خواطر : اليوم الأول

38 1 0
                                    


الساعة : الحادية عشر ليلا

لقد مر بالفعل خمسة أيام على رحيلك ويليام ، و قد غلفت الكآبة أوصالي ، أشتاق إليك كثيراً و أريدك بقربي ، أعلم أن هذه المشاعر كثيرة على التي لم تعترف بحبها ، و كثيرة أيضاً على التي لم تعلم بأن الذي تعرفه منذ شهر كمثابة أخٍ هو في الأصل رفيقها ، لكني أدركت مع رحيلك أنني لطالما كنت أشُن حرباً على مشاعري و لم أستسلم لها حتى علمت أنك قدري المُحَتَم ، أنت غائب لكنك لازلت حاضراً بقلبي كالمرة الأولى التي رأيتك فيها و أنكرت إعجابي ، لازالت إبتسامتك عالقة بذهني، و لا زالت قهقهتك الرنانة بمسامعي ، لم أكتفي من الاحتفاظ بلمسة يدك على كفي ، و لتعلم أنك محاط بتفكيري في كل التفاصيل التي تقوم بها بيومك ، لا أعلم أين أنت و ما الذي تفعله و لا حتى لما ابتعدت ، لكن ما أعلمه أنه لا أنا و لا أنت قادران على التخلص من لعنة الحب ، هو لن يستشيرنا فيما يفعله تماماً كأول مرة ، ثم يأتي ذاك المثال : " بعيد عن العين ، بعيد عن القلب " هذه المرة أخطأوا ، فلا أنا أستطيع إبعادك و لا قلبي يريد ذلك ، ثم انها اول مرة ينْظَمُّ عقلي لمشروع تديره المشاعر ، لأنه يعلم جيداً أنها ليست عابرة ، بداخلي أمل لم و لن يمل من الانتظار ، لطالما كرهت قصص الأميرات ، لأنهن دائماً ما انتظرن قدوم الأمير ، كان الانتظار حليف النساء منذ القدم ، لقد كان لعنتهن الخاصة ، حتى باتوا يعودونا عليه منذ الصغر ، لقد علموا أننا سنحتاجه يوماً ، لقد كنت أشد الرافضات للإنتظار لكني أصبحت حبيسته ، كرهتك لأنك غيرت من معاييري ، لكن الكره أيضاً لم يجد مجالاً للتصلب بقلبي لأن الحب استوطن المكان ، لقد أصبحت وحيدة محاطة بالبشر ، أصبحت كئيبة بابتسامة على الوجه ، لقد أصبحت تائهة كأنني مع ضياعك تهت أيضا ، أعلم أنك يوماً ما ستعود ، فماذا عن سنوات الضياع التي أعيشها ؟ ، نعم ، فالأيام تمر كأنها سنين يا رفيقي ، اشتقت لبنِّيَّتك ، اشتقت لغمازتيك ، حتى إنني اشتقت لنوبات غضبك ، فلتعلم أن دموعي الآن لن تهدأ حتى تجد سبباً مقنعاً لرحيلك ، كأن هموم الدنيا لا تكفي ، فاذ برفيقي يرحل لمجرد لخبطة أفكاره ، حقا ؟؟؟ ، هذا كل ما يمكنك أن تبرر به غيابك ؟؟ ، و لتعلم أن لا مبرر يستحق بكائي ليلاً، لا مبرر قادر على أن يرجع ما ضاع مني ، سأسامحك ، لكني أبداً لن أنسى ، ذئبتي تريدك ، لقد ضعفت ثانية بعدما استعدتها ، لازلت أنتظر عودتك ، رسالة منك ، لكنك لم تفعل
كنت أمشي بالصباح عند عودتي من عيادة طبيبتي النفسية ، كان كل ما يملأ تفكيري ، هو سؤلي هذا الذي لم أمل من أن أسأل نفسي كل مرة : " هل نسيني؟" ، أعلم أنها ليست سوى خمسة أيام على ذهابك ، لكن لا شيء قادر على منع فكري عن التخيل ، لا أريدك أن تنساني ، لأني لم و لن أنساك يوماً ، كنت أفكر و لم ألحظ اغرورقة عيناي ، أوقفتني طفلة صغيرة ، سألتني ما بي و ما الذي يزعجني ، أجبت كعادتي بلا شيء ، فسألتني بعدما أنكرت : أرحل عنكي حبيبك ؟؟؟ ، لقد كان سؤالاً طفولياً و عفوياً لكنه نجح في إثارة دموعي ، بالكاد استطعت أن أجيب نفسي ، فكونت تلك الحروف بعقلي :
" من رحل عني رفيقي ، سنلتقي ثانية حينها ستكون أكثر هدوءا ، و سأكون أنا أكثر صمتاً ، سأختار الصمت عوض إخبارك أنني حزينة ، أني منكسرة ، لأنك لست من عرفته أول مرة ، من أحببته لم يكن ليتركني لوحدي في مجابهة مشاعري ، لقد واجهتها تلك المرة و أخبرتها أني أحبك ، أخبرتها أني مستعدة للتغيير من أجلك ، لكنك جعلت مني حمقاء أمامها ، أمام مشاعري الخاصة التي لم تشهد ضعفي من قبل ، أشفقوا على حالي جميعاً حينما رأوني أبكي بغرفتي ، لقد أشفقوا علي لأنني متروكة ، لأني منسية "

(هالينا ...)

سنوات الضياع Where stories live. Discover now