الفصل السادس عشر

1.6K 48 0
                                    

الفصل السادس عشر
هل هي النهاية

انهمكت سلام في ري أصص الزرع المرصوفة على حافة الشرفة الصغيرة بينما كان عقلها شاردا كالعادة .. في الواقع .. منذ غادر جهاد شقة خالتها قبل 3 أسابيع .. وهي تعيش في حالة انفصال عن الواقع .. كانت تأكل .. وتشرب .. تجيب عن أسئلة خالتها .. وتستمع إلى احاديث عماد .. في جمود يبعث على الشفقة .. وكان جزءا حيويا من روحها قد مات .. رغم توق خالتها للإلحاح المستمر عليها بان تتصل بجهاد .. وتسوي الأمور معه .. إلا أنها كانت تعرف بأن أي ضغط من جانبها قد يزيد حالة سلام سوءا .. كانت تبدو كمن يعاني من صدمة متأخرة .. بعد سنوات من التماسك والتظاهر .. وإخفاء الحقيقة عن الآخرين ..
الشيء الوحيد الذي كان يطمئنها على ابنة أختها .. كانت اللحظات المتأخرة من الليل التي تستمع فيها خلسة إلى نحيب سلام .. وهي تحسب بأن سكان الشقة نيام .. بكاؤها كان دلالة على تحسنها ... وأن كل ما تحتاجه هو الوقت فقط كي تهدأ وتنسى .. و تبدأ باستعادة حياتها
لفت نظر سلام أصوات المارة القادمة من الشارع .. فأطلت برأسها إلى الأسفل .. فرأت امرأة تجر عربة أطفال.. تجري أمامها طفلة صغيرة .. كانت تتراقص في مشيتها وهي تغني بصوت مرتفع جذب الانظار إليها .. فابتسمت سلام لا إراديا .. ثم سرعان ما اختفت ابتسامتها عندما انتابها تساؤل مرير .. هل سأحظى يوما بطفلة مثلها ؟
تذكرت الأيام التي تلت اعتداء ماجد الوحشي .. الخوف القاتل الذي لازمها ليل نهار من أن ينتج عن اعتداءه عليها حمل غير مرغوب به .. كانت صغيرة .. مضطربة .. وخائفة من اكتشاف أحدهم لمصيبتها .. وعندما جاءت دورتها الشهرية في موعدها .. بكت ارتياحا .. وشكرت الله كثيرا
لقد كانت محظوظة فحسب .. كما كانت عندما اختار ماجد أن يتركها تذهب .. ورماها على قارعة الطريق بدلا من أن يقتلها
فكرت بابتسامة مريرة .. من كان ليظن بأنها ستجد شيئا تمتن له في حياتها .. انبت نفسها على سلبيتها .. وذكرتها بان هناك الكثير مما لم يتوفر لغيرها ممن عانوا من محنة كمحنتها
فهي لديها خالة حنون كانت دائما بمثابة الأم لها .. وأظهرت لها من الدعم الكثير عندما عرفت الحقيقة .. ما خفف عنها إحساسها بالنقص وازدراء الذات
لديها عماد .. الأخ الذي نضج كما تتمنى .. وبات مؤخرا أكثر قربا منها .. خاصة عندما جلسا معا أخيرا وتكلما عما حدث
لديها جهاد .. رجل وسيم .. متسلط وقاسي أحيانا .. ومندفع في أكثر الأحيان .. ولكنه يحبها .. هي تصدق حقا بانه يحبها .. وبانه يريدها ان تعود إليه ليبدآ حياتهما من جديد .. بطريقة صحيحة هذه المرة
هي من لا يستطيع تجاوز الماضي .. هي الغير واثقة إن كان جهاد سينسى ما فعله ماجد بها أم لا
عادت تنظر إلى الأسفل حيث اختفت الطفلة مع أمها .. وأحست بخواء كبير .. وألم وهي تتساءل مجددا .. هل ستصبح أما في يوم من الأيام ؟ هل ستحمل بين ذراعيها يوما .. طفل جهاد ؟
جمدت مكانها وقد تفجر داخل عقلها شيء أشبه بضوء شمس صغيرة .. أحست في تلك الحظة وكأن الضباب أمام عينيها قد انقشع .. وأن الرؤية قد باتت واضحة تماما لها
في تلك اللحظة .. بينما كانت غائبة بين أفكارها .. اجتذبها ضجيج قادم من داخل الشقة .. فتركت ما تقوم به .. ودخلت لتجد عماد واقفا في الصالة .. ملتصقا بالجدار .. وقد ابيض وجهه وعلاه الذعر الخالص ... كل جزء من جسده النحيل كان ينتفض مما جعل قلب سلام يهبط خوفا بين قدميها
المرة الوحيدة التي وجدت فيها ابن خالتها في هذه الحالة .. كانت ...
اندفعت نحوه لتسنده قبل أن يقع وهي تصيح بقلق :- عماد .. ما الذي حدث ؟
ارتعشت شفتاه .. وقد بدا غير قادر على التفوه بحرف .. هزته بعنف هذه المرة وهي تصيح :- عماد .. قل شيئا
همس بصوت مرتجف :- لقد رأيته .. رأيته .. عرفني وحدثني .. لقد كان غاضبا للغاية
تعاظم خوفها وهي تقول :- من هو ؟ من الذي رأيته يا عماد ؟
ما إن أنهت طرح سؤالها حتى عرفت الإجابة وحدها .. تركته فجأة وتراجعت وهي تحيط وجهها بيديها هامسة :- لا .. ليس هو
هز رأسه بيأس :- لقد رأيت ماجد .. أمسك بي .. وطرح علي الأسئلة .. لقد كان مختبئا لسنوات منتظرا الفرصة ليظهر مجددا
احست بصدرها يضيق .. وبوعيها يكاد يهرب منها .. تماسكت بصعوبة وهي تقول :- ما الذي أراده منك ؟ عم سألك بالضبط ؟
:- عن جهاد
صرخت بعنف :- لا
قال عماد باضطراب :- لقد عرف منذ سنتين بأن جهاد لم يمت .. وعندما قرأ في الصحف منذ أيام خبرا عابرا عنه .. عادت إليه رغبته في الانتقام .. لحسن الحظ أنه لم يعرف بعلاقتنا به .. لقد صدقني عندما أخبرته بأنني لا أعرف عن جهاد أي شيء .. فقال بانه سيجده بنفسه .. وان هذا لن يكون صعبا في مدينة صغيرة كهذه
جهاد في خطر .. تلاشت جميع الأفكار والمخاوف من رأسها .. وتردد صدى تلك الفكرة يدوي داخل رأيها
جهاد في خطر
بدون تفكير .. ارتدت حذائها .. ووضعت عليها سترتها الجلدية المعلقة على المشجب .. فسألها عماد بقلق :- إلى أين أنت ذاهبة ؟
تمتمت وهي تفتح الباب :- جهاد في خطر .. إن كان ماجد ينوي شرا .. فجهاد يجب أن يعلم
ودون انتظار أي رد منه .. خرجت .. وصفقت الباب ورائها
.. بينما كانت سيارة الأجرة تقطع بها الطرقات .. تناولت هاتفها المحمول .. واتصلت بجهاد .. لأول مرة منذ أسابيع .. أتاها صوته متلهفا :- سلام
قالت فورا :- يجب أن أراك
لم يعجبه صوتها .. فقد بدا خائفا مرتعشا .. ومشبعا بالتوتر .. قال بقلق :- ما الأمر ؟.. أين أنت ؟
:- في طريقي إلى .. الى الشقة
كاد لسانها يزل وينطق بكلمة شقتنا لولا أن تداركت الأمر .. قال فورا وبلا تردد :- سأكون هناك خلال دقائق
حدقت بالهاتف الصغير بعد أن أنهت المكالمة .. وأخذت تتذكر كل كلمة نطق بها .. كل نبرة لصوته .. واجتاحها شوق عميق .. وحماس كبير مفاجئ ..سوف تراه أخيرا .. ستكون معه في مكان واحد.. تنظر إلى عينيه .. تشعر بأنفاسه .. وبجاذبيته وقوة جسده
ثم تذكرت ماجد .. فشدت أصابعها حول الهاتف بقوة .. يا إلهي .. لا تسمح له بأذية جهاد .. أحست بان الزمن قد عاد إلى الوراء .. وأنها قد عادت مجددا تلك الفتاة الصغيرة التي وجدت نفسها فجأة ملتزمة بوعد قطعته على نفسها بحماية رجل غريب
هذه المرة .. لم يعد الرجل غريبا .. إنه الرجل الذي تحب وتعشق .. وجدت نفسها مستعدة لبذل حياتها من جديد مقابل حماية جهاد
توقفت السيارة أخيرا أمام المبنى المألوف .. فنقدت السائق مبلغا من المال دون أن تعده .. ثم اندفعت إلى داخل المبنى .. تعتلي الدرج راكضة نحو الشقة التي ظنت بأنها لن تعود إليها .. ارتجفت يدها وهي تحاول فتح قفل الباب .. وعندما نجحت في فتحه .. أطبقت يد خشنة على فمها تكتم انفاسها فجأة .. ودفعت من قبل قوة مجهولة إلى داخل الشقة .. سجلت غرائزها على الفور ما عجز عقلها عن استيعابه بعد .. سرت رائحة مألوفة كريهة بين أنفاسها .. رائحة هي مزيج من النيكوتين .. والعرق .. والقذارة .. أنفاس خشنة لفحت أذنها وعنقها .. فانتفض عقلها أخيرا بإدراك تام لما يحدث .. زحف الرعب على طول ظهرها .. وشل أطرافها التي استحالت إلى قطع من العجين .. اتسعت عيناها بينما دوى ذلك الضجيج الصاخب المألوف في أذنيها .. كلما هاجمتها الذكريات .. هذه المرة .. لم تكن الذكريات ما يهاجمها
دوى الصوت الأجش في أذنها خافتا .. غاضبا .. متوحشا وهو يقول :- أليس العالم صغيرا يا عزيزتي ؟ ..
تدفقت الدموع من عينيها .. وبدأ جسدها يرتعش بقوة .. بينما تابع كلامه بصوته الذي لم تنسه قط :- من بين كل بقاع المدينة .. أصطدم بك هنا .. في بيت غريمي اللدود .. أنت ماهرة للغاية كي توقعي بحبائل رجل مثله .. هل يعرف صديقنا المشترك بأن تاريخا ساخنا يجمعنا ؟؟
أغمضت عينيها بقوة .. وأخذت تنشج تحت كفه الرطبة .. أدارها إليه فرات وجهه أخيرا .. وجه الرجل الذي حطم حياتها .. الوجه الكريه المشعر .. العينين الحمراوين الغاضبتين .. الفم الغليظ الكريه الأنفاس .. كادت تفقد وعيها بين يديه لولا أن جعلتها فكرة وجودها بلا وعي معه في مكان واحد تتماسك .. قال ضاحكا باستهزاء :- أم انه لا يبالي إن سبق ولهى أحدهم بدميته مادامت تمنحه ما يريد من المتعة ؟؟ ..الرجل الثري المحظوظ الذي اعتاد الحصول على كل شيء .. لقد نجا قبل سنتين بمعجزة .. أفلت من بين يدي بسبب غانية فاتنة ذهبية العينين .. تركتك تذهبين ذلك اليوم .. ولكنك ستدفعين الثمن كاملا هذه المرة
أرادت أن تتوسله أن يرحمها .. إذ كانت عاجزة حتى القيام بأي حركة مقاومة .. إلا أنها لم تستطع سوى أن تبكي وتبكي وهي تقاوم السحابة الداكنة التي بدأت تغلف عقلها
قال فجأة بخشونة :- والآن .. متى سيعود عشيقك المدلل ؟ من الأفضل لك أن يعود مبكرا كي لا تدفعي أنت ثمن تأخره
برقت عيناه وثقلت أنفاسه النتنة .. فتشنجت مذعورة وقد عرفت مغزى نظراته .. في تلك اللحظة .. دوى صوت جهاد يصرخ به غاضبا :- انزع يديك القذرتين عنها
التفت ماجد نحو جهاد دون أن يترك سلام .. كان جهاد واقفا عند باب الشقة المفتوح .. وبين أصابع يده يقبع مسدس صغير .. كان مصوبا نحو ماجد الذي لم يضيع وقته على الإطلاق
جسد سلام الضئيل .. كان درعه في وجه سلاح جهاد .. مما مكنه من إخراج سلاحه .. وزرع فوهته اسفل ذقن سلام وهو يهتف :- تجرأ واضغط الزناد .. وسأفجر راسها فورا
شحب وجه جهاد وهو ينظر إلى سلام التي كانت في حالة يرثى لها .. كان وجهها شاحبا .. وقد سالت الدموع من عينيها بغزارة مبللة وجنتيها الناعمتين .. عيناها كانتا متسعتين بذعر مجنون .. وجسدها كان يرتعش بين يدي ذلك الرجل وقد بدت على وشك فقدان الوعي في أي لحظة .. ذاب قلبه ألما وهو يتخيل مشاعرها .. وفارت الدماء في عروقه غضبا وكراهية لاحتضان ذلك الحقير لها ..
