الفصل ال19

1.2K 75 2
                                    

الفصل التاسع عشر
===========
وقف عن المقعد وقال بهدوء شديد حد البساطة
- اطلع نام ياعمي وارتاح وبكرا كل حاجة هترجع لأصلها والصندوق عندك اهو عشان اثبت لك حُسن نيتي ولو حابب احلف لك على مصحف إني ماعنديش أي صورة لبنتك سوى زي اللي في الصندوق أو حتى العادية اللي أي ولاد عم بيتصورها تصبحوا على خير .
- متزعلش من ريان يا أدهم هو بس زعل منك وقال ازاي ابني الكبير يعمل كدا

رد باسمًا قائلا بهدوء شديد
- حاضر مش هزعل

صعد سلالم الدرج ببطءٍ شديد يكاد يجزم أن ساقاه أصابها الشلل، لقد نبش وتوغل ريان الأنصاري في ماضيه وتعمد إهانته ووجعه بشتى الطرق، ولج غرفة ابنته شاهيناز، جلس على حافة الفراش وجدها في سباتٍ عميق، ملس على خدها الناعم برقة فتحت حدقتاها وكأنها كانت تنتظره ابتسم لها رغم الالآم التي يشعر بها، غصة في قلبه
جعلته يبكِ داخليًا أكثر من خارجيًا، ابتسمت له وقالت بصوتٍ يغلبه النعاس
-أنت كويس ؟!

أومأ لها برأسها مغلقًا عيناه كي لا ترأه وهو يبكِ، رفعت عن الدثار ثم جلست على ركبتها
محاوطة رقبته من الخلف وقالت بجانب أذنه
- احكي لي عملت إيه يومك الطويل

صدق من قال إنهن مؤنسات غاليات، تهتم لأدق التفاصيل، كان يريد أن يجمع بين الأم والحبيبة لكن الله عز وجل عوضه بالصديقة والحبيبة والأم الحنونة، كل شئ تفعله بعفويتها وصغرسنها يأخذه لعالمًا آخر، وضع كفه على كفيها الصغيران وقال بنبرة مجهدة
- تعبان يا شاهي خليكِ كدا بس في حضني يمكن ارتاح

ابتعدت قليلًا عنه ثم وضعت أناملها على مقدمة رأسه وقالت
- في المدرسة علموني المساچ للراس ولكل مكان عشان يخفف التوتر والضغط، هاعمله لك

مر الوقت وهو ممد بجوارها يحدثها كثيرًا عن حياته القديمة، سألته عن سبب حزنه ودموعه المتجمعة داخل مقله رفض أن يخبرها لكنها قالت بهدوء
- أنا سمعت كل حاجة ومش عاوزة اقعد هنا تاني أنا بقيت بكره البيت دا محدش هنا بيحبك وأنا مبحبش اللي مش بيحبك

سحبها لحضنه مرة ثانية وقال بهدوء
- مين قال كدا دي مجرد خلافات بتحصل في أي بيت ومع كل أب وابنه بكرا نتثالح وكأن مافيش حاجة حصلت

ردت عليه بإصرار قائلة
- أنا عاوزة ارجع المانيا
-ليه ؟
- هناك كل الناس بتحبنا وصحابنا هناك هنا مافيش حد بيحبنا
- بس دا بيتك ودي بلدك وهنا كلهم بيحبوكِ ساجد وسليم تيتا وجدو كلهم بيحبوكِ

ردت بما لم يأتي علي باله قط حين قالت
- أنا مش بحب جدو ريان بقى وحش عشان زعلك
- أنا كمان زعلته
- بردو مش بحبه ومش عاوزة ارجع هنا تاني ابدًا

كان إصرار شاهيناز عليه بأن يوافق أن يعاودان إلى بلدها وعالمها الذي تركته وليتها لم تتركه حافزًا لأن يغادر بالفعل، قام بتحضير حاله وحالها ثم غادرا الفيلا، وقف أمام البوابة الدخلية للمنزل ينظر نظرته الأخيرة وشروق الشمس يسود المكان، عاد ببصره لابنته وقال بنبرة مختنقة
- كان نفسي تعيشي وسط أهلك، كان نفسي تحبيهم ويحبوكِ، لكن شكلك يابنتي حظك في الدنيا زي أبوكِ هاتفضلي طول عمرك غريبة في بلد غريبة، جايز في يوم نرجع تاني وجايز ترجع لوحدك

عقوق العشاق للكاتبة هدى زايد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن