مرت سنة كاملة على هذا الوضع صارت متدربة في مشفى كبير وعندما تتأهل للعمل رسميا ستصبح طبيبة متخصصة
جلست ترتشف القهوة بهدوء حينما تذكرت ذلك الضابط الذي اوصلها للمنزل منذ سنة
" اهو طلع اي كلام لا ارتبطنا ولا اتجوزنا الحمدلله لحسن ده ظابط يعني ممكن في اي لحظة يروح مني افضل حطة ايدي على عيني عشان مشوفش الي هيحصله!؟ " تحدثت بسخرية وابتسمت وعندما انتهت من احتساء القهوة امسكت بحقيبتها وذهبت للخارج استنشقت الهواء لتستعد ليوم جديد مليئ بالمرضى كانت تترجل حتى مرت دراجة نارية بسرعة عالية امسك الفتى الذي يجلس خلف السائق بالحقيبة ولازالت أسيل ممسكة بها بقوة وتصرخ طلبا للمساعدة حتى افلتتها ووقعت على الارض وجرحت قدمها وكتفها الايمن
" يا حرامي يا حيوان يا حيوان " تحدثت بغضب وهى تبكي
" يلهوي البطاقة وكارنيه الشغل والموبايل وفلوسي كل ده ضاع " تحدثت بقهر وهرولت سريعا لقسم الشرطة
" عايزة ابلغ عن سرقة" كانت تبكي وملابسها ممزقة والجروح والكدمات تملأت جسدها من السحل
" حاضر..املي البيانات و اتفضلي ارتاحي خمس دقايق وتقدري تدخلي للظابط تقوليله الي حصل عشان يقدر يساعدك "
فعلت ما اخبرها به وجلست حاولت تهدأة نفسها ثم دلفت لرئيس المباحث
" اتفضلي "
نظرت لعيناه تلاقت اقدارهم مجددا ولازالت ترى انها زوجته
" اتفضلي " تحدث مجددا
توقفت تماما عن البكاء فقط كانت تحدق به وفمها مفتوح قليلا ثم افاقت من شرودها وجلست
" انا اتسرقت وانا ماشية في الشارع فيه موتوسيكل سرق الشنطة بتاعتي وفيها بطاقتي وكل حاجة " تحدثت بصوت مختنق
" طيب ممكن تعرفيني المكان الي كنتي فيه والساعة كام؟ "
" لسة من ربع ساعة كانت الساعة تمانية ونص كنت هنا في الشارع الي قبل القسم على طول وفاكرة شكل الحرامي " تحدثت وهى تمسح عيناها من الدموع
" طب اهدي..الموضوع سهل هنشوف كاميرا المراقبة وهنجيب الشنطة اهدي " ابتسم ليطمأنها وامسك بالهاتف على مكتبه
" شوفلي كاميرات المراقبة القريبة من القسم راجع من ربع ساعة حصل ايه وهاتلي صاحب الموتوسيكل الي سرق الشنطة " اغلق الهاتف مجددا ونظر اليها
" بس كدة خلاص؟ " نظرت بدهشة
" ايوا متقلقيش خليكي هنا شوية والشنطة هتجيلك "
" هو حضرتك مش فاكرني صح؟ "
" فاكرك " ابتسم ثم تابع " البنت بتاعت مدينة نصر "
ضحكت " مكنتش متخيلة ابدا ان حضرتك تفتكرني ده عدا سنة "
" ما انتِ فاكراني بردو..انا كل ما اشوفك لازم تكوني رايحة مكان وترجعي البيت تاني؟ " تحدث بمزاح
" عندك حق مش عارفة ايه ده " تحدثت بحرج ثم جاءت عيناها على اللافتة التعريفية الصغيرة الموضوعة على مكتبه
همست " سيف الشاذلي رئيس المباحث "
" تعرفي اني كنت بفكر فيكي من شوية جيتي على بالي مرة واحدة معرفش ليه وبعديها لقيتك قدامي هنا..انا لسة معرفش اسمك؟ "
" انا اسمي أسيل..اقول لحضرتك على حاجة وتصدقني؟ "
" اتفضلي "
ابتسمت " انا بردو كنت بفكر فيك الصبح واتصدمت لما شوفتك "
" عشان كدة كنتي بصالي البصة الغريبة دي " تحدث بمزاح
" ايوا " تحدثت بحرج واحمرت وجنتاها
" والله نفسي اقولك كنت بصالك كدة ليه بس مش هتصدقني " حدثت نفسها بسخرية
بعد قليل جاء ضابط وهو ممسك بالرجلين على الدراجة النارية
" هم دول الي سرقوها؟ "
" ايوا هم "
" اتفضلي شنطتك اهى شوفي لو فيه حاجة ناقصة " تحدث سيف
" لا الحمدلله مفيش حاجة ناقصة " نظرت اليه بسعادة
" خدهم على الحجز " تحدث بهدوء ثم نظر لها " تعالي اوصلك "
" لا لا انا مش هعطلك انا هروح على طول البيت قريب " نهضت لترحل ولكنها كانت تتعرج من الألم
" انتِ مش قادرة تمشي خليني اوصلك "
" مش كل مرة " تحدثت بحرج
ابتسم وذهب معها " يلا بس "
ذهبوا لخارج القسم " والله انا محروجة من حضرتك اوي نفسي اشوفك ومكونش متبهدلة " تحدثت بمزاح ونظرت لعيناه مجددا وتبدلت تعبيرات وجهها وتوسعت عيناها بصدمة وعانقته بقوة
صرخت بألم ولازالت متشبثة به اما هو فصدم من الدماء على ملابسها امسك بها ونظر للأمام وجد امناء الشرطة قد امسكوا برجل مسلح
" حسبي الله ونعم الوكيل فيك ضيعت ابني وبسببك خد اعدام حسبي الله ياريت الرصاصة كانت جت فيك وقتلتك وخلصت منك " تحدث بصراخ
لم يكترث سيف ونظر الى تلك التي تتشبث به وتتنفس بصعوبة وتأن من الألم وذهب بها سريعا للمشفى
" معلش استحملي وصلنا خلاص " تحدث بقلق وهو يحملها ويذهب بها للطوارئ
" خدت رصاصة حية " تحدث للطبيب
نظر الطبيب لأسيل " دكتورة أسيل خليكي معايا استحملي " تحدث الطبيب وهو يدخلها للداخل
وبعد مرور نصف ساعة خرج من الغرفة وعاد لسيف
" الحمدلله قدرنا نخرج الرصاصة ومحصلش كسر او اي مضاعفات وهى بقت احسن دلوقتي تقدر حضرتك تشوفها "
دلف سيف للداخل وتنهد " ليه عملتي كدة؟ " تحدث بنبرة يملؤها الشعور بالذنب
" كانت هتيجي فيك " تحدثت بضعف
" تقومي ترمي نفسك قدامها!..انتِ شوفتيه ازاي اصلا وهو كان في ضهرك "
" شوفته وخلاص المهم ان حضرتك بخير وانا كمان بخير.. وبعدين انا دكتورة يعني لازم احافظ على حياة الناس " تحدثت بابتسامة فهى أخيرا ولأول مرة تستطيع انقاذ حياة شخص باستعمال تلك القدرة
" بس مش على حساب نفسك!..دي شغلتنا احنا " تحدث ولازال يشعر بالذنب
" انا تعبانة اوي " تحدثت وهى تحاول النهوض
فذهب اليها ومنعها عن النهوض
" ارتاحي مينفعش تتحركي دلوقتي خليكي نايمة "
" بس ضهري بيوجعني اوي " تحدثت بألم وهى تذرف الدموع
" معلش لازم تستحملي "
ابتسمت مجددا كلما تذكرت انها استطاعت انقاذ حياة شخصا ما اما هو فيرمقها بدهشة
" هى مجنونة ولا ايه كانت لسة بتعيط " حدث نفسه
" انتِ كويسة؟ "
" انا مبسوطة اوي اصل دي اول مرة انقذ حد " نظرت اليه بفرحة
" انا اسف ان ده حصلك بسببي " تحدث بنبرة ندم
" حضرتك مضايق كدة ليه دي مش غلطتك..ممكن بس تتصل بماما تطمنها عشان زمانها قلقانة "
" اكيد "
اخذ هاتفها وهاتف بمديحة
" الو يا أسيل " تحدثت وهى تعد الطعام
" ازي حضرتك اسيل في المستشفى متقلقيش عليها حصلت حادثة بسيطة وهى كويسة دلوقتي وقالتلي اطمن حضرتك عليها "
" حادثة ايه!..هو حضرتك مين!؟ " تحدثت بفزع وسقطت المغرفة من يدها
" متقلقيش حضرتك هى كويسة انا ظابط مباحث..اتفضلي كلميها اتطمني عليها " ناولها الهاتف
" ايوا يا بنتي!.. ايه الي حصل يا حبيبة ماما مالك بس..ومعاكي ظابط بيعمل ايه "
" مفيش يا ماما متقلقيش حادثة بسيطة ساعدني..بس انا هفضل في المستشفى النهاردة فا عايزاكي تجيلي دي المستشفى الي بتدرب فيها " تحدثت بإرهاق
" ماشي يا حبيبتي انا جايالك حالا " اغلقت الهاتف وذهبت لترتدي ملابسها
اما اسيل فأغمضت عيناها بتعب
" انتِ كويسة؟.. اجيبلك الدكتور يديكي مسكن؟ " تحدث بقلق
" لا انا كويسة الحمدلله انا بس تعبت من الكلام فا هنام شوية "
" اكيد ارتاحي..بس اعملي حسابك ان مصاريف المستشفى عليا وانا الي هوصلك بكرة دي اقل حاجة اعملهالك بعد الي عملتيه "
" المستشفى مش هتاخد فلوس عشان انا متدربة بس انا موافقة على التوصيلة " ابتسمت واغمضت عيناها
" هسيبك ترتاحي عن اذنك " ابتسم ووضع الغطاء عليها وذهب للخارج
وصلت مديحة اخيرا للغرفة
" استني حضرتك مامتها؟ "
" ايوا انا "
" طب متدخليش دلوقتي عشان هى نايمة "
" هو ايه الي حصل يا ابني حادثة ايه طمني؟ " تحدثت بقلق
" خدت رصاصة "
" رصاصة!!..خدت رصاصة ازاي! " تحدثت بفزع
" متقلقيش هى بقت كويسة بس طبيعي تعبانة شوية والرصاصة مجاتش في مكان خطر..كان فيه واحد مسلح عند قسم الشرطة والرصاصة جت فيها بس هو اترمى في الحجز دلوقتي وهيتحاكم بتهمة الشروع في القتل متقلقيش "
" يا حبيبتي يا بنتي " تحدثت وهى تضع يدها على قلبها
" ربنا يخليك يا ابني ويحفظك كتر خيرك انك وقفت معاها " تحدثت بامتنان
ابتسم " ده واجبي ربنا يطمنك عليها..واسمحيلي اوصلكوا بكرة واتطمن عليها "
" اكيد يا حبيبي ربنا يخليك "
ابتسم واستأذن وعاد للقسم
" هاتولي الزفت الي ضرب النار " تحدثت بغضب
امسكوه ووضعوه بمكتب رئيس المباحث جذبه سيف من ملابسه
" اتبسطت؟..حاولت تقتلني؟..حاولت تنتقم خلاص؟..اتخيرت ايه عن ابنك كدة؟..ابنك قتل مراته وابنه الي مكنش ذنبهم حاجة غير انهم كانوا ملزومين من واحد مريض زيه واتحكم عليه بالاعدام استفدت انت ايه بقى لما عملت النمرتين بتوعك وجت في واحدة بريئة ملهاش ذنب!! " تحدث بانفعال اما الرجل فأغمض عيناه بخوف
" اتبسط اكتر كلها كام يوم ويتحكم عليك بسجن مدى الحياة وهتموت وتتعفن هناك " تحدث بسخرية
" خده يا ابني على الحجز " قذفه على الأرض وجلس بكرسيه وهو يرمقه بنظرات الغضب