لم يكن في هذه اللحظة خائفا على نفسه رغم معرفته التامة لنوايا ماجد الصريحة لقتله .. كان يفكر بسلام .. بحبيبته الصغيرة الضعيفة .. التي كان مستعدا للموت برضا في سبيل تجنيبها ما تعاني منه الآن
نظر إلى غريمه .. إلى الرجل الذي أذاقه ألوان العذاب قبل سنتين .. الرجل الذي دمر حبيبته وأذاها .. كاد يجن عندما اتصل به عماد أثناء قيادته سيارته إلى شقته للقاء سلام .. كان الشوق يغمره للقائها أخيرا .. لرؤيتها والتحدث معها .. وقلبه يحدثه بأنها قد عدلت عن رأيها .. وإلا ما كانت طلبت مقابلته .. اتصال عماد جعل قلبه يسقط بين قدميه ذعرا وهو يسمعه يتحدث بشكل هستيري عن لقائه بماجد وعن ذهاب سلام إليه لتحذيره ... الفكرة الوحيدة التي طرأت في ذهنه هي أن سلام متجهة إلى شقتهما حيث قد يكون ماجد قابعا في انتظاره .. سجل لنفسه بسرعة في تلك اللحظة بأنه إن كتب له العمر .. فسينهال ضربا على شقيق زوجته حتى يفقده الوعي على قلة حيلته وسماحه لسلام بالخروج وحيدة
كان وحيدا في السيارة بلا حراسة هذه المرة لسوء حظه .. ولماذا قد يحتاج إلى حراسه معه أثناء لقائه بزوجته ..؟ قاد بسرعة جنونية وهو يستل مسدسه المرخص من صندوق السيارة .. حيث يحتفظ به دائما .. بينما قلبه يخفق بقوة خوفا على سلام .. وقد كانت مخاوفه في محلها
الرجل الذ دمر حياتهما معا .. كان واقفا أمامه .. يبدو مختلفا عما كان عليه قبل سنتين .. وجهه كان أكثر نحولا .. وأكثر قسوة .. وكأن الفترة التي قضاها هاربا لم تكن أبدا بالسهلة عليه .. كان غاضبا .. مشبعا بالكراهية والرغبة بالانتقام .. عبثا حاول جهاد إقناعه قبل سنتين بأنه قد طرد شقيقه من عمله مرغما بعد أن ضبطه يسرق بكل صفاقة وفي أوقات العمل الرسمية .. كيف له أن يعرف بأن طرده له .. سيدفع زوجته لتركه .. وسيمنع الآخرين من توظيفه ليقتل نفسه في النهاية كمدا ويأسا ..
