الفصل العاشر

1.7K 50 3
                                    


الفصل العاشر
لا صداقة

استيقظت سلام صباح الجمعة في وقت مبكر للغاية .. لذا فوجئت برؤية جهاد مستيقظا ويحتسي فنجانا من القهوة أثناء وقوفه قرب نافذة المطبخ .. ينظر عبرها إلى الشارع الهادئ .. المفاجأة لم تسمح لها بالقيام بأي حركة حتى استدار ليراها تقف عند الباب لا ترتدي سوى قميص نوم رقيق .. شعرها مشعث حول وجهها الذي علته آثار النوم
أحست بالحرج عندما تفحصتها عيناه الباردتان بدقة .. وكادت تفر إلى غرفة النوم لولا إحساسها بسخافة موقفها .. فهو زوجها على أي حال .. وملابس نومها هذه تعتبر محتشمة .. مررت يدها عبر شعرها في محاولة يائسة منها لترتيبه .. وقالت بصوت خرج أجشا بالرغم مها :- صباح الخير
تحرك ليضع فنجانه الفارغ في الحوض قائلا :- صباح النور
راقبت باضطراب رشاقة حركاته .. وتناسق جسده الرجولي الذي لم يستره إلا سروال قصير أزرق اللون .. بهتت وهي تنظر إلى عضلات صدره القوية وكتفيه العريضتين .. وتذكرت فجأة ليلة زفافهما التي لم تتكرر
احمر وجهها .. وأبعدت نظراتها عنه .. وهي ما تزال عاجزة عن مغادرة المكان .. ما الذي يفعله هنا ؟ لقد اعتادت ان تجد الشقة فارغة عند استيقاظها حتى صباح الجمعة .. حيث كان يجد عذرا كي يخرج باكرا جدا .. ودون ان تشعر .. فقط كي لا يضطر لقضائه معها
ثم تذكرت الرحلة المنتظرة إلى المزرعة .. كيف يشعر وقد وجد نفسه عالقا معها لقضاء يوم كامل
ابتسم بلطف فأحست وكأنها ستفقد الوعي أمام التأثير المدمر لابتسامته النادرة .. إنه يبتسم حقا لها .. وفي غياب الشهود .. لماذا ؟ لماذا ؟
قال :- لقد صنعت كمية إضافية من القهوة .. ما رأيك بها كبداية لنهار جميل ؟
قالت باضطراب :- لا .. لا بأس
صب باقي محتويات دلة القهوة في فنجان نظيف وهو يتحاشى النظر إليها .. إذ بدت بمظهرها هذا أشبه بحورية رائعة الجمال .. كل ما فيها كان يطيح بصوابه .. وقميص نومها الرقيق ذو الحمالات الرقيقة .. الذي اظهر كتفيها الرقيقين وجزءا كبيرا من صدرها المنطلق بحرية تحت القماش الناعم .. لم يساعده على الإطلاق في مكافحة الحاجة الملحة لحملها بين ذراعيه وإعادتها إلى غرفة النوم ليشبع جوعه الشديد إليها
لقد كافح مشاعره بصعوبة في الفترة السابقة .. ولكن ما ساعده هو قضاءه لنهاره كاملا بعيدا عنها .. ونومه في غرفة المكتب بعيدا عنها منذ ليلة زفافهما المشؤومة .. ومحاولته الجاهدة لتحاشيها وتحاشي تأثيرها عليه
ولكنه لم يستطع الهروب من الاجتماع بها صدفة بين الحين والآخر .. وامام العائلة .. بقدر ما كانت رؤيتها تعذبه .. فقد كانت ترضي شوقه الكبير الدائم إليها
وضع الفنجان على طاولة المطبخ .. فجلست على المقعد الخشبي شاكرة له بخفوت .. ثم قالت محاولة كسر التوتر الذي تشبع به جو الغرفة :- متى يفترض بنا المغادرة ؟
:- بعد نصف ساعة لا أكثر .. لا أحب لدي من السباحة المبكرة
حركت فنجانها شاردة للحظات ثم تمتمت :- أنا آسفة لأنك مضطر لاحتمال صحبتي طوال النهار
فاجأها بقوله :- صحبتك ليست سيئة إلى هذا الحد
رفعت رأسها إليه قائلة بدهشة :- حقا ؟
ابتسم إذ بدت له أشبه بطفلة صغيرة تنتظر كلمة إطراء من معلمتها .. وقال بهدوء :- إذا كان علينا البقاء معا لأشهر .. فلنكن أصدقاء على الأقل
فكرة أن تكون صديقة لجهاد أثارتها .. وأرعبتها في الوقت نفسه .. هي لا تريد أن تكون صديقة لجهاد .. في الحقيقة لن يتمكن من مصادقتها مع كم الاحتقار الذي كنه لها .. صحيح أنه يعاملها بلطف هذه الأيام .. ولكن مشاعره الحقيقية والحاقدة نحوها ستظهر في أي لحظة .. وفي أول موقف .. هزت رأسها بحزن قائلة :- لا أظن هذا ممكنا
أحس بضربة لا مرئية تلطم معدته .. لماذا قد ترغب بصحبته او صداقته بعد كل ما فعله بها .. بعد تفكير ملي .. هو أيضا لا يستطيع تحمل صداقتها .. لأن ما يريده منها بعيد تماما عن الصداقة .. نهض قائلا بجفاف :- أنا أيضا لا أظن هذا
ثم تابع :- من الأفضل أن تجهزي نفسك كي ننطلق على الفور
أومأت برأسها .. وراقبته يغادر المطبخ مسرعا .. فانتابتها نوبة يأس كبيرة كادت تتسبب ببكائها مجددا .. لولا أن تماسكت بقسوة .. وأجبرت نفسها على التحرك إلى غرفة النوم لترتدي ملابسها

رواية سلام لعينك لكاتبة بلومىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن