ليأخذوها على اقرب مشفى ذهبوا بها وبقت فقط دمائها المتناثرة على الأرض ظلت تحدق بها ولازالت في حالة صدمة وضع يده على كتفها ونظر لها
" انتِ كويسة!؟.. اهدي..هاتي ايدك " تحدث سيف وهو يمسك بيدها ليساعدها على النهوض
وقعت مجددا لا تستطيع التحكم بأعصابها امسك بها سريعا وامسكت بيده لتتزن والتقت اعينهما ظلت شاردة بعيناه وفمها مفتوح بدهشة

visionحيث تعيش القصص. اكتشف الآن