جهاد لم يتعمد على الإطلاق أن يدمر حياة شقيق ماجد .. وجزء منه .. متأكد بأن ماجد لا يحمله كامل المسؤولية .. هو فقط شخص مريض عانى من ويلات المجتمع .. وجد فرصته في الانتقام من ظروفه البشعة في قتل جهاد .. نموذج للشخص الذي لم ولن يكونه يوما
كان من الممكن لجهاد أن يتعاطف معه .. ومع أعذاره .. وما عاناه في حياته .. ولكنه أبدا لن يسمح للرجل الذي أذى سلام بالنجاة بفعلته .. نعم .. سلام هي ما يهمه الآن .. عرف بأن ماجد لن يتورع عن قتلها إن وجد من جهاد أي تعنت أو عناد .. فقال مجبرا نفسه على التزام الهدوء :- اتركها خارج المسألة يا ماجد .. لا علاقة لها بمشاكلك معي .. دعها تذهب .. وسنتواجه أنا وأنت رجلا لرجل
ضحك ماجد باستهزاء غاضب وهو يقول :- وهل أتخلى بهذه البساطة عن بطاقتي الرابحة ؟ .. يبدو أن ملاك الرحمة الجميلة قد أصبحت شيئا مهما بالنسبة إليك يا صديقي .. ومن يلومك ؟ .. جمال هذا .. لا يمكن لبشري أن يكتفي منه
أغمضت سلام عينيها بقوة وانتفض جسدها اشمئزازا عندما قرب ماجد وجهه منها ليتنشق رائحتها العطرة .. بينما تشنج جسد جهاد غضبا وثورة .. إلا أنه حافظ على هدوءه بإرادة حديدية وهو يقول :- دعها تذهب .. أنت أكثر رجولة من أن تحتمي بامرأة
إن ظن بأنه قد مس كرامة الرجل في ماجد فقد أخطأ .. قال الأخير بخشونة :- أنا أكثر ذكاءا من التخلي عنها ما دمت تحمل سلاحك بيدك .. ارمه أرضا على الفور وإلا شوهت وجهها الجميل برصاصة قاتلة
لوح جهاد بمسدسه ثم رماه بعيدا بلا تردد وهو يقول :- ها قد تخليت عنه .. وأنت لم تعد بحاجة إليها
نظرت سلام إلى جهاد باكية بصمت .. لماذا .؟ لماذا فعلت هذا ؟ لن يتردد في قتلك الآن وحرماني منك وقد وجدتك أخيرا .. وقد أدركت بأنني لن أستطيع العيش بعيدا عنك
عينا جهاد الخضراوين .. نظرتا إليها بإصرار .. كان يخاطبها بصمت .. ويرجوها ان تتماسك .. حبيبتي .. لن أسمح له بأذيتك .. حتى لو مت لقاء هذا .. فقط تماسكي .. لن أستطيع هزيمته بدون مساعدتك .. نعم .. كما فعلت قبل سنتين .. أنت قادرة على أن تعودي تلك الفتاة القوية التي تحدت الخطر لأجلي .. افعليها الآن لأجلنا معا .. لأجل مستقبلنا .. لأجل حياتنا القادمة
بينما كان كل منهما غارق في حديثه الصامت مع الآخر .. وجه ماجد فوهة مسدسه نحو جهاد قائلا انتصار :- ها قد وقعت تحت قبضتي يا ابن الحسب والنسب .. لن ينقذك مني أحد .. ستدفع ثمن كل ما فعلته في حياتك .. سأقتلك وإن قضيت البقية الباقية من حياتي في السجن
شدت ذراعه سلام إليه .. وقرب فمه منها قائلا بوحشية :- ودعي حبيب القلب يا عزيزتي
وكأن كلماته كانت ما احتاجت إليه سلام كي تصحو من غيبوبتها .. كي تتخلص من جمود عقلها وشلل أطرافها .. رؤية السلاح الموجه نحو جهاد .. جعلت صرختها تشق الهواء وهي تدفع يده الممسكة به ..
استغل جهاد ارتباك ماجد وانشغال عينيه عنه بسلام التي تحركت فجأة .. وانقض على الفور على غريمه يلقيه أرضا .. مما دفع بسلام جانبا بقسوة فاصطدمت بالجدار بعنف وسقطت على الأرض بلا حراك
رغما عنه.. ألقى جهاد نظرة قلق نحو سلام منحت خصمه الفرصة ليقلب الموازين .. ويوجه لكمة عنيفة إلى فك جهاد ثم يجثم فوقه مكبلا حركته .. وموجها المسدس نحو رأسه هذه المرة
أطلق ضحكة هستيرية وهو يهتف :- لن تفلت مني هذه المرة .. سأقتلك .. وبعد أن أقتلك .. سأمرح مع صديقتك الصغيرة .. وأحرص على أن تكون واعية هذه المرة لكل لحظة قبل أن أقتلها بدورها ..
برقت عينا ماجد بوحشية مرضية .. وبدا في حالة من الصعب أن يستمع فيها إلى المنطق .. أغمض جهاد عينيه .. فأطل أمامه وجه سلام الجميل الذي لم يعرفه منذ التقى بها إلا خائفا أو متألما .. اعتذاره الصامت لها .. كان آخر ما فكر به قبل أن يدوي صوت الطلق الناري ليتردد صداه العنيف في كل زوايا الشقة .. والحي كله .. منذرا بالنهاية


 انتهى الفصل

رواية سلام لعينك لكاتبة بلومىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن