الفصل الثاني عشر

30.2K 830 53
                                    

أحترم عقول البشر لكن لا أثق بهم
ويليام جيتس.
❈-❈-❈

لا يستطيع المرء أن يشعر بالراحة واﻷمان طالما وراءه مسئوليات تجاه اﻵخرين، خاصة وإن كان هو الوحيد القادر على تحمل تلك المسئولية، ويشعر هذا اﻻنسان دائما بحاجته لمتنفس عن مسئولياته مع اقرب الناس إليه حتى يفضي ما بداخله أمامه ليستريح من عناء ما يحمله، ولكن بوجود مخاطر تحيط بالجميع وخاصة من يتنفس لأجلهم فهذا يجلعه يشعر بغصة من مجرد التفكير بأذيتهم، ووقتها قد يتشتت ويفقد تركيزه للحظة ربما أو أقل فيحدث ما لا يحمد عقباه.

ربما استخف قليلا بقدرة خصومه بالرغم من جمعه للكثير من المعلومات عنهم وعن أعمالهم وقوتهم، ربما لعب غروره دوراً هنا في تلك المعادلة الصعبة والتي يجد نفسه فيها خاسراً خسارة فادحة بالرغم من اتخاذه لكافة الاجراءات التي اعتقد انها تحميه هو وزوييه، ولكن جاءت ضربة أعداءه بالقوة التي جعلته عاجزاً عن التصرف أو إيجاد حل.

رفع عينه فوجدها تنظر له بلمعة من الذعر والخوف الذي يعلم ملامحه تماما عندما يسيطر عليها؛ فنهر نفسه على اشراكها معه بتلك اﻻمور التي لا ناقة لها بها ولا جمل، وكل ما سيحدث هو حالتها الخائفة التي يراها أمامه بأم عينه.

رمقها بنظرات مطمئنة قدر المستطاع واستمع لها تسأله بتوتر ملحوظ:
-يعني أنت كنت عارف إن في مخطط بس معرفتش هو إيه مش كده؟

نفى برأسه واكد:
-عرفت كانوا ناويين على ايه، بس الواضح انها كانت لعبه منهم على ولاد مروان عشان يشوفوهم هينفذوا ولا لأ.

لم تفهمه فنظرت له بحيرة وسألته من جديد:
-انا مش فاهمه حاجه، ولاد مروان كانوا عارفين أنهم هيولعوا في المصنع؟

حرك رأسه نافيا وأجابها:
-ﻷ يا ياسمين، كانوا مفهمينهم إن التهديدات هتكون ليكم انتم، بلغوني انهم ناويين يخطفوكم زي ما خطفوا مامتهم عشان يساوموني.

ابتلعت ريقها بتباطئ وهمهمت بخفوت:
-ولما هي الحكايه كده، ايه اللي وصلهم للمصنع؟

اطرق رأسه وزفر زفرة قوية وقال بضيق:
-اكيد كانت لعبه منهم عشان يتاكدوا أنهم معاهم.

حاولت أن تجلي حلقها وعادت لأسئلتها التي لم ولن تنتهي:
-برده أنا مش فاهمه حاجه، يا فارس فهمني أنا خايفه ومرعوبه عليك وعلى الولاد.

مسح بيده على و جهها ووجنتها نزولاً لعنـ قها وخلف أذنها برقة شديدة، وتحدث بقوة كعادته:
-اوعي تخافي طول ما أنا موجود، أنا مستحيل اخلي أي حاجه تحصل لكم طول ما أنا عايش على وش الدنيا.

اقترب منها وقبـ ـلها قبـ ـلة رقيقه غير مثيـ ـرة فقط تلامس شفـ ـتيهما بحنان، وابتعد ينظر لها ببسمة مصطنعة وقال مازحا بسخرية:
-عارفه نفسي ايه؟

تصنعت الإبتسام هي اﻻخرى وسألته:
-ايه؟

أجابها وهو يسحب نفساً عميقاً بداخله وطرده للخارج بقوة:
-نفسي في سيجار كوبي من النوع الجولد، كان بيعدل دماغي أحسن من عشر فنجانين قهوه.

روضتني (الجزء الثالث من احببت طريدتي وترويض الفهد) كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن