«من ارث إمامنا الهادي تعلمنا العزم والجهاد والصمود»
وأما ما لقي عليه السلام من الأذى والجور والظلم من قبل الأعداء فهو كثير ونكتفي هنا بذكر بعضه.
روى المسعودي عن يحيى بن هرثمة انه قال: وجهني المتوكل إلى المدينة لأشخاص علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر لشيء بلغه عنه، فلما صرت إليها ضج أهلها وعجوا ضجيجاً وعجيجاً ما سمعت مثله، فجعلت اسكنهم وأحلف لهم اني لم أومر فيه بمكروه.
وفتشت بيته، فلم أجد فيه الا مصحفاً ودعاء وما أشبه ذلك (وفي تذكرة السبط: لم أجد فيه الا مصاحف وأدعية وكتب العلم فعظم في عيني)، فأشخصته وتوليت خدمته وأحسنت عشرته ـ فبينا أنا نائم يوماً من الأيام والسماء صاحية والشمس طالعة إذ ركب وعليه ممطر وقد عقد ذنب دابته، فعجبت من فعله فلم يكن بعد ذلك الا هنيئة حتى جاءت سحابة فأرخت عزاليها ونالنا من المطر أمر عظيم جداً، فالتفت إلي وقال:
«أنا أعلم انك أنكرت ما رأيت وتوهمت إني علمت من الأمر مالا تعلمه وليس ذلك كما ظننت ولكن نشأت بالبادية، فأنا أعرف الرياح التي يكون في عقبها المطر، فلما أصبحت هبت ريح لا تخلف وشممت منه رائحة المطر، فتأهبت لذلك».
فلما قدمت إلى مدينة السلام بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري ـ وكان على بغداد ـ فقال لي: يا يحيى ان هذا الرجل قد ولده رسول الله صلى الله عليه وآله، والمتوكل من تعلم، وان حرضته على قتله كان رسول الله صلى الله عليه وآله خصمك، فقلت: والله ما وقفت لهالا على كل أمر جميل.
فصرت إلى سامراء، فبدأت بوصيف التركي، وكنت من أصحابه، فقال: والله لئن سقطت من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون المطالب بها غيري، فعجبت من قوله وعرفت المتوكل ما وقفت عليه، وما سمعته من الثناء عليه، فأحسن جائزته وأظهر بره وتكرمته.
![](https://img.wattpad.com/cover/323487115-288-k890920.jpg)