نحو الموت ( البداية)

360 6 9
                                    

- ها هي ذي البداية بالنسبة لكم ، لكنها كانت نهايتي ، كانت آخر خطواتي في ذلك الطريق المغلق ، ليس بعدها سوى الموت ، يرافقه أصوات صاخبة ، ليست سوى ضجيجي الداخلي ، مع كل خطوة أتقدم بها نحو هاوية الهلاك ، تتدفق دموعي على وجنتاي الرطبتان و كأنهما اعتادتا على ذلك المجرى ، صوره العالقة برأسي كذكريات تأبى الإنصراف ، ابتسامته التي سقط قلبي معها في كل مرة ، غيرته التي لا تحتمل لكنها بطريقة ما كانت تروق لي ، ملمس كفه على خاصتي الذي يسيطر على كل حواسي كأنما لا يزال يستمتع بتلك اللحظات ، عيناه التي غرقت في محيط بُنِِّيَتَيْهما ، كلامه و أذواقه التي لازلت أحفظها كأنها كتاب مقدس ، لطالما كنت سيئة الذاكرة ، لكنها الآن كرَّست مجهوداتها لتدميري تذكِّرني بذكريات لن تُكَرَرْ ، لا شيء قبله و لا شيء بعده ، لا أستطيع أن أتخيل حياةً ليس بها ، كلما مشيت في ذلك الطريق المستقيم الذي تعلو على جانبيه أشجارٌ أقل ما يقال عليها مخيفة ، لكنها ليست بقدر وحشيتي الآن ، قلب لعين لا يفلح سوى أن ينبض للذي لا يبادله ، مشاعر لعينة تطالب بما لن يكون في حوزتها يوماً ، الحياة ؟؟ ، مفهوم لم يخلق سوى لتعذيبنا ، شغف فحب يليهما سنوات من الفراق ، فلما من الأساس نحب ؟ ، لما و اللعنة على الأمور أن تمشي بما لا نشتهيه ، أكره كوني سرت وراء سرب الاحلام ذاك مجرَّدَةٍ من حقيقة تعيق طريق فرحي الذي كان لحظيا ، لن تكفِّرَ عن خطيئته سوى الدموع ، تلك القطرات النابعة من القلب قبل العين ، تلك التي تنزفه بشدة ، حتى يفقد عقلي آخر ذرات المنطق به ، ليتك عشت يا هالينا اكثر من هذا ، و لربما جملتي هذه متناقضة للغاية فاسمي لا يمثل أبدا ما سأقدم على فعله ، و لعل والدي أطلق عليَّ اسم "هالينا" الذي يعني القوة ، حتى يدعمني و لو قليلاً ، لكنه تركني أيضا ، لم يعد لدي كتفٌ هادئ استند عليه ، لذا أفضل الرحيل .... الرحيل للابد وبصمت ، تماماً كصمتي الدائم الذي لا يعكس أبداً صَخَبِي الداخلي .

سنوات الضياع Where stories live. Discover now