«وما الفراق إلا لعنة حَلتْ على قلبين أنهكهما ظروف الحياة»
فيروز بهمس: مُتيم لا، أنت بتهزر صح، فوق وقولي أنك بتهزر ولا سبتني.
ثم تحول همسها لصراخ مزق ثنايا قلبها ثم:
فيروز: أنت وعدتني أنك م تسيبني نهائي، ليه خلفت بوعدك دلوقتي، ليه سبتني يا مُتيم، ليه، أعيش ازاي من بعدك دلوقتي، طب أنت نسيت ابننا، هقوله ايه أما يجي على الدنيا، هقوله إنا باباه تخلى عنه في أول لحظة، هقوله أنه م تمسك بالدنيا علشان يفضل معاه، هقوله ايه يا مُتيم
ثم علىٰ صوتها هز أرجاء المستشفى من قوته، قوة أنثى قد انهارت مع أول موقف، لا تصدق بأن مُتيمها قد غادر تلك الحياة وللأبد.
فيروز بصراخ: مُتيم لا، فوق علشان خاطري، متعملش فيا كدا أنا وابنك، بالله متعملش فيا
أخدت تصرخ لدرجة أن اقتربت أحبالها الصوتية على الانقطاع من كثرة الصدمات إلى أن أغشى عليها من فرط آلامها، لا تصدق بأن مُتيمها، عشقها الأول والأخير قد فارق الحياة، هوسها، وكل من لا في تلك الحياة مات وتركها لآلامها وحزنها تعاني بمفردها في تلك الحياة.
بعد مرور أيام العزاء، أي بمرور ثلاثة أيام:
فيروز ببكاء: لازم أدير شغلك وأعمل كل حاجة كنت بتعملها كأنك موجود معايا لحظة بلحظة، وحشتني أويي يا حبيبي، م متخيلة أنك م موجود معايا دلوقتي، ولا هترن عليا تاني تتطمن عليا، ولا هتقولي عاملة ايه، ولا هسمع صوتك تاني، م متخيلة أنك م موجود معايا خلاص.
قد عزمت أمرها على إدراة وعمل كل شيء خاص به كأنه موجود معها.
في اليوم الثاني:
كانت تجلس على مكتبه تتحسسه بشوق كبير، اشتاقت له بشدة.
فيروز بهمس: وحشتني أويي، تعرف ياريتني كنت مكانك دلوقتي، أو كنا روحنا احنا الاتنين مع بعض على الأقل م كان دا هيبقى حالي دلوقتي، وحشتني أويي.
فتحت درج مكتبه وإذا بها تجد رسالة مع مذكرات مُتيمها.
فتحت الرسالة وإذا مكتوب من خارجها:
مُتيم: إلى مَن ملكت فؤادي، إلى عشقي الأول والأخير، إلى من لجأتُ إليها حينما ضاقت بي الدنيا، إلى هوس المُتيم.
ثم فتحت تلك الرسالة وإذا بها:
عندما تقرأين تلك الرسالة، سأكون أنا بمكان آخر، ليس بيدي فراقك، آسف، ولكنها أقدار مكتوبة لنا ولا دخل لنا بها، آسف لأني تركتك تعاني وحدك في ذاك العالم المخيف، آسف لأني تركت ابني ولم أراه، أريدك أن تسميه مُتيم، فليصبح اسمه مُتيم المُتيم لكي يكون ونسك من بعدي، لا أعلم ماذا جرى لي لكي أكتب لكِ تلك الرسالة، ولكني أشعر أني سأفارقكِ مدى الحياة، فآسف للمرة المليون على فراقكِ، أعلم أن وجعكِ لا يقارن بأي وجع آخر، لكن لنتحمل لحين موعد اللقاء، فقريبا سوف نلتقي، وأريد أن أذكركِ بمذكرات المصطفى فلتتواصلي معه، وإذا لم تجديه فلتتواصلي مع ملاكه، وتلك المذكرات المرافقة للرسالة فلتقرئي كل يوم صفحة واحدة منها، وتذكريني بالخير، لا تنسي المُتيم، مُتيمك الأول والأخير يا فيروزة المُتيم.
فيروز بهمس: آه يا مُتيمي، رحلت وتركت فيروزتك وحيدة تعاني، اشتقتُ لكَ بعدد تلك الثواني التي مرت، سأنتظر لحظة اللقاء بفارغ الصبر.
«رحيلك قد أفقدني ثقتي بنفسي، عُد إليَّ أرجوك، لا أستطيع العيش بدونك.»
____________________________
«لماذا فعلتها، وتخليتَ عني من أول موقف.»
ملك بصدمة: أنت بتقول ايه، أنت بتهزر صح، مصطفى كويس، دا لسه مكلمني من ساعة وكان كويس م فيه شيء،.
أصبحتْ في هيستريا شديدة ثم:
ملك: قال مات قال، مصطفى عايش علفكرا، وأنت بتضحك عليا وعايز تخوفني عليه بس.
ثم بصراخ شديد هز أرجاء المكان:
أنت تخرص خالص م عايزة أسمع صوتك
ثم تحول صراخها لضحك مع بكاء شديد أجنتْ هذه بمجرد سماع الخبر فقط:
أنت بتهزر، ايوا أنت بتهزر، وعلشان أثبت ليك أنك غلط هرن عليه دلوقتي قدامك.
أمسكت بهاتفها ثم حاولت الاتصال به ونأسف لأن الرقم مغلق.
لربما حاولت أن تفوق من صدمتها ولو قليلا ثم:
ملك: هو م بيرد ليه، هو عايز يخوفني معاه صح.
ثم صرخت صرخة مدوية بالمكان تجمع على أثرها الكثير والكثير ولم تنادي على أحد سوى: مصطفى.
بعد مرور نصف ساعة كانت في المستشفى تراه لآخر مرة ثم:
ملك ببكاء شديد: أنت ليه عملت كدا، ليه اتخليت عني في أول موقف، ليه عملت كده يا مصطفى.
ازداد بكائها ولكن لم ينفع البكاء الآن ولم يعيد الميت كما كان ثم:
ملك: يرضيك حبيبتك ملك تكون لوحدها، مين هيطبطب عليها ويخلي باله منها دلوقتي، مين هيسأل عليها كل شوية، أحنا مش قلنا هنواجه العالم دا سوا، هنواجه والدك سوا، هنعمل المستحيل علشان نكون مع بعض، ليه انتحرت يا مصطفى، أنت مش عارف إن الانتحار حرام، طب فكرك كدا أننا هنكون مع بعض أما أموت، ليه تخسر دينك ودنيتك يا مصطفى، ليه نعمل فيا كدا، ليه تسبني في العالم المتوحش دا، ليه يا مصطفى، فوق علشان خاطري متسبنيش لوحدي، أنت مش قلت ليا هتخليك معايا دايما، حتى أما نموت هنموت مع بعض برضوا ، ليه سبتني بقا دلوقتي، طب مش أنت كنت بتقول عليا ملاك المصطفى، طب الملاك محتاجة ليك دلوقتي، ارجع ليا يا مصطفى، هموت من غيرك.
ملك بصراخ: آه، ليه يا مصطفى ليه.
من وهنا كان آخر اللقاء في تلك الدنيا، وقد أغشىٰ عليها وياليتها من فراقه.
«تركتني في دنيا لئيمة، أريد أن أراك بفارغ الصبر يا من رحلت عني وتركتني. أريد أن أراك.»
____________________________
«قلتلك لكي لا تكوني لغيري، أبالله كيف أحببتها وأنت من طعنتها بظهرها، أيوذي المحب حبيبه؟»
محمد: عايز أشوفها آخر مرة، وبعد كدا اعملوا فيا اللي أنتم عايزينه.
الضابط: أنت عبيط، عايز تشوفها بعد م قتلتها، ازاي بتحبها، وجالك قلب تقتلها، هو دا الحب من وجهة نظرك.
محمد برجاء: أرجوك، عايز أشوفها لآخر مرة.
الضابط: هشوف الدكتور الأول.
محمد: تمام.
بعد مرور نصف ساعة كان أمامها وعلى نائمة كالملاك على ذاك السرير ثم أمسك كف بدها ولثمها برقة ثم:
محمد: آسف يا عشق محمد وروحه، أنا مجنون بيك ولازلت، أنا مش عارف عملت كدا ازاي، بس أنا هاجيلك قريب أويي، وهنكون مع بعض في الجنة يا حبيبتي، أنا قتلتك علشان م تكوني لحد غيري، آسف يا ملاكي الجميل، بس أنا جنوني وشيطاني سيطر عليا، وخلاني أقتلك وبعد كدا أقتل نفسي علشان نكون مع بعض، بس خلاص قريبا هاجيلك ونكون مع بعض، مع السلامة يا عشق محمد.
رواية مُتيم بالفؤادِ.
بقلم: دينا شاهين.
أنت تقرأ
مُتيم بالفؤاد.
عاطفية«وقد أصبحتُ كالمُتيم بفوادك» لا أرى الحب إلا بوجودكَ، لا أستطيع العيش من دون النظر إلى سحر عيناكَ، لا أدري ماذا حل بي؟ حاليا لقد حُكم علينا بالفراق للأبد، لا أعرف كيف سأستيقظ من نومي دون النظر إليك، لا أعرف كيف ستتأقلم حياتي بدون، لا أعرف ماذا حل...